يبدو أن ملامح التصحيح المرتقب باتت واضحة بعد أن حاول اختراق مقاومة 7200 نقطة خلال ثلاث جلسات لكنه فشل في ذلك لينهي تداولات نهاية الأسبوع الماضي على تراجع طفيف بلغ 27 نقطة أي بنسبة 0.30% لكن يتبقى أمر واحد لتأكيد ذلك التصحيح المتوقع وهو كسر دعم 7000 نقطة. وقد كان لقرار البنك الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة على الدولار تأثيران مهمان على حركة قطاع الأعمال السعودي كون الريال مرتبطا بالدولار، الأول وقتي نفسي وهو التأثر الإيجابي لقطاع المصارف وهذا ما شهده القطاع خلال جلسة الخميس الماضي لكنه لم يكن تأثيرا كبيرا كون الرفع جاء ضمن التوقعات ولم يكن هناك أي مفاجآت. الثاني تأثير على البعد المالي وهو أن المصارف نظريا ستحقق أرباحا أفضل جرّاء رفع الفائدة لأنها بدورها رفعت الفائدة تبعا للفيدرالي الأمريكي ومؤسسة النقد العربي السعودي لكن فعليا هذا الرفع سيجعل المقترضين من الأفراد والشركات يحجمون عن الاقتراض نتيجة ارتفاع التكاليف وهذا قد يجعل محافظ الاقراض البنكية تتراجع مما سيؤثر بشكل سلبي على الأرباح المجمعة للبنوك. وبعد مرور زوبعة الفائدة الأمريكية من المنتظر أن يبقى سوق الأسهم السعودي في انتظار ما ستسفر عنه إعلان الميزانية العامة للدولة والتي من المتوقع أن تُعلن هذا الأسبوع وهل هناك عجز يتجاوز 300 مليار ريال أم لا. فالعجز المرتفع يعني أن هناك توسعا في إنفاق الدولة سواء انفاقا داخليا يستفيد منه القطاع الخاص أو انفاقا استثماريا والذي أتوقع أن يتركز في الاستثمار الخارجي أكثر من الاستثمار في سوق الأسهم لأن الدولة يبدو أنها اتجهت للاستثمار الخارجي كونه هو البديل الأبرز في تعويض اعتماد الدولة على النفط بنسبة تتجاوز 80% وهذا يعني أن التوجه لسوق الأسهم السعودي لن يكون مثلما توقعه البعض حينما تم الاعلان عن توجيه صندوق الاستثمارات العامة باستثمار 100 مليار ريال سنويا الشهر الماضي. أما لو كان العجز أقل من 300 مليار ريال فيعني أن هناك إحجاما عن الانفاق وبالتالي اتوقع أن تصل الرسالة بشكل سلبي لسوق الأسهم كون أن خفض الدولة في الانفاق يعني أن هناك احجاما أقل من المشاريع البنيوية الداخلية مما سيجعل العديد من الشركات تستعد للتراجع في حجم الأعمال. التحليل الفني كان فشل المؤشر العام في اختراق مقاومة 7200 نقطة متوقعا حيث إن السيولة منذ الوصول إلى مستويات 6900 نقطة وهي آخذة في الانخفاض مما أعطى إشارة على بداية ضعف المسار وفقدان الزخم الشرائي الذي كان يعتبر وقود الارتفاع طوال الأسابيع الماضية. وعند النظر إلى الشمعة الأسبوعية للسوق أجد أنها شمعة سلبية تدل على إقبال السوق على مسار تصحيحي لكن لابد من إغلاق السوق هذا الأسبوع أيضا دون قمة 7200 نقطة للتأكد من بداية الهبوط والذي يستهدف في مرحلته الأولى دعم 6500 نقطة والتي تُعتبر من أهم المناطق خلال الأيام المقبلة. أما من حيث القطاعات فأجد أن قطاع المصارف والخدمات المالية لم يستفد كثيرا من خبر الفائدة لذلك لم يتمكن من اختراق قمة 15900 نقطة بل كوّن قمة أقل من القمة السابقة وهذه إحدى إشارات بداية المسار الهابط والذي في حال تأكده سيتجه القطاع نحو دعم 14350 نقطة وهذا السيناريو بلا شك سيجعل القطاع يشكل ضغطا على أداء السوق. أيضا أجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية