البيئة المدرسية هي الميدان التعليمي، والبستان التربوي الذي يتعهد احتضان البراعم الطلابية، وسقيها من ينابيع العلم والإيمان والفضيلة، استعدادا لمواجهة الحياة، ومواكبة المستجدات والمتغيرات. وتوسم البيئة المدرسية بالبيئة الجاذبة عندما تتبنى دورها الفاعل في تقديم برامج تعليمية وتربوية نوعية، غايتها إعداد متعلمين دائمي التعلم، هدفهم الرئيس اكتساب المعرفة وإنتاجها ومواكبة التطورات الحياتية في جو ممتع ومحفز، يعمل على تطوير مهاراتهم الأساسية، وتنمية مهاراتهم العقلية في حل المشكلات، تحقيقا للذات وتوطيدا لعرى التعايش مع الآخرين. وترتكز البيئة المدرسية الجاذبة على مجموعة من المبادئ التي تصب جل اهتمامها على المتعلم، باعتباره ثروة الوطن المستقبلية ومحور العملية التعليمية، وتسعى لغرس قيم التعلم الإتقاني، كما تسهم في بناء الشخصية الوطنية الفاعلة معززة فيها الشعور بالمسؤولية الذاتية في التعلم من أجل المعرفة والعمل والإنجاز الذي يحقق النمو الشامل للدارسين. وترمي الأهداف المحورية للمدرسة الجاذبة إلى رفع المستوى التحصيلي للطالب معرفة وسلوكا وتحسين العلاقات الإنسانية، وتشجيع الطالب على ممارسة إستراتيجيات التعلم الذاتي ومهارات التفكير الإبداعي وتطوير مهاراته في التواصل الاجتماعي المتمثلة في الإلقاء والحوار والمناقشة، وتتضافر جهود الإدارة المدرسية والهيئة التعليمية وأولياء الأمور من أجل تطبيق وتنفيذ برامجها التعليمية التربوية وأنشطتها الاجتماعية والثقافية والعلمية والفنية والكشفية والرياضية، كما تعتمد في ممارساتها التدريسية على الإثارة والتشويق والتطبيق العملي والخبرات التعليمية من خلال توظيف إستراتيجيات التعلم وطرائق التدريس الحديثة، كالتعلم التعاوني والتعلم باللعب والتعلم بالتحقق العلمي والتعلم بالتجريب والاستكشاف مراعية اختلاف الأنماط الشخصية وتنوع ذكاءاتها. وتولي المدرسة عنايتها لخدمة البيئة التعليمية من خلال توفير القيادة الحكيمة والمعلم القدوة والعمل بروح الفريق الواحد وتوثيق العلاقة بين المعلم والطالب والتواصل المستمر مع أولياء الأمور، كما تهتم بالنمو المهني للمعلمين والإداريين من خلال تمكينهم من حضور الدورات والبرامج التطويرية، تعزيزا لكفاءاتهم وتدعيما لخبراتهم. وعندما يكون تصميم المباني المدرسية عصريا، تتوافر فيه المرافق والتجهيزات والتقنيات، والمسطحات الخضراء والملاعب والمختبرات ومراكز مصادر التعلم والمكتبات الإلكترونية، والمسارح التي تنفذ فيها الأنشطة والفعاليات كالمسابقات الاجتماعية والعلمية والأدبية والرياضية والثقافية حتما سيوفر ذلك بيئة صفية جاذبة، تضم بين دفتيها التعلم والترفيه. وتعتمد البيئة المدرسية الجاذبة على ميزان العدالة في تطبيق التقويم المستمر ومراعاة الفروق الفردية بين الطلاب، وتوفير فرص المشاركة للجميع متخذة من مبدأ الإثابة والتحفيز روضة خصبة لغرس القيم وشحذ الهمم، للارتقاء بالمستوى التحصيلي للطلبة وحل مشكلاتهم بأساليب راقية عبر عقد الحوارات المفتوحة والندوات المدرسية، التي تتيح لهم فرصة إشباع حاجاتهم وتأكيد ذواتهم والتعبير عن أفكارهم وهمومهم. وستبقى البيئة الصفية الجاذبة الأيقونة الفاعلة لصناعة المتعلمين في ظل التفاعل الإيجابي بين المعلم والمتعلم ومادة التعلم، ولذا يجب أن تتسم بمقومات الأمن والسلامة والإبداع والتميز من اتساع في المساحة وانتظام للصفوف وتوفر للتقنية والوسائل التعليمية المختلفة، لتنجح في بلوغ مقاصدها التربوية والتعليمية في مناخ تفاعلي مفعم بالبهجة والأمن النفسي والعاطفي والاحترام المتبادل، لتكون عامل جذب للطلاب، ومضمارا لصقل مواهبهم وتوجيهها واستثمارها، لتؤتي أكلها الطيب في المنافسات الوطنية والعالمية.