يوافق غدا الأحد الثامن عشر من شهر ديسمبر الحالي اليوم العالمي للغة العربية الذي أعلنته اليونسكو، حيث من المأمول أن تقوم المؤسسات الثقافية بالاحتفال والاحتفاء بهذا اليوم.. ولا غرو أن تتسنم لغة القرآن الكريم ذرى المجد وقمم الفخر، فهي اللغة الخالدة على مر العصور وهي لغة البلاغة والإيجاز، والمجاز والإعجاز، وهي اللغة المتجددة بتجدد مفرداتها التي تواكب تطور العلوم والفنون في كافة المجالات. وبمناسبة هذا اليوم العالمي للغة العربية ثمة تساؤلات تدور في مخيلة العربي رأينا أن نوجهها لثلة من الأدباء والمثقفين: هل سمعت عن اليوم العالمي للغة العربية؟ ومتى يصادف ؟ هل يمثل مناسبة راسخة في الأذهان يحتفي بها المثقفون والنخب ؟ وكيف يحتفلون بها؟ وهل هناك مقترحات ولائحة أنشطة لتفعيلها؟ حول هذه المحاور أجرى (الجسر الثقافي) هذا الاستطلاع: في البداية يقول هود العمراني المشرف على الحساب الرسمي ل «اليوم العالمي للغة العربية على تويتر: اليوم العالمي للغة العربية» إنه يوافق يوم 18 من ديسمبر، حيث تحتفل المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة لا سيما منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»به. ويرجع اختيار يوم 18 ديسمبر إلى التاريخ الذي أدرجت فيه اللغة العربية ضمن لغات العمل الرسمية في الأممالمتحدة، إضافة إلى الإنجليزية، والفرنسية، والصينية، والروسية والإسبانية. وأرى أن هناك التفاتة وتفاعلا مع هذه المناسبة من غير المختصين باللغة العربية، إذ إن اللغة لغة الجميع وعلى الجميع الاحتفاء بها. وسأحتفل بهذا اليوم كمثقف يرى أن اللغة تمثل له هوية ينبغي التمسك بها لما لها من تاريخ تم توريثه لنا من رواد هذه الأمة، ناهيك عن أنها لغة القرآن الكريم التي حباه الله تعالى بها. سأحتفل بهذا اليوم عبر المشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي ونشر المعلومات العربية والتصاميم الداعمة للغة العربية وتصحيح بعض المفاهيم التي يخطئ فيها الناس لاسيما استعمال كلمة أجنبية بدلا من العربية. وأرى أن اليوم العالمي للغة العربية يضيف الكثير للغة، فقد أصبح بمثابة اللقاءات الدورية السنوية للمجمعات اللغوية والجامعات والمراكز والمهتمين، حيثُ يتباحثون أمور اللغة وسبل تطويرها وايجاد أساليب لجذب الطلاب إليها. وعلى مستوى غير الناطقين بها فإن هذه المناسبة تكون فرصة للتعريف بالأدوار العالمية التي تقوم بها المراكز العلمية العربية في العالم ودور أبناء المهجر والغربة في تعزيز انتشار اللغة العربية إما بتعليمها أو بنشر فنونها كالخط العربي، والحقيقة لا أعلم إن كان البعض لا يعلم عن يوم اللغة العربية، وأتمنى أن يعرف جميع المثقفين ذلك. ويرى هود أن أهم النشاطات المقترحة: * تفعيل الوسمين: #اليومالعالميللغةالعربية و #تعزيزانتشاراللغةالعربية. * عمل معرض لجماليات الخط العربي. * عمل منصة في المجمعات التجارية لتقديم المسابقات اللغوية وتقديم الهدايا. * إخبار الأصدقاء بهذه المناسبة، ومحاولة