قد بدأ بالهبوط بالفعل نتيجة تراجع أسعار النفط خلال الأسبوع الماضي مما شكّل ضغطا على القطاع وربما يشهد القطاع بداية الأسبوع نوعا من الارتداد قبل أن يواصل مساره التصحيحي نحو مشارف 4950 نقطة والتي من المهم أن يثبت فوقها لأن كسرها خلال الأسابيع القادمة يعني التوجه نحو الدعم الأهم عند 4600 نقطة. أما من حيث القطاعات ذات الأداء الإيجابي المتوقع هذا الاسبوع فهي قطاعات التجزئة والاتصالات والتأمين والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والفنادق. من جهة أخرى أجد أن السلبية من الناحية الفنية ستكون هذا الأسبوع من نصيب قطاعات الاسمنت والطاقة والزراعة والاستثمار المتعدد والتطوير العقاري والنقل والاعلام. أسواق السلع العالمية لا شك أن الاتفاقات الأخيرة بين الدول المنتجة للنفط سواء من داخل منظمة أوبك أو من خارجها كانت جوهرية لدرجة أنها غيرت المسار الرئيسي والذي هبط بالأسعار من مستويات 120 دولارا نهاية العام 2014م وحتى مستوى 26 دولارا بداية العام الحالي. وصحيح أن بعض الأقاويل تدعي أن هناك احتمالية لعدم احترام الدول لتلك الاتفاقيات مما سيجعل الأسعار تعود لبحر الثلاثينيات من جديد إلا أن معيار ذلك من الناحية الفنية هو عدم نزول الأسعار دون 43 دولارا فما دامت الأسعار فوق ذلك المستوى فإنه من وجهة نظري مؤشر قوي على احترام الدول لتلك الاتفاقيات وتطبيقها وهذا يجعل الأسعار تدخل في مسار صاعد رئيسي. فنيا أرى أن خام برنت مازال في مسار تصحيحي قد يشهد معه تراجعا حتى مستويات 53 دولارا وربما 50 دولارا بعده سيتم الدخول في مسار صاعد سيدفع الأسعار لملامسة مستوى 68 دولارا وهذا سيدفع أسعار الشركات النفطية والتي تضررت كثيرا خلال فترة الهبوط إلى الدخول في مسارات صاعدة ملفتة. في المقابل أجد أن أسعار الذهب استمرت بالتراجع للأسبوع السادس على التوالي ليؤكد توجهه نحو دعوم 1115 دولارا ثم 1085 دولارا للأونصة وفقدان هذا الدعم الأخير يؤكد توجه المعدن الأصفر لما دون 1000 دولار للمرة الأولى منذ 7 سنوات. ويرجع السبب في ذلك إلى أمرين مهمين: الأول الصعود القوي للدولار والذي وصل لأعلى مستوى له منذ 14 عاما ومن المتوقع أن يواصل الصعود. الثاني حالة الاستقرار لدى المستثمرين جرّاء تحسن أسعار النفط لما لذلك من انعكاس جيد على الأسواق المالية. أسواق الأسهم الدولية واصلت أسواق الأسهم الأمريكية سلسلة ارتفاعاتها وتحقيق أرقام تاريخية جديدة ليصل مؤشر داو جونز الصناعي إلى مشارف 20000 نقطة كما كان متوقعا. لكن مع تلك الارتفاعات ترتفع المخاطر في انهيار الأسواق بشكل قوي بعد ذلك كما يتضح من خلال التحليلين الفني والمالي. ففنيا أجد أن المؤشر وصل لمنطقة مقاومات عنيفة قد تجبر المؤشر على الدخول في مسار هابط رئيسي ويتأكد ذلك بكسر دعم 19400 نقطة. أما من الناحية المالية فإن العديد من تقارير بيوت الخبرة تشير إلى أن المؤشرات المالية كمكررات الربحية والتوزيعات النقدية وغيرها أصبحت غير متوازنة مع الأسعار الحالية مما يوحي بأنه لابد من حدوث تصحيح سعري. أيضا أجد أن مؤشر نيكاي وصل إلى مقاومة عنيفة جدا على مشارف 19400 نقطة وبدأت الإشارات الفنية السلبية بالظهور مما يشير إلى أن سوق طوكيو يتحضر للدخول في مسار هابط رئيسي خلال الأيام القليلة القادمة.