من أجل تعديل اتجاه البوصلة القطرية لتصحيح مسارها بشكل كامل وجذري، والعودة لمحيطها الخليجي العربي، أكدت المملكة ضرورة حل الأزمة مع قطر داخل إطار مجلس التعاون الخليجي، معبرة عن أملها في تغليب الدوحة لصوت الحكمة؛ لتكون المنطقة في وضع أفضل مما هي عليه الآن. وشدد وزير الخارجية عادل الجبير خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الإيطالي أنجلينو ألفانو في روما الجمعة، عقب مباحثات ثنائية بينهما، على ضرورة حل الأزمة مع قطر داخل إطار مجلس التعاون الخليجي، معبرا عن الأمل في أن تغلب الدوحة صوت الحكمة لوضع أفضل للمنطقة مما هي عليه الآن، وقال: «تحدثنا عن الوضع مع قطر، وشرحت للوزير ألفانو القرارات التي اتخذتها المملكة، والإمارات، والبحرين، ومصر، ضد الدوحة بسبب دعمها الإرهاب وتمويله، وإيواء الإرهابيين، والتحريض، ونشر خطاب الكراهية، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول». وأردف الجبير: «قدمنا إلى أشقائنا القطريين مجموعة مطالب تقع ضمن هذه المبادئ ونأمل أن تسود الحكمة في قطر وأن يستجيبوا بشكل إيجابي لهذه المطالب لنطوي هذه الصفحة ونمضي، وسننتظر حتى يحدث التغيير المرجو»، وأضاف: «ينبغي أن لا يكون هناك أي تسامح مع التطرف والإرهاب، ويجب أن نجد حلولا لهذه المشاكل»، مبينا أن في المنطقة العديد من الأمور الأخرى التي يجب أن نهتم بها، وقال: «نحن عازمون على المضي برؤية المملكة 2030 وتطوير اقتصادنا ومستوى المعيشة»، مشيرا إلى «أن التعامل مع الإرهاب والتطرف يعقد هذه العملية»، موضحا «أن هناك اتفاقا على العمل مع شركائنا وحلفائنا في إيطاليا لدحر هذه الآفة». وأكد وزير الخارجية «أن الدول الأربع أقدمت على هذه الخطوة ليس من أجل إلحاق الضرر بقطر، بل على العكس قامت بذلك عن ألم». إيران تشعل الطائفية وحول العلاقات مع إيران، قال الجبير: «إن إيران تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتشعل الطائفية، وتزرع الخلايا الإرهابية في دولنا، وتنتهك الاتفاقيات الدولية فيما يخص الصواريخ الباليستية، وترسل حرسها الثوري إلى سوريا، والعراق، واليمن، وتهرب السلاح والمتفجرات في الكويت، والبحرين، واليمن، لضرب استقرار المنطقة»، مضيفا: «لدينا طرف منغمس في السلوك العدواني منذ 1979م وأطراف أخرى تتلقى هذا السلوك العدواني وهذا ما يتعلق بسعي إيران للسيطرة على المنطقة وهو أمر لن نسمح بحدوثه». وفيما يخص عملية السلام في الشرق الأوسط ذكر الجبير «أن الجميع يعرف كيف تبدو التسوية، دولتان لشعبين وعاصمتها القدس، وأن تكون القدسالشرقية عاصمة للفلسطينيين»، وقال: «يجب أن ندفع الأطراف لهذا الاتجاه، ولا يجب السماح للأحداث والممارسات أن تصرف الأطراف عن بلوغ هذا الهدف»، معربا عن الأمل بأن تسود الحكمة وأن يتمكن الناس من الصلاة في المسجد الأقصى دون تدخلات. كما ذكر معالي وزير الخارجية أنه تبادل مع نظيره الإيطالي وجهات النظر بشأن القضايا الراهنة، وقضايا الإرهاب والتطرف، والأوضاع في شمال إفريقيا، والشرق الأوسط بشكل عام، بالإضافة إلى استعراض العلاقات الثنائية التاريخية والإيجابية في العديد من المجالات كالتجارة والاستثمار والتعليم والتشاور السياسي وسائر القطاعات التي يتطلع الجانبان لتوسيعها. من جانبه وصف الوزير الإيطالي المباحثات التي أجراها مع الوزير الجبير بالإيجابية، مؤكدا وجود العديد من الفرص لتعزيز وتعميق العلاقات مع المملكة، منوها بأهميتها كشريك تجاري. خطاب تناقضات المواقف وفي سياق خطاب أمير قطر عن أزمة مقاطعة الدول الخليجية لبلاده، تضمن الخطاب عدة