فيما تكثف ميليشيا حزب الله اللبنانية وقوات الأسد وفصائل مدعومة من إيران، عملياتها العسكرية بجرود عرسال، لقي العشرات من مقاتلي الحزب حتفهم في مواجهات مع قوات المعارضة السورية المشتركة في منطقة القلمون المقابلة لعرسال على الحدود السورية اللبنانية، كشف المستشار العسكري في الجيش السوري الحر ل«اليوم» عن أن هدف المرحلة الثانية من هجمات الأسد وميليشياته الطائفية، هو السيطرة على المسطحات والمصادر المائية. بدوره قال المتحدث الرسمي باسم سرايا الشام التابعة للجيش السوري الحر عمر الشيخ لوكالة الأنباء الألمانية: «قتل أكثر من 30 عنصرا من حزب الله اللبناني، الذي بدأ الجمعة هجومه على جرود عرسال وفليطة في منطقة القلمون، حيث أوهم الثوار عناصر الحزب أن المقرات أصبحت خالية مما دفع عناصر الميليشيا بالتقدم، ثم شنوا عليهم هجوماً وقتلوا المجموعة المتقدمة بشكل كامل». ويتبدى تسارع نظامي الأسد وإيران إلى بسط سيطرتهما على «مصادر المياه»، في المناطق الخاضعة لاتفاقات «خفض التوتر» في البادية الجنوبية، التي تقع تحت يد فصائل المعارضة السورية، بينما لا تزال آلية مراقبة تطبيق «اتفاق وقف إطلاق النار» (الهدنة) في جنوب غرب البلاد «غير جاهزة». وتشهد مناطق البادية الجنوبيةلسوريا صراعاً محموماً، إذ تكثف «مرتزقة الأسد» و«الميليشيا الطائفية» (المدعومة من إيران) من هجماتها، للسيطرة على المسطحات المائية الرئيسة في المنطقة الممتدة حتى «معبر التنف» الحدودي مع العراق. وتضم مناطق سيطرة المعارضة الممثلة ب«فصائل الجيش السوري الحر» و«قوات أخرى»، مخيمات للنازحين الفارين من ويلات الصراع، فيما تمس هجمات النظام وميليشياته، التي تحظى بغطاء جوي روسي، القاطنين ب«مخيم الحدلات» على الحدود الأردنية. السيطرة على المسطحات وتشير مصادر ميدانية من «المعارضة السورية» ل«اليوم»، إلى «زج مرتزقة الأسد والميليشيا لما قوامه لواء عسكرياً (نحو 3500 مقاتل)، فضلاً عن نحو 100 آلية عسكرية مدرعة، تساندها طائرات عسكرية روسية في المناطق البادية الجنوبية، بهدف السيطرة على مسطحات التزود المائي». وتشمل الميليشيا المذهبية مقاتلي «النجباء» (عراقية موالية لإيران) و«الباسيل» (الإيرانية)، و«حزب الله» اللبناني الموالي لإيران، و«لبيك يا سليمان» (ميليشيا درزية)، فيما تشارك «مرتزقة الأسد» بعدد قليل من العناصر. وقالت المصادر، في تصريحات متطابقة ل«اليوم» عبر الهاتف: «إن أهداف الهجمات هي السيطرة على المسطحات المائية، وفصلها عن مناطق المعارضة». وباستثناء «سد الزلف»، القريب من «معبر التنف»، أخفقت قوات الأسد وميليشياته من تحقيق أي تقدم، وفق ما أفادت به المصادر، التي أكدت «عجز المهاجمين عن تحقيق أي إنجاز عسكري يغير من الترتيبات الميدانية ومناطق سيطرة المعارضة». ولم تنف المصادر سعي الطرف المهاجم إلى السيطرة على المصادر والمسطحات المائية الأخرى، إلا أنها أكدت عجزها عن ذلك، وبقاءها في «مناطق صحراوية خالية». ويشكل «سد الزلف» المصدر المائي الرئيس لفصائل المعارضة السورية، التي تسيطر على معبر التنف الحدودي، الخاضع لاتفاق مناطق خفض التوتر. الاشتباكات لا تزال مستمرة وفي تعليقه على المجريات الميدانية، قال المستشار العسكري في الجيش السوري الحر العقيد أبو يعقوب، وهو قيادي في ألوية الشهيد أحمد العبدو: إن «الاشتباكات لا تزال مستمرة في مناطق البادية الجنوبية، الخاضعة لاتفاق خفض التوتر». وبيّن العقيد أبو يعقوب، في اتصال هاتفي مع «اليوم»، أن «المرحلة الثانية من هجمات الميليشيا الطائفية المدعومة من حرس إيران، تسعى إلى السيطرة على المسطحات والمصادر المائية، فيما