أتفق تمامًا مع مُطالبة الأستاذ سليمان الحميد، محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية سابقاً، بضم مؤسستي التقاعد والتأمينات في جهة واحدة وتوحيد النظام لتخفيض التكاليف المالية والتقنية على كل منهما، وبضم المؤسستين، فإن إيجابياتها أكثر من سلبياتها، وستنهي تمامًا مشاكل ضم الخدمات بين النظامين ونحتاج إلى تعديل نظام تبادل المنافع بين المؤسستين بحيث من استلم حقوقه المالية التقاعدية من أحد النظامين ورغب في إعادتها وضم خدماته عن السنوات تلك أن تُحقق رغبته ويُشار إلى أن سليمان الحميد قد طالب بضم المؤسستين وشدّد حسبما أوردت صحيفة «الرياض- الأسبوع المنصرم على أن الصناديق التقاعدية بالسعودية تواجه عجزا (اكتواريا) في الوقت الحالي وأنه لا يجب ترك هذا العجز يتراكم حتى لا يصل الوقت الذي يكون من الصعب سد الثغرة، وقال الحميد إن رفع الاشتراكات في التقاعد والتأمينات يواجه صعوبة كبيرة؛ لأن دخل المواطنين الحالي لا يتحمل رفع قيمة الاشتراكات، وأضاف إن هناك حلولاً أخرى تحسن من الأوضاع المالية للصناديق التقاعدية بالنسبة للتقاعد العسكري والمدني، ومنها فرض إجراءات أكثر صرامة على من يطالب بالتقاعد المبكر. وللإيضاح للقارئ الكريم فإن العلم (الاكتواري) أو علم تخمين المخاطر Actuarial science الذي ذكره الحميد هو ذلك المبحث العلمي الذي يستخدم الطرق الحسابية والإحصائية لتقدير حجم المخاطر في قطاع التأمين والصناعات المالية،والاكتواريون هم أولئك الأشخاص المؤهلون من حيث التعليم والخبرة في هذا المجال، والعلوم الاكتوارية تضم عددًا من المواضيع ذات العلاقة، بما في ذلك الاحتمالات والحساب والإحصاء والتمويل والاقتصاد وبرمجة الحاسوب، ولعل جداول الحياة والوفاة التي تستخدمها شركات التأمين على الحياة هي أشهر تطبيقات هذا العلم. وفي تصوري أن تصريح المحافظ السابق فيه تناقض عجيب، فتارة يطالب بإجراءات أكثر صرامة كالخصم من الراتب التقاعدي للموظف، وتارة أُخرى ختم تصريحه بأن رواتب أغلبية المتقاعدين بالمملكة تعتبر متدنية وهذه هي الحقيقة التي لا حياد عنها بأن أغلب الموظفين المتقاعدين من المؤسستين رواتبهم مُتدنية جداً ولا تفي بالتزاماتهم المالية؟! الشق أكبر من الرقعة وإصلاحه ليس بالالتفات إلى مستحقات الموظف الكادح ولكن بإصلاح نظام المؤسستين والعمل على تحسين الاستثمارات وفصل إدارة الصناديق عن مؤسسات التقاعد وربطها مُباشرة بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وايجاد رقابة عليها حالها كحال شركات سوق المال، ولو افترضنا جدلاً انه لا سبيل للإصلاح سوى بالالتفات لمستحقات الموظف فيجب أن لا يكون ذلك على حساب المشتركين الحاليين بل لمن استجد اشتراكه؟! معالي الأستاذ سليمان الحميد عندما كان رئيسًا للتأمينات الاجتماعية والمنتسبون للمؤسسة يُستقطع منهم شهريًا 22% من المرتب وكنت آمل أن نعرف كيف أدار استثماراتها وحصصها في الشركات المساهمة وقد كان على رأس أهم منظمة اقتصادية بالسعودية، كان بإمكانها أن تُحقق إنجازات كبيرة تخدم الوطن والمواطن وبحكم الامكانيات المالية والبشرية التي تمتلكها التأمينات لو أنها أُديرت بفكر اقتصادي وإداري ناجح لأحدثت نقلة اقتصادية في الشركات السعودية المساهمة، وبما أنه قد شهد شاهد من أهلها فأرجو أن تكون فكرة دمج المؤسستين على طاولة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية قريباً لتطوير إيرادات المؤسستين وتطوير الأنظمة فيها، والأهم فرض ودعم المواطن السعودي وتأهيله وتدريبه في الشركات والمؤسسات التي تُشارك المؤسستان في عضوية مجالس إداراتها وتقليص صلاحيات مجالس الادارات واعتماد الرقابة المالية والإدارية في الشركات التي تملك فيها المؤسستان حصصاً في السوق؟! عندما عجزت المؤسستان (التقاعد) و(التأمينات) في الحفاظ على أموالهما واستثماراتهما وأموال المشتركين رمتا باللوم على ارتفاع طلبات التقاعد المبكر او المعاش التقاعدي، كنت وما زلت من المطالبين بضم المؤسستين في جهاز واحد؛ لتوحيد الإجراءات وتسهيلها، وكتبت مقالات كثيرة وكتب غيري من الكتاب بأن الضم يُشجّع على تحوّل الموظفين الحكوميين للقطاع الخاص وتقليل المصروفات، وثانياً توحيد الاجراءات، وثالثاً زيادة رأس المال، ورابعاً توحيد الاستثمارات والحفاظ على حقوق المتقاعدين أو الراغبين في الالتحاق بأحد النظامين، وخامساً التقليل من نسب البطالة وشيخوخة الوظائف؟!. في كل بلاد العالم الصناديق التقاعدية تُحقق أرباحًا خيالية وريعها المرتفع يُفضي إلى ارتفاع الرواتب التقاعدية للمشتركين متضمنة جودة الخدمات المقدمة لهم، بينما صناديقنا التقاعدية تُحقق رواتب مُتدنية للمتقاعدين وخسائر في مشاريع، لذا قبل التفكير في زيادة مساهمة المشتركين أو ضم المؤسستين يجب أولاً تعيين قياديين مُحترفين لإدارة صناديق التقاعد، كما يجب نشر البيانات المالية للتأمينات ومؤسسة التقاعد وعدم اخفاء النتائج المالية للصندوقين وطرحها أمام الرأي العام وأمام الجهات الرقابية كديوان المراقبة العامة ومجلس الشورى للمناقشة والمساءلة حتى تتحقق أهداف ورؤية المملكة 2030.