باتت عملية التنمية إحدى القضايا الهامة التى تشغل اهتمام كافة الحكام وقيادات الدول والهيئات والمنظمات الدولية، وخاصة عندما أصبحت ترتبط بصورة مباشرة بالعنصر البشرى، ومنذ التسعينيات أصبح مفهوم التنمية البشرية هو الأكثر استخداما في تقييم مستويات التنمية بالدول من قبل الأممالمتحدة وخاصة منذ عام 1990 حيث التقرير الأول للتنمية البشرية الصادر عن الأممالمتحدة والبرنامج الانمائى، حيث صيغت التنمية البشرية لتشير إلى تلك العملية التي تُعنى بالعنصر البشري، وتعمل على توسيع نطاق قدراته التعليمية وتنمية خبراته وتطويرها، ومن ثم أصبحت التنمية البشرية بمثابة تلك العملية التي تستهدف الارتقاء بالبشر ورفع مستواه المعيشي عبر تأهيله للحصول على الدخل المناسب الذي يؤهله لعيش حياة كريمة، ويصبح بجهده هذا عنصرا منتجا وفعالا في المجتمع، وفي الحقيقة يعد مؤشر التنمية البشرية اداة مركبة حيث يستخدم هذا المؤشر كمقياس للتنمية من خلال الربط بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية معا، ومنذ ذلك الحين تسعى العديد من الدول الى تحقيق مؤشرات ايجابية للحصول على تقديرات متقدمة في السياق المتدرج للتنمية البشرية وفقا لهذا المؤشر، ولهذا يجب أن يتحقق النمو الاقتصادي مع توفر معدلات نمو واضحة في مستويات التعليم والصحة والاسكان ومستوى المعيشة، حيث يستهدف مؤشر التنمية البشرية المركب رصد التطور الذي يحدث خلال فترات زمنية محددة للتعرف على النقلة التي حدثت فى أحوال البشر، حيث معرفة معدل العمر المتوقع عند الميلاد كمؤشر صحي، ومعدل القراءة والكتابة بين البالغين ومعدل التمرس والانتظام في التعليم مؤشر تعليمي، ونصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالى كمؤشر اقتصادي، ولهذا يعتبر الهدف الرئيسى من السعي لقياس التنمية البشرية هو تقويم مدى الجهد المبذول في سبيل الوصول الى الاهداف التنموية المنشودة، وهو فى حد ذاته مؤشر يساعد في اعطاء صورة واقعية عن الوضع الراهن، وعليه يمكن للمخططين الاعتماد عليه من اجل صياغة التخطيط المستقبلي ورسم السياسات التنموية وصناعة القرارات الاستراتيجية المتعلقة بالبرامج التنموية، ومن ثم اتخاذ الاجراءات والتدابير الضروربة حول المسارت التي يجب التوجه نحوها والآليات الفاعلة لاتخاذ خطوات استباقية بشأنها. ولكي نحقق التنمية البشرية يجب احداث تضافر لكافة الجهود واستثمار طاقات الشباب والعمل على انعاش الاقتصاد وجلب الاستثمارات وتنشيط عجلة الصناعة والانتاج، كما يجب ان تسير تلك الامور مدعمة باستخدام وسائل التقنية الحديثة والتكنولوجية، ان احراز مكانة في السياق المتدرج للتنمية البشرية لن يتحقق الا بتضافر كل الجهود والتخصصات وتكاتف ابناء الوطن من اجل تنفيذ المشروعات الوطنية والسير قدما نحو تحقيق الرؤية الاستراتيجية المستقبلية، حيث ان التنمية البشرية تؤكد على ان الانسان هو غاية التنمية ولذا تنظر الى النمو الاقتصادي بانه وسيلة لضمان الرخاء المجتمعى ولا يحقق النمو الاقتصادى مردودا إلا إذا ارتبط بتقدم واضح في التعليم والصحة ومستوى المعيشة معا، فالتنمية البشرية ما هى إلا عملية لتوسيع الخيارت المتاحة امام الانسان باعتباره جوهر التنمية ذاتها، أي أنها تنمية الناس بالناس وللناس، ومن هنا نؤكد اننا شعبا وقيادة عازمون على إحراز كل التقدم والخير لمملكتنا الحبيبة ووطننا الغالي ولأجيال المستقبل؛ لكي يعيشوا حياة كريمة مليئة بالعزة والرخاء.