بدأت السعودية يوم الأحد الماضي (20 أغسطس)، خطوات عملية في تأسيس مركز خليجي - أمريكي لمكافحة تمويل الإرهاب، وذلك في إطار تنفيذ بنود الاتفاقية المشتركة، التي تم التوقيع عليها خلال القمة الخليجية الأمريكية الثالثة، التي عقدت في الرياض في مايو الماضي. وهذا المركز سوف يختص بمراقبة التحويلات المالية الصادرة أو الواردة من وإلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتبادل المعلومات المشتركة بهذا الشأن، وسوف يكون مقره بالرياض. وهذا يؤكد عزم السعودية وبقية الدول الخليجية لتجفيف منابع الإرهاب ومصادره، والتي أصبحت تشكل هاجسا ومصدر قلق عالميا، ويؤثر على أمن واستقرار النظام المالي والاقتصاد. فالسعودية أصبح لها باع طويل في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، من خلال الجهود التي تبذلها لمواجهة هذه الجرائم وحرصها على التعاون مع مختلف الأطراف والمنظمات الإقليمية والدولية على رأسها مجموعة العمل المالي (FATF) ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا(MENAFATF) ومجموعة إيجمونت لوحدات المعلومات والتحريات المالية (The Egmont Group of Financial Intelligence Units) الأمر الذي جعلها تتبوأ مركزا متقدما في هذا الشأن. ففي شهر يونيو 2015 اصدرت مجموعة (FATF) خلال اجتماعها الذي عُقد في مدينة بريزبن في أستراليا، قرارا بالإجماع يقضي بالموافقة على منح السعودية مقعد مراقب بعد إشادة الفريق بدور المملكة البارز في مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح. وشرعت السعودية فورا بعد ذلك بالاستعداد لثالث تقييم والمقرر أن تخضع له في يونيو 2018، والتي تسعى الرياض من خلاله الحصول على العضوية الدائمة في مجموعة (FATF). وكانت السعودية من أوائل الدول التي وافقت على تطبيق التوصيات الأربعين لمكافحة عمليات غسل الأموال الصادرة من فريق العمل المالي (FATF) عام 1990م، والتوصيات التسع الخاصة بمكافحة تمويل الإرهاب وانتشار التسلح. حيث كانت تشارك في اجتماعات مجموعة (FATF) بصفتها عضوا في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، وتلتزم بتطبيق جميع المعايير الدولية في هذا المجال. وقد خضعت السعودية لتقييمين لهما في (2003-2004، و2009-2010) وقد اجتازتهما بدرجات امتثال مرتفعة واحتلت صدارة ترتيب الدول العربية وأحد المراكز العشرة الأولى في الترتيب العام ل(G20). كما ان السعودية عضو في مجموعة «أجمونت الدولية» لوحدات المعلومات والتحريات المالية (The Egmont Group of Financial Intelligence Units). حيث انضمت المملكة في عام 2009 بعد ان استوفت كافة متطلبات الانضمام إلى المجموعة. ومجموعة «أجمونت الدولية» هي هيئة غير رسمية تأسست في عام 1995 وتهدف الى تعزيز التعاون الدولي بين وحدات المعلومات المالية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وتضم المجموعة في عضويتها حاليا (127) دولة لديها وحدات معلومات مالية عاملة. وعلى النطاق الإقليمي، تعد السعودية إحدى الدول العربية المؤسسة لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا(MENAFATF)، التي أسست عام 2004 والتي اعتمدت المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الصادرة عن مجموعة العمل المالي (فاتف). وتشارك وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب السعودية في عضوية فريق عمل المساعدات الفنية والتطبيقات وفريق عمل التقييم المشترك في المجموعة. وفي الجولة الثالثة لعمليات التقييم المشترك تم تقييم السعودية، كعملية مشتركة بين اللجنة المالية ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد أثنت المينافاتف على الدور التي تقوم به السعودية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتوفيرها لدرجات التقيد بالتدابير المعمول بها في هذا الشأن. لا شك أن السعودية هي خير تجربة شرق أوسطية في مكافحة الإرهاب وضرب تمويله، وأن تأسيس مركز خليجي - أمريكي لمكافحة تمويل الإرهاب في الرياض، هو قطعا إقرار دولي بأن المملكة أصبحت عضوا فاعلا وقادرا على المشاركة في الجهود الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأن ما حققته من نجاحات منقطعة النظير خلال الفترة الماضية أصبحت نموذجا يحتذى به إقليميا وعالميا.