اعذرنا لأن بَعضنَا توقف عن التفكير من أجلك وانشغل بالتفكير من أجله وتناسينا أننا مكون واحد. اعذرنا يا وطن فقد كان من أبنائك وبَنَاتِك من استبسل ليعلمنا كيف نكتب، وكتب بَعضُنَا ما أساء لنا أو لك. اعذرنا يا وطن في كل كلمة نقد يفترض أن تكون هادفة وطعنت خاصرتك دون قصد أو أضرت بالشرفاء من أبنائك، فقد انهارت مفاعلات اليابانيين في يوم وليلة ونهضوا بعدها! بينما اغرق المطر بعض مباني مؤسساتك وصروحه العظيمة فأشبعناك تهكماً وأشبعنا المسؤولين قدحاً وسخرية. اعذرنا يا وطن فلن ننصفك كمواطنين وجهات في تكريم أبنائك من القادة والوزراء والمديرين والكتاب والمفكرين والشعراء والمهندسين والمعلمين وتذكرنا القلة فقط منهم. اعذرنا فبعضنا استحدث تصنيفات فكرية قمعية وأشبع بَعضُنَا البعض توبيخاً. اعذرنا يا وطن فعلى حدودك كرس أبناؤك الشهداء دروسا من دم، ضحى كل من استطاع بحياته لئلا يدنس أي مخلوق ذرة من ترابك، ضحوا بأنفسهم وبأسرهم وبكل ما أحبوا ويحبون من أجلك، ومع هذا ما زال من أبنائك وبَنَاتِك من يصر أن يكتب ذكرياته على أحدث مشاريعك، ويرمي بمخلفاته في شوارعك وشواطئك وبراريك وبحارك، سامحنا فقد أشبعناك براً وأذى. اعذرنا يا وطن فبعضنا نصب خياماً لكل عابر سبيل من أجلك بينما أباد بَعضُنَا الآخر الشجر والحجر ولم تسلم منه حتى ضيوفك الطيور المهاجرة، ولا نعلم يقيناً لو تركوا على عبثهم وفنت مقدراتك، ماذا سنطعم أولادنا! اعذرنا يا وطن فكثيرنا أحسن تمثيلك هنا وهناك، وليعذرنا كل من بنى معنا هذا الوطن الشامخ من غير السعوديين، والعرب وغيرهم، والمسلمين وغيرهم وتركنا وهو يظن أننا لم نكرمه كما يستحق، وليكن من خلال أمجادك ونجاحاتك أن نجدد لهم الشكر والذكر. سامحنا يا وطن، فأنت لنا جميعاً وبيعتك في أعناقنا وكلنا أبناء لك، وما زلت الأرحب بِنَا وبحبنا وبجهلنا. سامحنا فأنت أولاً وأبداً رأس أولوياتنا. سنظل نذكر فضلك علينا وتقصيرنا تجاهك، وستظل دوماً الأكبر والأجمل والأرحب بِنا وبالعالم أجمع.