أكد آكاديميون ومختصون أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لليابان؛ تؤسس لمرحلة جديدة، ونقلة نوعية في العلاقات بين الرياضوطوكيو، بجانب فتحها المجال أمام رجال الأعمال والمستثمرين بخلق شراكات سياسية واقتصادية على نطاق واسع مع دولة ذات وزن سياسي واقتصادي عالمي. وشددوا في تصريحات ل«اليوم» أن الزيارة ستعزز العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين الصديقين، مشيرين إلى أن تحرك المملكة وزيارات الملك سلمان بن عبدالعزيز الآسيوية؛ يأتي في ظل رؤية 2030 والتحول الوطني 2020. علاقات تاريخية مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عضو هيئة كبار العلماء الأستاذ الدكتور الشيخ سليمان بن عبدالله أبا الخيل، أشاد بزيارة خادم الحرمين الى اليابان التي تأتي تعزيزا للعلاقات التاريخية بين الرياضوطوكيو، وقال: إن علاقة البلدين تميزت خلال السنوات الماضية، خاصة مع افتتاح المعهد العربي الإسلامي في طوكيو، إحدى المنارات الثقافية التي قامت المملكة بإنشائها لتؤدي رسالتها الحضارية؛ خدمة لأبناء المسلمين وربطهم بأمتهم وحضارتهم، إضافة للربط الحضاري والثقافي والتبادل المعرفي بين شعبي المملكة واليابان. وأضاف عضو هيئة كبار العلماء: إن حكومة خادم الحرمين تسعى إلى خدمة أبناء المسلمين وتسخر إمكانياتها لتعليمهم ونشر العلم الشرعي واللغة العربية، ومن هذا المنطلق، وتحقيقاً لهذا الهدف قامت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وبتوجيه ولاة الأمر بافتتاح عدد من الكليات والمعاهد في الدول العربية والإسلامية بالإضافة إلى البلدان التي يوجد فيها جاليات إسلامية، مع مراعاتها الكثافة السكانية، لخدمة أكبر عدد من المسلمين. وأشار أبا الخيل الى أن المعهد العربي الإسلامي في طوكيو يعتبر جسرا للتواصل الثقافي بين الشرق الأقصى والمملكة، موضحا أن العاملين في المعهد يبذلون قصارى جهدهم لتحقيق الطموحات والآمال التي يتطلع إليها المسؤولون في المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمير محمد بن نايف، وولي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظهم الله -. ويواصل عضو هيئة كبار العلماء حديثه قائلا: إن المعهد يمتلك برامج منهجية وأنشطة علمية وتعليمية، متميزة في تعليم اللغة العربية، وتقديم الثقافة الإسلامية على أساس من الثوابت الجوهرية التي تسير عليها المملكة، وهي ثوابت الدين الإسلامي، ومبادئه السمحة، وسياستها الخارجية المستمدة من ثوابت العقيدة وتعاليم الشريعة، ولا يتم نشاط المعهد إلا من خلال التنسيق التام والدائم مع كل من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الجهة التي تتولى الإشراف الأكاديمي والمسؤولية الإدارية على المعهد، إضافة لسفارة خادم الحرمين بطوكيو. دفعة للمزيد من جهته قال د. حسين آل درع، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية: «إن ما يميز جولة الملك الحالية، أنها تشمل الدول ذات القوة الاقتصادية العالمية؛ وفي مقدمتها اليابان والصين»، مؤكدا ان الاتفاقيات التي ستوقع معها ستحقق فوائد اقتصادية كبيرة لكل الأطراف، وستفتح المجال أمام رجال الاعمال والمستثمرين للاستفادة من ذلك بما يحقق الفوائد المرجوة. فيما أكد ناصر القحطاني عضو هيئة تدريس بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية ان زيارة خادم الحرمين الى اليابان «تجيء في وقت تعاني فيه كثير من الدول من حالة اضطراب وفوضى، نتيجة عدم الاستقرار السياسي فيها، فيما تنعم الرياضوطوكيو بأمن واستقرار مكنهما من تحقيق انتعاش اقتصادي كبير فيهما». وأضاف «ومن هذا المنطلق سيكتب النجاح لأي اتفاقيات شراكة متوقعة خلال الزيارة». وقال: «لا شك ان الزيارة ستكون فاتحة طيبة لتحرك كبير من قبل المستثمرين والشركات في كلا البلدين»، متمنيا «ان تحقق الزيارة اهدافها كاملة بما يحق مصالح الشعبين الصديقين». إطار الرؤية وأكد د. أحمد الفاضل عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية، أن جولات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الآسيوية، «تأتي في إطار رؤية المملكة 2030 والتحول الوطني 2020»، كما أنها تهدف لإيجاد شراكات جديدة مع دول ذات ثقل سياسي واقتصادي كاليابان. وأشار الى أن «مردود الزيارة سيتلمسه الشارع السعودي قريبا»، واصفا الزيارة ب«التاريخية التي ستؤسس لمرحلة قادمة من الشراكات الفاعلة بين الرياضوطوكيو». ومن جانبه، قال المحكم الدولي والمستشار القانوني علي بن محمد القريشي: «يوجد حاليا بالمملكة 87 مشروعا تشارك فيها شركات يابانية برؤوس أموال واجمالي تمويل يتجاوز ال 55 مليار ريال ويتركز