كانت المرحلة الأولى لهجماتها تطمح إلى السيطرة على المعابر الحدودية، وهو ما عجزت عنه». وأشار أبو يعقوب إلى «المقاومة العنيفة التي تبديها فصائل المعارضة السورية، وإحباطها المستمر لتقدم الميليشيا المذهبية باتجاه الجنوب، الهادفة السيطرة على اكبر مساحة جغرافية ممكنة». وبشأن سيطرة «مرتزقة الأسد» و«الميليشيا» على مناطق صحراوية وخالية من السكان، قال أبو يعقوب: إن «هذه الأطراف تسعى إلى بسط سيطرتها على اكبر مساحة ممكنة من البادية الجنوبية لتكون ورقة بين أيديها، يصار إلى توظيفها في أي مفاوضات دولية، فضلا عن حشر قوات الجيش الحر ضمن منطقة ضيقة تحد من قدرته على الحركة والمناورة العسكرية». ويقضي «اتفاق مناطق خفض التوتر» في سوريا -الذي توصلت إليه روسيا وتركيا وإيران، ولم تشارك فيه الولاياتالمتحدة- بخفض حدة الصراع بين «المعارضة السورية»، من جهة و«نظام الأسد وحلفائه» من جهة أخرى، في مناطق البادية والجنوب السوري، إلا أنه لا يزال عصياً على التطبيق، خاصة في ظل مسعى نظام الأسد إلى السيطرة على المعابر الحدودية جنوباً باتجاه الأردن. اتفاق دون تنفيذ وعلى خط موازٍ، لا يزال «اتفاق وقف إطلاق النار» في جنوب غرب البلاد -الذي توصلت إليه الولاياتالمتحدةوروسيا في العاصمة الأردنيةعمان- دون آلية تنفيذية، وفق ما أفاد به وزير الإعلام الأردني د.محمد المومني. وقال الوزير المومني، في تصريح صحفي تسلمت «اليوم» نسخة منه: إن «الاتفاق المشترك، الذي توصل إليه الأردن مع الولاياتالمتحدةوروسيا، ويقضي بدعم وقف إطلاق النار في جنوب غرب سوريا، من شأنه أن يعزز جهود ترسيخ الأمن والاستقرار والتوصل الى حل سياسي للأزمة السورية». بيد أن الوزير الأردني أكد أن «آلية مراقبة وقف إطلاق النار، في مناطق جنوب غرب سورية، غير ناجزة، ولا تزال في مراحل صياغتها الأخيرة»، مبينا أن هذا الاتفاق «يشكل اختباراً وتحدياً، لروسيا وأمريكا، بصفته نقطة تحوّل، وسابقة يسعى البلدان للبناء عليها لحل النزاع السوري». ويختلف «اتفاق وقف إطلاق النار» في مناطق جنوب غرب سوريا، الذي توصلت إليه واشنطن وموسكو في عمّان، عن اتفاق خفض التوتر في البادية والجنوب السوري، الذي تُرِك دون آلية تنفيذية، ولم تشارك في ترتيباته الولاياتالمتحدة. تشهد خروقات حقيقية وتكشف الوقائع الميدانية أن تطبيق «اتفاق وقف إطلاق النار» (الهدنة) في جنوب غرب سوريا لا يزال يخضع لتحديات حقيقية من جانب قوات الأسد وميليشياته، وهو ما تشي به التصريحات الصادرة عن «فصائل الجبهة الجنوبية»، التي تضم نحو 37 فصيلا سورياً معارضاً. واعترف الناطق الإعلامي ل«فصائل الجبهة الجنوبية» الرائد عصام الريس، في حديث ل«اليوم» بأن «المناطق الخاضعة لاتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب الغربي السوري لا تزال تشهد خروقات حقيقية». وبيَّن الرائد الريس أن «الخروقات تنفذها قوات ميليشيا موالية لنظام بشار الأسد، وتشمل قصفا مدفعياً بالهاون، وأدت إلى سقوط قتلى وجرحى». واعتبر الريس أن فصائل الجبهة الجنوبية «تحتفظ بحق الرد على الخروقات، التي شهدتها الهدنة في الجنوب الغربي السوري منذ بدء تطبيق الاتفاق الأمريكي-الروسي المبرم في العاصمة عمان». ودخل «اتفاق وقف إطلاق النار» في مناطق جنوب غرب سوريا حيز التنفيذ في 9 يوليو الجاري، ويشمل ثلاث محافظات سورية، هي: السويداء ودرعا والقنيطرة، فضلاً عن هضبة الجولان المحتلة ومناطق حدودية من «إسرائيل» (فلسطينالمحتلة). ويتمركز في مناطق جنوب غرب سوريا فصائل المعارضة السورية المنضوية في «الجبهة الجنوبية»، وفي مقابلها نظام الأسد وميليشيا إيرانية وحزب الله اللبناني.