استهداف الأصدقاء من غير الناطقين بالعربية. * اقامة ورش عمل في الإملاء العربية. * المساهمة في نشر الأدب العربي عبر ترجمته إلى اللغات الأخرى. أما التقييم فهو مقبول، بل وممتاز لأن هناك توجها فعليا لدعم هذه المناسبة ونستشف ذلك من كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - عن اللغة العربية وتخصيص كلمة له يشكر فيها اليونسكو لهذا اليوم، حيثُ قال: «إننا نُثمن خطوة اليونسكو تخصيص يوم عالمي للاحتفاء باللغة العربية الذي يرمز إلى بقاء قيمتها وأهميتها الحضارية». وفي الختام أرى أن هذه المناسبة للجميع ومن الجميع، وغاية المُنى بقاء هذا الحس بشكل متواصل طيلة العام، على ألا نحصر الاحتفاء باللغة العربية في فئة معينة. اهتمامات النخب ويلخص خالد الخضري أستاذ فلسفة الإعلام بجامعة الإمام سابقا رؤاه حول اليوم العالمي للغة العربية بقوله: سمعت عن اليوم العالمي للغة العربية وشاركت في مؤتمرات بأوراق عمل حوله كان آخرها مؤتمر اللغة العربية بجاكرتا. ويُعد ضمن اهتمامات النخب المعنية بهذا الشأن، فلا نتوقع أن يهتم به رجل الشارع لانه ليس من شأنه، فهو يعني الباحثين والدارسين للغتنا الجميلة. لا يهم أن احتفل به أنا كأديب وأكاديمي، المهم أن تحتفل به المؤسسات التربوية مثل الجامعات، كمركز الملك عبدالله لأبحاث اللغة العربية الذي يقوم بعمل أبحاث وإصدارات جيدة في هذا الجانب. من المهم أن تكون هناك أبحاث تتناسب مع الواقع الجديد للغة التي تُعد كائنا حيا. الاهتمام بالأبحاث التي تشير إلى التحول الكبير الذي تشهده اللغة التي تطورت خلال القرون الماضية حتى وصلنا للغة البيضاء (بين العامي والفصيح، مع التقيد بقواعد اللغة). وستشهد تطورا كبيرا، حيث يزاحمها العلمي بشكل كبير مع وجود السوشل ميديا، وتمازج الشعبي مع النخبوي، الأمر الذي سيؤدي إلى تغير كبير وسريع ستشهده اللغة العربية التي ستحتاج خلال عقود مقبلة قليلة إلى تقعيد جديد، يتناسب مع تماهي العامي معها. وتجيب جميلة هليل عن أسئلة المحاور بقولها: ( نعم، سمعت به، الاهتمام سيكون حاضرا إذا توافرت له بعض الشروط: * إذا احتفت به مدارس التعليم العام من رياض الأطفال حتى الثانوية. * إذا احتفت به جامعاتنا المختلفة، على أن تقود الحملة كليات اللغة العربية. * أن تحتفي به كافة المؤسسات العلمية والثقافية (من القطاعين العام والخاص). * أن تحتفي به مختلف وسائل الإعلام وكافة وسائل التواصل الاجتماعي. * أن يحتفي به الوسط الرسمي ابتداء من مجلس الشورى وتوصياته. ولن يتحقق ذلك ما لم نؤمن بأهميته كيوم عالمي، يشاركنا فيه العالم الاحتفاء بلغة القرآن الكريم، وبغير ذلك لن يهتم به غير النخب. ولا أعتقد أن الاحتفال يحتاج إلى خيارات في الإجابة، فكما تحتفل بإنجاز يهمك وتعتني به، ستحتفل بلغتك التي تمثل هويتك وتعكس فخرك واعتزازك بلغة القرآن الكريم، والإنجاز ليس لأنها اللغة العربية، فهذا الأمر مفروغ منه منذ أن نزل القرآن الكريم بهذه اللغة وأعلى شأنها، لكن الاحتفال بأن الإنجاز قد