معظمها في القطاع الصناعي»، وأضاف «من المؤمل أن نجد أنفسنا في عام 2020، وقد ارتفع حجم الاستثمارات بين البلدين بمعدلات أعلى، وبخاصة أن اليابان تعد ثالث أكبر اقتصاد في العالم وبحجم اقتصاد يتجاوز ال 4 تريليونات دولار». وأوضح القريشي «أن المملكة بدأت تطبيق برنامج طموح للتحول الوطني حتى 2020 في سياق الرؤية الاستراتيجية الشاملة 2030، وأحد أعمدتها تحفيز الشركات العالمية الرائدة - ومن بينها بكل تأكيد الشركات اليابانية - لضخ مزيد من الاستثمارات في المملكة في القطاعات الرئيسية كالطاقة والبتروكيماويات، وايضا في القطاعات الواعدة والمستهدفة». فرص وظيفية ولتحقيق رؤية 2030، أكد القريشي، أنه تم تكثيف وتسريع خطوات تحسين البيئة الاستثمارية ورفع تنافسيتها دوليا، وتطوير الفرص الاستثمارية في عدد من القطاعات الواعدة ذات المقومات غير المستغلة لتمكين الاستثمارات الرائدة والنوعية التي بدورها تخلق فرصا وظيفية ملائمة للمواطنين والمواطنات وتزيد من الناتج المحلي غير النفطي. وأشار المستشار القانوني، إلى أن المملكة بحلول عام 2030 تهدف إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد من 40% إلى 65% من الناتج المحلي الإجمالي، وتطمح لبناء نظام وأكثر قوة (echo system) للشركات الصغيرة والمتوسطة لزيادة مساهمتها السنوية في الناتج المحلي الإجمالي من 20% إلى 35%، مع زيادة مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الناتج المحلي الإجمالي من 3.8% إلى 5.7%، مضيفا: «إنه قد تم مؤخرا فتح الاستثمار الأجنبي بملكية 100% في القطاع التجاري كإحدى الخطوات الجادة نحو تمكين مزيد من الاستثمارات». وبين القريشي «أن قطاع الأعمال الياباني يبحث عن مزيد من الفرص للنمو والتوسع في الاستثمار والانتاج خارج حدوده، والمملكة هي القاعدة الانسب التي تتيح له التوسع في أسواق الشرق الاوسط وافريقيا، بما تمتلك من مقومات وفرص، لتحقيق أعلى معدلات الربحية بأقل مخاطرة في بيئة مناسبة وبنية تحتية متطورة، مع التحسين الدائم والتطوير المستمر للإجراءات والأنظمة». تعاون متكامل وحول نتائج الزيارة وما ستحققه من تعاون متكامل، قال د. محمد الصبيحي استاذ الاعلام: «إن المملكة واليابان تربطهما عدة اتفاقيات تهدف إلى تعزيز التواصل الثقافي والعلمي أبرزها مذكرة تعاون بين وزارة التعليم في المملكة، ونظيرتها اليابانية»، مشيرا إلى «دورهما في تحفيز التبادل العلمي والمعرفي بين البلدين، بهدف دعم العلاقات العلمية والتعليمية وتشجيعها للتعاون بين الجامعات والمؤسسات الأكاديمية ومؤسسات البحث العلمي في كلا البلدين». وأوضح أن المذكرة نصت على «تشجيع الطرفين على تبادل أعضاء هيئة التدريس والباحثين وتدريب العاملين والكوادر البشرية في مؤسسات التعليم العالي، إضافة إلى تبادل المعلومات والدراسات الجامعية والمؤهلات الأخرى والمشاركة في اللقاءات والندوات وورش العمل العلمية والتعليمية التي تقام في البلدين». وأضاف الصبيحي: «وقعت جامعتا الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ وكيوتو اليابانية، اتفاقية في استزراع النباتات الطبية العطرية». واسترسل قائلا: «إضافة لاتفاقية بين جامعتي الملك فيصل وكانازاوا اليابانية، تضمنت التعاون في مجالات التعليم والبحث العلمي والتدريب وتنظيم اللقاءات العلمية وتبادل المعلومات والتبادل الطلابي». وواصل في سرده للاتفاقيات الموقعة، مشيرا إلى توقيع الهيئة العامة للسياحة والآثار اتفاقية تعاون مشترك مع جامعة كانازاوا اليابانية للتنقيب عن الآثار في عدد من المواقع الأثرية التي تعود إلى العصور الحجرية في المملكة، بجانب مذكرة بين جامعة الباحة ومعهد أوساكا للتقنية اليابانية للتعاون الهندسي في التخصصات المدنية والبيئية، وتشمل تبادل البحوث والأبحاث المشتركة وتبادل أعضاء هيئة التدريس والطلاب والتعاون في تطوير الخطط الدراسية وصولاً إلى الاعتماد الأكاديمي في هذه البرامج. وبين الصبيحي انه انطلاقاً من حرص المملكة على اطلاع الشعب الياباني الصديق على مخزونها الحضاري والعلمي والثقافي، وتعزيز الحوار السعودي الياباني نظمت الملحقية الثقافية في اليابان الأسبوع العلمي الثقافي في مدينة أوساكا؛ التي تعد ثاني أكبر مدن اليابان، حيث اشتملت فعالياته على ندوات ومعارض في أربع جامعات ومراكز ثقافية وحكومية يابانية مما يكفل لها وصولاً أكبر لمختلف شرائح المجمع الياباني. وختم الاستاذ الاعلامي، حديثه ل«اليوم» بأن إنشاء المعهد العربي الإسلامي في طوكيو عام 1982، الذي أدُخل بواسطته تعليم العربية في اليابان، يمثل صورة من صور كثيرة لما تقدمه المملكة من خدمة للغة العربية وما تحمله من ثقافة في اليابان.