تشهد العلاقات التركية الامريكية بعد تنصيب الرئيس ترامب مرحلة جديدة معالمها وجود أمل بالافادة منه، وكذلك التوجس والقلق من سياساته وخاصة بعد تأخر الرئيس ترامب في الاتصال بالرئيس اردوغان، ولعل افضل من وصف الموقف التركي العاتب والمتوجس من شخص وسياسات الرئيس ترامب الكاتب مراد يتكين في صحيفة «حرييت» في مقاله بعنوان: ألم يكن من المفترض على ترامب أن يتحادث مع اردوغان بشأن المنطقة الآمنة في سوريا؟. يقول يتكين «رئيس الجمهورية إردوغان عبر عن رغبته في الحديث مع الرئيس ترامب في أقرب وقت عن سوريا وملفات الشرق الأوسط العاجلة، وأنه إذا لم يكن من الممكن الحديث وجها لوجه يمكن أن يتم ذلك عبر الهاتف، وأعلن أمام الرأي العام أن فريقه يعمل على هذا الأمر، وقد تم إبلاغ ترامب بهذه الرغبة التركية، أما ترامب، وبعد استلامه الرئاسة فقد أجرى عددا من الاتصالات الهامة مع عدد من الزعماء لكن ليس من بينهم الرئيس اردوغان».. وفي الوقت الذي كانت التوقعات أن تُشيع تصريحات الرئيس ترامب حول المناطق الآمنة في سوريا، أجواء من الفرح والغبطة في تركيا- لأنها اقتراح تركي بامتياز-، وكان يفترض أن الرئيس وحكومته «العدالة والتنمية» يقدمون الدعم وبكل حماس لترامب وهو الذي شرع بالحديث عن تشكيل المناطق الآمنة ما إن جلس على كرسي الرئاسة.. لكن هذا لم يحصل.. فالمتحدث باسم الخارجية التركية رد على تصريحات الرئيس ترامب بلهجة كانت غاية في البرودة والحذر قائلا: «المهم كيف ستكون نتائج هذه الدراسة، ونوع التوصية التي ستخرج بها».. خلاصة تصريحات الرئيس إردوغان للصحفيين في الطائرة، 25 من يناير الماضي، أوضحت أن أنقرة غير راضية عن وضع العلاقات الحالية بين أنقرة وواشنطن اذ قال الرئيس اردوغان «أول مسألة سنتناولها معهم هي مراجعة وتقييم العلاقات بين تركياوالولاياتالمتحدة من الناحية الإستراتيجية. اذ لا يمكن القول إن هناك تضامنا بيننا في مسألة الشرق الأوسط بالمستوى الذي يليق بنا كعضوين في الناتو». الكاتب مصطفي اكيول يقرأ أن فريق الرئيس اردوغان لا يزال يأمل ويراهن على الرئيس ترامب لسببين الأوّل براغماتيّ حيث الأمل بأن يساعد في تسليم فتح الله غولن وإيقاف سياسة إدارة أوباما الداعمة للقوّات الكرديّة السوريّة والتي تعتبرها تركيا إرهابيّة، اما السبب الثاني فهو أيدلويجي فشعبويّة ترامب مشابهة لشعبويّة أردوغان، وهو ما يؤدّي إلى تقارب في نظرة الرجلين العالميّة. حيث يوجد أسلوب مشابه لسياسة الرجل القويّ التي يحبّونها. وعندما يستنكر ترامب مؤامرات «المصرفيّين الداخليّين»، يؤكّد نظريّات المؤامرة الخاصّة بالطبقة الحاكمة الجديدة في تركيا. ويمثّل أردوغان وترامب كلاهما صرخة قوميّة وشعبويّة ضدّ النظام الليبراليّ العالميّ. رئيس الوزراء التركي السابق، أحمد داود أوغلو عاد بعد غياب عبر مقال حمل هجوماً مبكراً ولاذعاً على السياسة الخارجية لإدارة ترامب، واصفا قراره بمنع دخول رعايا دول إسلامية بأنه «مأسسة للإسلاموفوبيا بحيث تصبح سياسة حكومية لقوة عظمى» واشترك مع داود أوغلو الكتاب المحافظون فالكاتب أحمد فارول في صحيفة «يني عقد» (وهي صحيفة محافظة الخط) وفي مقال له بعنوان «ترامب يضعف الولاياتالمتحدة» قال «جميعنا نشعر بالانزعاج من القرارات والخطوات والمواقف المتعجرفة التي يتبناها ترامب لكن في نفس الوقت نرى أن هذا التعجرف سوف يسهم في تنفيس البالون الأمريكي شيئا فشيئا، وإفراغ غازه.. لكن ولكي يكون تنفيس هذا البالون من صالحنا في تركيا، علينا أن نتخذ نحن أيضا خطوات أكثر جرأة». ويصل الكاتب لقناعة وهي «أن سياسات ترامب ستدفع بالاخرين للبحث عن بدائل تجارية جديدة وتوسيع نطاق علاقاتها وسوف تكشف المشاكل الداخلية الكبيرة التي تعيشها الولاياتالمتحدة، فإن هذا سيفتح الباب على تزويد الدول المستاءة من السياسات الأمريكية التسلطية والمتعجرفة بالشجاعة للوقوف في وجهها». ما بين الأمل والتوجس، يوجد إلحاح تركي بالتواصل مع ترامب فالناطق باسم الرئاسة التركية د. إبراهيم كالن قال يوم الاحد إن الرئيس أردوغان سيجري اتصالا هاتفيا مع الرئيس ترامب قريباً..