نشتهر في الخليج العربي خصوصًا المملكة العربية السعودية ببلوغنا مستويات عالية من الإنفاق والاستهلاك ولعل ما يظهر من تقارير دورية من البنوك المركزية وما فيها من إحصائيات لقيم السحب من أجهزة الصراف أو نقاط البيع لهو إشارة واضحة لقدرتنا وطاقتنا الاستهلاكية الكبيرة. فقد بلغ إجمالي ما تمّ سحبه من نقد عبر المصارف أو الشبكة السعودية خلال شهر ديسمبر من العام 2011 وبحسب النشرة الدورية لمؤسسة النقد العربي السعودي 49,3 مليار ريال من هذا الإجمالي فإن 46.7 بالمائة منه تمّ سحبه عبر الشبكة السعودية وهو ما يمثل قيمته 23 مليار ريال سحبت من خلال 42,2 مليون عملية مما يجعل متوسط السحب للمرة الواحدة 550 ريالًا عبر أجهزة الصرف الآلي، أما ما تم من عمليات شراء عبر نقاط البيع الموزعة في المحلات والمتاجر والبالغ عددها 88,7 ألف نقطة بيع فكان إجمالي عملية الشراء التي تمت عبرها بنهاية شهر ديسمبر 8,9 مليار ريال من خلال 17,7 مليون عملية شراء بمتوسط 500 ريال لكل عملية شراء تمت خلال الشهر وهذا ما يجعلها في نطاق المستلزمات الاستهلاكية للافراد وأغلبها بطبيعة الحال تأتي هذه السحوبات وعمليات الشراء بنسبة عالية لمصلحة قطاع التجزئة المدرج جزء منه في سوق الأسهم السعودية «تداول». يتشكل قطاع التجزئة المدرج في سوق الأسهم السعودية من تسع شركات تختلف في تخصُّصاتها عن بعضها إلا أنها جميعها تصبُّ في التجزئة ويمكن تقسيمها بحسب نشاطاتها إلى خمسة أقسام، فشركة أسواق عبدالله العثيم والشركة الوطنية للتسويق «ثمار» يعملان في نفس التخصص في المواد الغذائية، وشركتا ساسكو والدريس يعملان في نفس التخصص والمجال فيما يخص المحروقات وتعمل الحكير وجرير وفتيحي رغم اختلاف تخصصاتها في كل مستلزمات الافراد، أما المواساة فهي الشركة الوحيدة المدرجة في السوق المحلية والعاملة في المجال الطبي والصحي وأخيرًا شركة الخليج للتدريب والعاملة في كل ما يخص التدريب والتعليم وهي الوحيدة المدرجة في السوق والعاملة في هذا المجال. ويعتبر قطاع التجزئة أحد القطاعات الدفاعية التي يتحرّك نحوها المستثمرون في حال ما إذا سادت الأسواق حالة من الضبابية لكون هذا القطاع يمسّ الاحتياجات الدائمة واليومية للافراد. يتأثر قطاع التجزئة بالموسمية، فلكل شركة موسم ترتفع فيه مبيعاتها وبالتالي ينعكس أثرها على النتائج المالية لكل شركة، ومن شركات القطاع شركات تلبّي الاحتياجات الفردية اليومية وبالتالي فإن أثر الموسمية عليها يكاد يكون معدومًا وهذا ما توضّحه مبيعات القطاع، فشركة أسواق عبدالله العثيم مثلًا كونها تلبية الاحتياجات اليومية للأفراد تحافظ على مستوى مبيعات ثابت يبلغ 935 مليون ريال ربعي، وكمثال آخر فإن شركة كشركة فتيحي دائمًا يكون للموسمية أثر في مبيعاتها وأربحها ويبلغ متوسط مبيعات الشركة الربعي 45 مليون ريال مع تذبذب بحسب المواسم، وبين شركات القطاع تستحوذ شركتا