دول مجلس التعاون الخليجي تجمعها كل عام إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة في محفل ثقافي مسرحي متميز، تتنافس فيه الفرق المسرحية على جوائز مالية ثمينة، تحت مسمى (مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي)، وللإيضاح فهذا المهرجان مبادرة محمودة من صاحب السمو الدكتور والكاتب المسرحي المتميز الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة، الذي لبّى نداء عددٍ من المسرحيين الخليجيين حينما تمنوا عليه شخصيا في أحد لقاءاته بهم بأن يكون لهم مهرجان مسرحي يتنافسون فيه، وتحتضنه الشارقة، دعما للحركة المسرحية الخليجية وتطويرا لها. قبل أيام كنت أحد المدعوين لحضور الدورة الثانية من هذا المهرجان، وبعد مشاهدتي العروض المتنافسة بوسعي أن أخلص إلى تصور نهائي لما قُدم، ولأن المصلحة العامة تقتضي منّا الموضوعية والمصداقية أرى ضرورة تقييم التجربة دون خجل أو مواربة، فمبادرة الشيخ سلطان القاسمي الكريمة، والجهود الكبيرة التي تقدمها دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة بوصفها المُنَظّم للمهرجان تستحقان منا الشفافية، فلم نحظَ سوى بروعة التنظيم وحسن الضيافة وجمال الحدث، وهذا يحملنا كمسرحيين خليجيين مسؤولية كبيرة، والأمر الذي يزيدنا مسؤولية تكفل الشارقة بمنح كل فرقة خليجية تمثل بلدها مبلغا ماليا يقترب من المائة ألف دولار، هذا بخلاف الجوائز المالية الكبيرة التي توزع على الفائزين، وهذه الحوافز تدفعنا للبحث عن (المُنتج) طالما كان الإنتاج سخيا إلى هذا الحد!! فأقولها وبصراحة شديدة كنا نأمل أن نشاهد أفضل مما شاهدناه، وأكثر اتقانا مما حضرناه، عروضا تترجم فعليا قوة الدّعم ومُغريات المنافسة، وإن كنت اشير بالاستثناء إلى العرض السعودي الذي اقترب من الجدية في الإعداد والتقانة في التنفيذ، والأمل معقود على القادم في هذه المنافسة المهمة للغاية للمسرحيين الخليجيين، ليواكبوا في عروضهم القادمة هذا الدعم السخي والتنظيم المتميز، خشية أن يتكرر ما نلحظه في العديد من المهرجانات المسرحية التي تتلقى فرقها معونة مالية قوية، بينما يظهر منتجها هزيلا وغير مقنع، وبهذا فنحن نلوم المسرحي إذا توافرت له الأسباب بينما هو تخاذل عن الأخذ بها، فالشكر كل الشكر للشارقة وشيخها لدعمه الكبير للمسرحيين الخليجيين، والعتب كل العتب على الفرق المسرحية التي لم تجتهد لصنع حالة تنافسية تواكب التطلعات، وهو تنبيه نعلنه للجولة القادمة من المنافسة لنكون أكثر جدية وأميز عطاء ومسرحة، إن كنا جادين في نقل مستوى المسرح الخليجي إلى حيز التفرد والتميز.