يتمتع العالم الإسلامي بعلاقات جيدة ومتميزة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وخصوصا السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتعليمية، في المجالات التي ظلت على مر العقود تشهد نموا وازدهارا، رغم الاختلاف معها حول القضية الفلسطينية والقدس وطريقة التعامل مع الأزمات في بعض الدول الإسلامية والعربية. وقد شكل إنشاء إسرائيل عام 48 نقطة تحول كبرى في علاقات العالم الإسلامي مع الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ بسبب الأضرار التي لحقت بالشعب الفلسطيني، وشعور الشعوب الإسلامية بانحياز السياسة الأمريكية للجانب الإسرائيلي مع تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني. وتضافرت هذه الأحاسيس مع حالة التخلف الاجتماعي والاقتصادي في العديد من دول العالم الإسلامي، الأمر الذي أتاح الفرصة لقيام جماعات متطرفة عملت على تضليل الشباب وضمهم إلى اتجاهاتها المتطرفة مستغلة في ذلك حالة اليأس التي تسود هذه المجتمعات، وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 الإرهابية فتحت القيادة الأمريكية الحوار مع العالم الإسلامي لمواجهة آفة الإرهاب والتصدي للفكر المتطرف الذي شوه تعاليم دين الإسلام السمحة وحولها إلى ادعاءات وتفاسير تحرض على العنف والإرهاب لتلائم أهدافه. وكانت إحدى قنوات الحوار من خلال منظمة التعاون الإسلامي (منظمة المؤتمر الاسلامي سابقا) بوصفها الصوت الجامع للعالم الإسلامي التي تضم في عضويتها 57 دولة إسلامية، مما يجعلها ثاني أكبر منظمة دولية بعد الأممالمتحدة، وتمثل 1.7 بليون مسلم منهم الجماعات والأقليات المسلمة في أنحاء العالم، وتنضوي تحت مظلتها عدة مؤسسات تهتم بالشأن الاقتصادي والتنموي والثقافي والتعليمي والعلمي والثقافي والإنساني والاجتماعي والإعلامي في العالم الإسلامي. وفي عام 2007 أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش لدى زيارته المركز الإسلامي في واشنطن عن قراره استحداث منصب مبعوث خاص لدى منظمة المؤتمر الإسلامي؛ بهدف تعزيز الصلات مع العالم الإسلامي وتحسين صورة الولاياتالمتحدة، وكانت هذه بداية لعلاقة بناءة ومفيدة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية ومنظمة التعاون الإسلامي. وفي ديسمبر 2008 بدأ التعاون بين الجانبين في المجال الصحي، حين وقعت الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي مع الولاياتالمتحدةالأمريكية على إطار تعاون بينهما في مجال الرعاية الصحية تحت عنوان «توفير الرعاية الصحية الطارئة لجميع الأمهات والأطفال في الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي»، يهدف إلى توفير الرعاية الصحية لمليون من الأمهات وأطفالهن سنويا، وانطلق المشروع بداية في مالي وبنغلاديش. وتلا هذا التعاون شراكة بين الطرفين من أجل القضاء على شلل الأطفال، وتطور التعاون ليشمل بعد ذلك التعاون في المجال الإنساني، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عام 2012 وتم تجديدها عام 2016 وهي تحدد معالم الإطار الخاص بالتعاون الذي يشمل المشاورات المتبادلة والحوار الاستراتيجي وتبادل المعلومات والمشاركة في عملية التنسيق. ومنذ الإعلان عن تلك الالتزامات، شاركت المنظمة والوكالة الأمريكية في جهود دعم التدريب للجهات المستجيبة للحالات الإنسانية حول أفضل الممارسات، وتوجد خطة عمل مشتركة بين المنظمة والوكالة. وفي نقلة نوعية للتعاون بين منظمة التعاون الإسلامي والولاياتالمتحدةالأمريكية، ومع تنامي مشاعر الكراهية للمسلمين في الغرب، حيث يتعرض المسلمون لمختلف أشكال الرقابة والشك والنمطية السلبية في العالم من مظاهر العنصرية التي تجب معالجتها، وقعت المنظمة والولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي على قرار صادر عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول «مكافحة التعصب والقولبة النمطية السلبية والوصم والتمييز والتحريض على العنف وممارسته ضد الناس بسبب دينهم أو معتقدهم» في مارس 2011م. وبعد ذلك بأشهر قليلة انطلق «مسار اسطنبول» في اجتماع عقد في إسطنبول برئاسة مشتركة للأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي ووزيرة الخارجية الأمريكية. وأصدر الرئيسان المشاركان بيانا مشتركا في نهاية الاجتماع دعيا فيه جميع الجهات المعنية في العالم إلى الأخذ على محمل الجد نداء العمل الذي جاء في القرار رقم 16/18 والذي يسهم في تعزيز أسس التسامح واحترام التنوع الديني وتشجيع حقوق الإنسان والحريات الأساسية وحمايتها عبر