زيارة فخامة الرئيس اللبناني للمملكة واجتماعه مع قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - تعبرعن رغبة لبنان الأكيدة بدعم العلاقات الودية بين المملكة ولبنان، وهو دعم لا شك أنه سيضاف الى كل المسارات الخيرة التي تصب في روافد التضامن العربي وتدعم كل التوجهات الأخوية لما فيه المصالح العربية المشتركة والانتصار لكل القضايا العادلة في المنطقة. والعلاقات بين البلدين ذات جذور وضاربة في أعماق التاريخ، ويهم القيادتين السعودية واللبنانية استمراريتها في شتى الميادين والمجالات، والتعاون بين البلدين في كافة مجالات التعاون لا سيما الاقتصادية منها ليست وليدة اليوم، بل هي قديمة، وتحرص القيادات المتعاقبة في البلدين على تنمية أواصرها، فالمملكة ولبنان لهما أثقالهما السياسية التي بالامكان استثمارها لحلحلة الأزمات العالقة لاسيما في بؤر النزاع والتوتر مثل سوريا والعراق واليمن. ويثمن لبنان للمملكة مواقفها المشرفة معه، ولعل على رأسها موقفها المشهود لوقف الحرب الأهلية اللبنانية الضروس التي استمرت زهاء خمسة عشر عاما وكادت أن تأتي على الأخضر واليابس في هذا القطر العربي الشقيق، فاتفاق الطائف يمثل اهتمام المملكة الكبير بانهاء تلك الحرب، واهتمام المملكة باحلال الأمن والاستقرار في لبنان حفاظا على حريته واستقلاله وسلامة أراضيه. ولا يخفى على أحد سلسلة المصالح الاقتصادية العليا التي تجمع البلدين الشقيقين، فثمة استثمارات سعودية طائلة في لبنان، ويهم اللبنانيين استمراريتها لما فيه انتعاش الاقتصاد اللبناني وازدهاره، وقد وقفت المملكة دائما وراء السعي نحو تنمية الاقتصاد اللبناني وانتشاله من كل أزماته الطاحنة التي مر بها، وهو سعي يؤكد بوضوح رغبة المملكة دائما في انتهاج كافة السبل المؤدية لازدهار لبنان وتنميته ونهضته. من جانب آخر فان المملكة يهمها أن تنضوي لبنان تحت لواء محاربة الإرهاب واحتوائه، والدلائل تشير الى أن السياسة اللبنانية مثل بقية السياسات العربية ملتزمة بمكافحة الارهاب ومحاصرة الارهابيين، والانضمام الى كل جهد من شأنه أن يكافح هذه الآفة ويقتلعها من جذورها، وقد بقيت لبنان دائما تنافح عن كل النوايا الرامية لحلحلة الارهاب والقضاء عليه. ومصالح لبنان العليا كما هو الحال مع كافة المصالح العربية تقتضي العمل على التعاون مع كل الجهود العربية والاسلامية والدولية للنهوض بكل الاستراتيجيات الموضوعة لملاحقة الارهابيين، واحتواء ظاهرة الارهاب التي امتد أخطبوطها الشرير الى كافة أمصار وأقطار العالم بما في ذلك القطر اللبناني الشقيق، حيث عانى الأمرين من هذه الظاهرة الخبيثة. وليس أدل على معاناة لبنان من هذه الظاهرة ما حدث من هجوم إرهابي شنيع ضد دولة الرئيس اللبناني السابق رفيق الحريري، فهذه حادثة تعد من أفظع الجرائم الارهابية التي حدثت على أرض لبنان، وقد وقف اللبنانيون صفا واحدا للاقتصاص من أولئك المجرمين الذين ارتكبوا ذلك الحادث الذي هز الأمن في لبنان وهدد استقراره وطمأنينة أهله. سيظل لبنان دائما ينافح ويكافح لملاحقة أي إرهابي يحاول العبث باستقرار لبنان ويهدد أمن أراضيه واستقرار وأمن دول المنطقة، ويهم اللبنانيين أن تبقى دولتهم بعيدة عن أي لون من ألوان الإرهاب، ويهم المملكة في الوقت ذاته أن تدعم لبنان لمكافحة الارهاب بكل ألوان الدعم وأشكاله وأهدافه الخيرة التي تصب في قنوات استمرارية استقرار لبنان الشقيق واستمرار أمنه وسيادته وحرية أبنائه.