تناقضات، أبرزها التي تناولت موقف الدوحة من جهود الوساطة. وتدحض الوقائع على الأرض ما قاله الأمير، فأولى العقبات أمام الوساطة الكويتية كان تسريب الدوحة لقائمة ال13 مطلبا، التي قدمتها الدول الداعية لمكافحة الإرهاب للدوحة لتنفيذها، فضلا على ذلك، حرص الشيخ تميم على إبراز قطر تحت حكمه كدولة تحترم العهود والمواثيق سواء المكتوبة أو الشفهية، وهو ما يتناقض مع سلوك الدوحة تجاه أزماتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أوضحت تسريبات بثتها وسائل إعلام أمريكية مؤخرا لوثائق مؤتمري الرياض عامي 2013 و2014 التكميلي، وكيف نقضت الدوحة ما تم التوصل إليه في محاولة لنزع فتيل الأزمة السابقة المماثلة. وترى أصوات كثيرة خرجت من بين القطريين، وفقا لوسائل إعلامية إماراتية، لتندد بالسياسات التي تدير بها الدوحة أزماتها، خصوصا أن الشعب القطري لا يريد أن يتضرر من سياسات غير محمودة العقبى، وضعته أمام اتهامات دولية بدعم الإرهاب، وتسببت بفرض مقاطعة على الدولة، جراء الأدوار التي تورط بها نظامها. في المقابل، أدرك العقلاء في الدوحة أن تورط نظام بلادهم في صناعة الإرهاب، وتأسيس ميليشيا متطرفة، ودعمها بالمال والسلاح في العراقوسوريا واليمن وليبيا أمر سيرتد في نهاية المطاف عليهم دون ذنب اقترفته أيديهم، لتزداد المحصلة وبالا عليهم، بسبب قيادة لا تأبه بمصالح شعبها، ولا بحياتهم، وسيؤدي هذا لطفو تيارات كثيرة معادية لسياسة الدولة، من أجل إثبات أن للأشقاء القطريين كلمتهم، خاصة وأن المملكة والإمارات والبحرين لا ولن يعادوا الشعب القطري. رد إماراتي واضح إلى ذلك، جاء الرد الإماراتي على القرار الذي أعلنته الدوحة بتعديل قانونها لمكافحة الإرهاب -وعلى لسان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش- قالت أبوظبي: إن ضغط الأزمة يؤتي بثماره، وإن الأعقل تغيير التوجه ككل، وهو ما يعني أن الكرة في الملعب القطري إذاً، رغم أن اللاعب في الدوحة يبقى مصرا على المناورة وتحديد شروط مغايرة. فتعديل قوانين مكافحة الإرهاب القطرية ولوائحها يأتي بعد أيام من توقيع مذكرة تفاهم بشأن مكافحة الإرهاب بين واشنطنوالدوحة، لكن الأخيرة لم تربط بين تعديلاتها المعلنة والزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إليها، والاتفاق الذي تمخض عنها. وأرادت قطر الظهور كأنها مستقلة بقراراتها، وقادرة على الاستمرار في تجاهل مطالب محيطها المحقة. محاولات قطرية أفشلتها تسريبات دبلوماسية كشفت عن فحوى الوثيقة الأمريكيةالقطرية الموقعة، التي ستقوم واشنطن بموجبها بإرسال مسؤولين لمكتب النائب العام القطري. كما ستقوم قطر بموجبها، وبإِشراف أمريكي، بتوجيه الاتهام علنا إلى أفراد متهمين بتمويل إرهابيين، بالإضافة إلى إجراءات أخرى ستمتد إلى فرض حظر على السفر وفرض مراقبة وتجميد أصول الأفراد المشتبه بصلتهم بالإرهاب. خطوات بطيئة قد تغدو إيجابية في نهاية المطاف، لكن شروط الانطلاق نحو النهاية المرجوة ثابتة خليجيا، ولن تتغير، وهو موقف كرره وزير الخارجية عادل الجبير، هذه المرة من العاصمة الإيطالية. وقال الجبير: قدمنا لقطر قائمة بالمطالب التي تندرج تحت مجموعة المبادئ، ونأمل أن تسود الحكمة وتكون قطر قادرة على الاستجابة لهذه المطالب حتى نتمكن من فتح صفحة جديدة، لكن يبدو أن الصفحة لم تفتح بعد، فأسباب القطيعة باقية بسبب محاولات قطر المراوغة والقيام بدور المظلومية، وما يجب عليها القيام به أولا هو تمزيق ورقة الإرهاب، وثانيا التوقف عن دعمه، ومن ثم استدارة الوجهة القطرية نحو محيطها الإقليمي الخليجي والعربي.