الإعلام الوطني.. خيار غائب..

الإعلام مكوّن من مكونات الوعي، والرأي، والفهم.. والإعلام قوة.. وأداة من أدوات التعبئة السياسية.. والتجنيد الفكري.. والتأثير النفسي.. فأحيانا قوة السياسة تنبع من قوة وقدرة أداء الإعلام على التوجيه.. والتأطير بما يناسب أجندة معينة.
في ملتقى حول دور الصحافة في نصرة قضايا الوطن التي نظمها ملتقى «صحفيون» كان من المتحدثين بفلسفة عميقة ملفتة سعادة الدكتور فهد العسكر أستاذ الإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود.. وطرح سياقا جديدا لمنحنى إعلامي مهم وضعه في دائرة الوطن ودعم توجهاته وهو «الإعلام الوطني».. وتحدث عن أن تحرير تعريف هذا المصطلح أصبح ملحا.. وأن هذا المفهوم ليس له أدبيات أو محتوى مطروح عربيا حيث إنه يندر أن تجد طرحا يخرجه إلى مساحات الوعي، والفهم، والتطبيق.. وهذا الطرح يستحق فيضا من التأمل، والدراسة.
إن هذا الاتجاه الإعلامي هو مطلب وضرورة في واقعنا الوطني.. حيث إن أوضاع التبعية الإعلامية للآخر بالإضافة إلى الاستحواذ الالكتروني على عقولنا جعلنا مبرمجين بطريقة خادعة.. حولت أفهامنا، وأساليب تلقينا للرسالة الإعلامية إلى متأثرين لا مؤثرين.
في هذا السياق تبرز أهمية صناعة المحتوى الإعلامي بأسلوب استثنائي مخطط ومدروس يضمن التوازن، والتأثير المطلوب في تدفق مضامين هذا المحتوى، وتداوله بذكاء لإحداث تناغم في الآلة الإعلامية الموجهة.. ولعلها تكون بديلا واضحا عن الاجتهادات العشوائية المتفرقة التي تمزق توجهات الوطن بطريقة متناقضة يرتبك معها المتلقي.
لذا فالمؤسسة الإعلامية بالتنسيق مع جهات وطنية ذات علاقة ومن منطلق وضع ورسم هوية للإعلام الوطني مطالبة بإنتاج وتطوير وسائل الإعلام والاتصال، واستنهاض الهمم، والتعرف على الدور المناط والمطلوب منه، واستهداف السيطرة الإعلامية على العقل الفردي والجمعي خصوصا في ظل أي أزمة يواجهها الوطن حيث إن لوسائل الإعلام الوطني دورا ملفتا في التصدي، والتوجيه، والمواجهة.
ويبقى القول: لا بد من صناعة إعلام وطني يحمل رسالة الدولة، ويوحد الجهود والرؤى، والأطروحات، يضمن عدم تبعية، أو تأثر المجتمع من أي برامج مشوهة عن بلادنا تبثها وسائل خارجية.. ويتماهى مع توجهات الدولة في القضايا المصيرية، والحيوية خصوصا ما يتعلق بالأمن الوطني والسياسي والاقتصادي ويكون قادرا على المبادرة، والتعاطي والتفاعل السريع مع أي مستجدات، ويكون قادرا على حماية وتعزيز الصورة الايجابية عن الوطن، وتحسين السلبي منها.