جرير والعثيم على أكبر قيم مبيعات ضمن القطاع بمتوسطات تقارب وتتجاوز المليار ريال ربعي. وقد بلغت مبيعات قطاع التجزئة في العام الماضي 14,7 مليار ريال استحوذت مبيعات الربع الرابع منها على ما نسبته 24.87 بالمائة ليبلغ اجمالى مبيعات القطاع في الربع الرابع 3,6 مليار ريال، ويبلغ متوسط هامش الربح للقطاع من المبيعات 21.16 بالمائة، فمقابل كل ريال يدفعه المستهلك يحقق تاجر التجزئة بالمتوسط ربحًا إجماليًّا بمقدار 21.16 هللة، أما على صعيد المبيعات فإن متوسط النمو الربعي لمبيعات القطاع يبلغ 3.12 بالمائة وبحسب الأرباع الأربعة الأخيرة لقطاع التجزئة، وبمقارنة مبيعات قطاع التجزئة مع إجمالي السحوبات النقدية نجد أن نصيب هذا القطاع يمثل فقط 1.2 بالمائة من إجمالي ما تمَّ سحبه من المصارف والشبكة السعودية وتمثل مبيعات القطاع 14.9 بالمائة من إجمالي عمليات نقاط البيع في المملكة وهذه المقارنات للعام الماضي 2011. ورغم أن عدد الشركات في القطاع يبلغ 9 شركات إلا أن قطاع التجزئة ما زال صغيرًا بالمقارنة مع عدد الشركات الموجود وحجم عمليات الشراء. وبنهاية الربع الرابع من العام الماضي بلغ صافي ربح قطاع التجزئة كاملًا 267,326 مليون ريال يتحرّك هذا القطاع ضمن مكرر ربح 15.2 مضاعف وتبلغ القيمة السوقية لقطاع التجزئة بنهاية تداولات الأربعاء 25 يناير 2012 ما قيمته 22,8 مليار ريال ما يمثل 1.8 بالمائة من إجمالي القيمة السوقية لسوق الأسهم السعودية. وبالرغم من أن تخصُّصات بعض الشركات المدرجة من حيث السلع متشابهة إلا أن الأداء الربعي والسنوي لها متفاوت ولهذا أسباب عدة تكون لحجم الشركة من حيث رأس المال والتاريخ والنقطة الأهم هي كفاءة الإدارة لتلك الشركات، فبالرغم من تشابه التخصُّص والسلع والكثافة السكنية والانتشار العمراني فإن هذا التفاوت بين الشركات، وبالإمكان أخذ العثيم وثمار كمثال، لهذا يشير وبدقة إلى قدرة الإدارة وكفاءتها في زيادة مبيعاتها والوصول لأكبر عدد من المستهلكين. وبمقارنة هامش الربحية لشركات القطاع ومتوسط هامش الربح للقطاع ككل نجد أن أربع شركات منها تتمتع بهامش ربحية أعلى من متوسط هامش ربحية القطاع ككل وهي المواساة، فتيحي، الحكير، وأخيرًا الخليج للتدريب، ورغم ذلك فإن انخفاض هوامش الربحية لدى الشركات الباقية لا يمكن أخذه بأنه نقطة ضعف على تلك الشركات لكونها تعتمد على هوامش ربحية أقل يكون الاعتماد الأكبر على حجم دوران المخزون وهو ما يكون له أثر على أداء هذه الشركات ونتائجها المالية فتخفيض هامش الربح مساعد مباشر في زيادة حجم المبيعات وبالتالي يلعب هذا دورًا في زيادة الأرباح ومواصلة هذه الشركات لتسجيل النمو في أرباحها، وتتحمّل الشركات الكبرى منها والمعتمدة على الاستيراد مخاطر تغيّر أسعار الصرف بين البلد المصدّر وبين التاجر والتحرّك العالمي مثلًا لأسعار السلع الغذائية على سبيل المثال. - محلل أسواق المال