بالضبط في 28 يناير 2014 نشرت مقالًا قلت فيه إن يوسف القرضاوي، الذي صنف إرهابيًا الآن، هو القادر من (عرشه) في قطر على مواصلة التأليب والتحريض على بلده مصر وعلى جيشها وعلى أهلها الذين يفتنهم كل يوم بفتاواه المرسلة على هواه وهوى من وظفوه ليلعب بالنار والدم في بيوتهم، بل ويلوّح بتلك النار أمام بيوت منطقة الخليج، التي باتت تضيق به وبارتكابات البغي والعدوان في خطابه المنبري والإعلامي بشكل عام.وهذا القرضاوي، من باب التذكير لمن نسي أو تناسى، هو نفسه الذي أفتى للمسلمين الأمريكان بالقتال في أفغانستان. وهو نفسه الذي لم يتردد لحظة واحدة في حياته عن دعوة القوات الأجنبية للتدخل العسكري في بلدان العرب والمسلمين، بل كان يلوم بعض الدول التي تتباطأ عن هذا التدخل. وهو نفسه الذي يفرق الأمة الإسلامية على هواه، ويمزقها شيعا وطوائف يضرب بعضها رقاب بعض. وهو نفسه الذي يُخرج من جراب الحاوي ما شاء من السحر ليضلّل الناس. أليس هو من أصدر تلك الفتوى التي حرّم فيها الثورة ضد حكم الإخوان والخروج على الحاكم الشرعي محمد مرسي؟ تلك الفتوى التي اعتبرتها مشيخة الأزهر «إمعانا في الفتنة»، ونذير حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس على أرض مصر. لكن ما يهم القرضاوي إن عاش أهل مصر أو ماتوا جميعا، وإن تقدمت مصر أو تأخرت، وإن جاع أهلها أو شبعوا؟ المهم لديه، ولو سُفحت دماء نصف المصريين، أن يبقى الإخوان في الحكم، ليقرّبوه من مطامعه، وإن ظلموا وتعسفوا واستأثروا بالرقاب والمغانم والمناصب. وبالتالي حين نتدبّر في فتاوى القرضاوي ومواقفه، في السابق وفي الحاضر، فلن نستكثر منه، وهو من مؤسسي مدرسة الأممية الوهمية، هذا السيل العارم من التضليل وأدلجة الخطاب الديني لصالح جماعته، التي أطاحت بها الوطنية المصرية ممثلة بكل أطياف الشعب المصري، الدينية والثقافية والاجتماعية. ولن نستغرب منه توظيف النص الديني، وهو يعرف قبلنا أن هذا النص حمّال أوجه، لكي ينتصر للجماعة الباغية التي سقطت، رغم العصا الغربية والأمريكية التي لوحت بها.ولن نستغرب، أيضا، أن القرضاوي، الذي لوّح بعصا الغرب في وجه مصر وهدد أمنها وألب وحرض عليها، يُسخّر منبره منذ فترة، في ظل الحماية القطرية، التي أقل ما يمكن أن يقال عنها انها ملتبسة، ليدق أسافين الفرقة في علاقات دول الخليج في محاولة لتمزيقها كما حاول أن يمزق من قبل كل الأنسجة الوطنية والاجتماعية العربية، التي يبدو أن القرضاوي وعصابته ومريديه لا يرتاحون لرؤيتها آمنة مطمئنة. هذا هو القرضاوي وهذا هو حال كل من يعجن الدين بالسياسة ليقدم خبزًا مسمومًا للناس.