درس من دروس الحج ومشهد من مشاهده العظام جهاد الضعيف والكبير والمرأة، إنه الصبر الذي يتربى عليه الحاج في أداء هذه الفريضة العظيمة والجليلة، فالحج مدرسة الصابرين، وميدان فسيح للتدرب على الصبر. طاعة الله والصبر والحاج يتدرب في ميدان الحج على أنواع الصبر: الصبر على محارم الله والصبر على أقدار الله المؤلمة. فالحاج يصبر على بذل المال والجهد البدني، ويصبر على ما يلاقيه من فراق الأوطان والأهل والأولاد، ويصبر على ما يلاقيه من إرهاق وتعب ونصب وزحام ومشقة. وهكذا يتبين لنا عظم الارتباط بين الحج والصبر ويتضح لنا أن الصبر سبيل لاكتساب ذلك الخلق العظيم الذي أمر الله به وأعلا مناره وأكثر من ذكره في كتابه، وقال جل في علاه: (ولمن صبر وغفر إِن ذٰلِك لمِن عزمِ الأُمُورِ) وقال: (وبشرِ الصابِرِين) ويكفي الصابرون فرحا وفخرا محبة الله لهم (واللهُ يُحِبُ الصابِرِين)، وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وجدنا خير عيشنا في الصبر، ولو كان الصبر رجلا لكان كريما، وأما أجر الصابرين ف(إِنما يُوفى الصابِرُون أجرهُم بِغيرِ حِسابٍ).