العالم. وعلى أن يستمر انعقاد اجتماع «مسار اسطنبول» كل عام لمتابعة تنفيذ القرار 16/18. ونتيجة للحروب في العراق وسوريا برزت تنظيمات إرهابية جديدة مثل تنظيم داعش، التي أوقعت العديد من الجرائم الإرهابية المختلفة في جميع أنحاء العالم بما في ذلك العديد من دول العالم الإسلامي، وقد رأى العديد من المسلمين أنهم الخاسر الأكبر حيث تم إخضاع مئات الملايين لدفع ثمن جرائم ترتكبها قلة من المجرمين المتعصبين، وتم استغلال الحرب على الإرهاب من بعض الجهات لتشويه صورة الإسلام وزيادة وتيرة «الإسلاموفوبيا» ولقد أثبتت الأحداث أن المسلمين هم من بين أكثر المتضررين من الإرهاب ويعاني المسلمون من ويلات تلك الجماعات التي رهنت الإسلام بقراءاتها الضحلة للنصوص الدينية، في ذات الوقت الذي يتعرض المسلمون فيه لادعاءات الأحزاب والتيارات اليمينية المتطرفة، ولأصوات الإسلاموفوبيا وكلها تشوه صورة الإسلام والمسلمين وتحملهم وزر ما يعانيه العالم من ويلات. لقد كان هذا الوضع الذي تم فيه التنميط وربط العمل الإجرامي بفئة معينة أمرا ظالما وأحدث جرحا عميقا في مشاعر المسلمين. واتساقا مع هذا الوضع، شهد التعاون بين منظمة التعاون الإسلامي والولاياتالمتحدةالأمريكية تطورا ملحوظا في مكافحة الإرهاب. وقد حضر الأمين العام السابق الجلسة الأولى للقمة العالمية حول مكافحة التطرف العنيف في واشنطن في 2015 حيث أكد في كلمته أنه من المهم أن نصل إلى فهم واضح لجذور الإرهاب، والتيارات التي تموج في داخله، مؤكدا أن منظمة التعاون الإسلامي ملتزمة بمكافحة الإرهاب وتشكيله «التطرف العنيف»، وتتمسك بموقفها المبدئي ضد الإرهاب بجميع أشكاله وتجلياته، مهما كان من اقترفه وحيثما وقع، وتجدد التأكيد على رفضها القاطع لجميع محاولات ربط الإرهاب بأي بلد أو جنس أو دين أو ثقافة أو جنسية. وفي إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها المنظمة لمواجهة «التطرف العنيف»، عقدت اللجنة التنفيذية للمنظمة اجتماعا طارئا يوم 15 فبراير 2015. وتضمن البيان الختامي للاجتماع الاتفاق على بعض الخطوات والبرامج المحددة لتعزيز مساعي المنظمة الرامية إلى التصدي للتطرف العنيف. وأعلن الأمين العام السابق في الخطاب الذي ألقاه في مؤتمر القمة الدولي لمكافحة تنظيم داعش والتطرف العنيف، الذي افتتحه الرئيس الأمريكي في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 سبتمبر 2015 عن إنشاء مركز للإرسال في مقر الأمانة العامة للمنظمة بهدف مكافحة الدعاية والخطاب المتطرفين. وقال الأمين العام إن مركز الإرسال يندرج في إطار الجهود المتواصلة للمنظمة والتزامها الحازم بالكفاح من أجل تفكيك الخطاب المتطرف. واستمرارا للتعاون بين منظمة التعاون الإسلامي والولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث التقى وفد من المنظمة مع مسؤولين من وزارة الخارجية في الولاياتالمتحدةالأمريكية في مستهل المشاورات بينها وبين الولاياتالمتحدةالأمريكية، في واشنطن في ديسمبر 2016. ورحب نائب وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية السفير توماس شانون بالمشاورات وبوفد المنظمة، مشددا على العلاقات الوثيقة بين المنظمة والولاياتالمتحدةالأمريكية. وتم خلال الاجتماع تبادل وجهات النظر بخصوص عدد كبير من القضايا ذات الأهمية بالنسبة لمنظمة التعاون الإسلامي، من بينها الوضع في فلسطين، والوضع الراهن لأقلية الروهينجيا المسلمة، وأزمة اللاجئين الدولية، والمساعدة الإنسانية، ومسار إسطنبول، وأهمية الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وقضايا المرأة العالمية، والإرهاب وغيرها من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وأكد الطرفان عزمهما على مواصلة التعاون في عدد من المجالات، ولا سيما فيما يتعلق بمنع التطرف، وزيادة إمكانية الوصول إلى فرص العمل، وخصوصا في صفوف الشباب، وتعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات. وتم التركيز خلال الاجتماع كذلك على أهمية استمرار علاقات الشراكة مع عدد من الجهات، بما في ذلك وكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدةالأمريكية والبرامج المعنية بمنع العنف ضد المرأة. ويُعول على هذه الاجتماعات التشاورية الثنائية في زيادة تعزيز التعاون بين منظمة التعاون الإسلامي والولاياتالمتحدةالأمريكية، وستعقد بالتناوب بين واشنطن العاصمة وجدة في المملكة العربية السعودية سنويا. مباحثات ولي ولي العهد مع الرئيس ترامب عززت العلاقات السعودية الامريكية (ليوم) العلاقات السعودية الامريكية تاريخية وراسخة