كل يوم، بل كل ساعة تحمل لنا مواقع التواصل الاجتماعي مآسي وآلاما من مشاهد ومقاطع مرعبة ووحشية بأنواع وأشكال مختلفة من التعذيب للأطفال، وحتى الرضع منهم لم يسلموا أو ينجوا أو يرحموا!، فما الذي جناه هؤلاء الأطفال الأبرياء؟ البعض يتفنن ويتلذذ بتعذيبهم في أنحاء مختلفة ومتفرقة من أجسامهم الهشة البريئة، والبعض يدهسهم دهسا كأنما يدهس جسدا بلا روح، والآخر يطلق عليهم النار كما يطلق على الحيوان. وهناك من يقصف البيوت على رؤوسهم بلا هوادة ولا شفقة، فبأي ذنب عذبوا؟ وبأي ذنب قصفوا؟ وبأي ذنب قتلوا؟. هل هم يعذبون لأنهم مسلمون وعرب، أم هل يعذبون من أجل التشفي والغل الذي في الصدور؟، بل حتى الوحوش هي أعطف وأرحم من أولئك، ولكن قلب الإنسان حين يقسو يصبح حجرا، بل هم أشد قسوة. ولذلك جاء في حق هؤلاء ومثلهم قوله عليه الصلاة والسلام: «إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا»، وجاء في الحديث: «دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض»، فما بالك بالذي يعذب ويقصف طفلا رضيعا من غير ذنب اقترفه؟! إنني آسف أيها الطفل المسلم، وآسف أيها الطفل العربي، بل آسف حتى للرضع منكم، فهم أيضا لم يسلموا من العذاب، فأنتم أكثر عرضة في هذه الأيام من غيركم بسبب ضعفنا!!. وصدق المتنبي حين قال: «من يهن يسهل الهوان عليه.. ما لجرح بميت إيلام». نحن السبب حين تفرقنا، نحن السبب حين ضعفنا، ونحن السبب حين انشغلنا بقتال بعضنا البعض «بأسهم بينهم شديد» عن عدونا، بل وصل بنا الأمر أن نقسو على بعضنا البعض أشد من القسوة على عدونا. إنني لا أملك لك أيها الطفل إلا القلم وغصة من الحسرات والعبرات، والعرب تقول: «رب قول أنقذ من صول»، ولكن هل ينفع القلم؟!. أنا آسف لمعاناتك ولشقائك، فأنت تعذب في كل مكان إما بسبب الطائفية أو بسبب دينك، وكل واحدة منهما أشد عليك من الأخرى. أنت تعذَب في بورما «الروهينجيا» واليمن والعراق وسوريا وفلسطين، وحيث يممنا وجوهنا شرقا وغربا هناك طفل يعذب لأنه عربي ومسلم. وكنت أتساءل لو كان هؤلاء الأطفال والرضع من ذوي خضر وزرق العيون، وبيضاء البشرة من دول متقدمة مثل أوروبا أو أمريكا أو حتى من دول آسيا الصفراء المتقدمة، هل كان العالم الأبيض والأصفر سوف يسكت ويغض الطرف عنهم كما يفعل الآن! أتعرف من هو المسؤول أيها الطفل البائس المعذب، الجريح المغدور المتألم؟! نحن المسؤولون حين لم يعد لنا هيبة ولا قوة ولا منعة «آه لو كنا نأوي إلى ركن شديد» حتى أصبح كل من هب ودب يتطاول عليك وعلينا. للأسف الغريب العجيب أن هناك قوانين لحماية البيئة والحيوان والماء والهواء والحجر والتراب! وهناك أيضا من يدافع وينافح عنها ليلا ونهارا وبكل وسيلة، وهي تُنفذ بصرامة وشدة، وتناقلتها وسائل الإعلام المختلفة بفخر!، ولكن حين يأتي الأمر على الطفل العربي والمسلم تلين القوانين ويخفت صوتها، ويعلو صوت الاجتماعات واللقاءات والتصريحات، ثم لا شيء يحدث!! نعم، نحن جزء كبير من المشكلة لأننا تقاعسنا حتى عن رفع أصواتنا التي لم تعد تسمع ولم تعد تنفع لأنه كما قال الشاعر: «ووضع الندى في موضع السيف بالعلا.. مضر كوضع السيف في موضع الندى». لماذا أصبحت دماء أطفالنا كعرب ومسلمين رخيصة مهانة ومعذبة؟! لأننا فقدنا هيبتنا بين الأمم والدول، وصدق عليه الصلاة والسلام حين قال: «ولينزعنَّ الله من صدور عدوِّكم المهابة منكم». أنا اعلم أنك تتساءل أيها الطفل ما ذنبي ؟! وأقول لك: الذنب ليس ذنبك هو ذنبي أنا وذنب كل رجل وامرأة في أمتنا العربية والإسلامية، فجدار أمتنا صار قصيرا يرتقيه من يشاء وقت ما يشاء بلا خوف ولا وجل. أيها الطفل المسكين قد قالوا: هذا كلام فيه احتجاج مفروض ورفع صوت غير مرغوب، قلت: هو صوت رضيع يتألم، قالوا إذا: تألم، ولكن لا تتكلم!!