تحقق بأن أصبحت لغة عالمية، يعترف بها العالم أجمع. أما كيفية الاحتفال، فيمكننا الاحتفال في كل منابرنا التي نمتلكها، وكل فرد أو مجموعة يمكنها أن تبحث عن طريقتها الخاصة التي تناسبها وتشعر تجاه ذلك بالرضا، فالطرق تختلف بين الناس. فالأم يمكنها الاحتفال مع أطفالها وأسرتها الصغيرة، والمعلمة والمعلم في مدارسهما ومع تلاميذهما، والجميع مسؤول في هذا اليوم عن البحث عن وسيلته الخاصة للاحتفال به. وتضيف هليل: الاعتراف باليوم العالمي للغة ليس بعيد العهد. وعن الأنشطة المقترحة لهذه المناسبة فإنها ستكون ثمرة اجتماعات تقودها المؤسسات الثقافية والعلمية بشكل عام ويقودها الأفراد، ولا يعجز الفئات النخبوية وروّاد الفكر و الإبداع هذه الأنشطة، فالكيفية ستكون حاضرة. وعموما المسؤولية عامة ومشتركة، والاحتفاء ليس منوطا بالمؤسسات الثقافية فقط، وسيدفع ذلك كله الإخلاص للغة القرآن الكريم والشعور بالفخر والاعتزاز بها. جهود المملكة ويتحدث د. أحمد الهلالي أكاديمي بجامعة الطائف فيقول: اليوم العالمي للغة العربية أصبح شهيرا بجهود المملكة في اعتماده في منظمة اليونسكو، ومع وجود مركز الملك عبدالله لخدمة اللغة العربية أصبح هذا اليوم عيدا للغتنا يوم 18 ديسمبر من كل عام، والاحتفاء به في الجامعات والتعليم العام والمؤسسات الثقافية يبعث على التفاؤل ومحبتنا للغتنا. منذ لحظة كتابتي هذه الكلمات وأنا أتولى التنسيق للاحتفاء بهذا اليوم في جامعة الطائف، وفي نادي الطائف الأدبي بالشراكة مع مركز الملك عبدالله لخدمة اللغة العربية، والعديد من الجهات يتواصل معنا للمشاركة الفاعلة، ولا أراه يوما عابرا مادام يقودنا إلى التفكير وبحث مشكلاتنا اللغوية، وتقييم جهودنا كأفراد ومؤسسات في خدمة لغتنا، والمثقفون بصفة عامة هم أعظم الفئات والشرائح التي تخدم اللغة العربية لأنها وعاء إبداعاتهم المختلفة، ولا تمر هذه المناسبة دون مشاركات مثمرة من الكثيرين اعتزازا ومحبة وغيرة على لغة القرآن الكريم. أهم المناشط في هذا اليوم تكمن في معانيها وليس في أشكالها، وأرى أن نركز على إثارة اهتمام النشء بالاعتزاز بلغتهم والغيرة عليها، والعناية بها من خلال الحرص على سلامتها من اللحن والأخطاء، أو تطعيمها بلغات أخرى ترفع قدر لغتنا، وغيرها من المعاني السامية، وهذه الأفكار نستطيع إيصالها من خلال العديد من القنوات التي تجذب النشء وتناسب تفكيرهم وعصرهم. عيد الفصحى وتلخص رباب النمر - ماجستير أدب ونقد رأيها في قولها: (الثامن عشر من ديسمبر هو اليوم العالمي للغة العربية، فهو عيد الفصحى ويومها المجيد الذي خصصته منظمة اليونسكو للاحتفال باللغة العربية، إن أولته المؤسسات الثقافية اهتماما الحكومية منها والأهلية وأقامت احتفالية يستحقها ولفتت أنظار الناس إليه استطاعت أن تستقطب كافة الشرائح عندها سيحتفل الجميع باليوم العالمي للغة العربية. من الممكن أن أحتفل به عن طريق تفعيله في مقر العمل وإقامة أنشطة جذابة للفت الانتباه للغة القرآن الكريم، وللغتنا التي تمثل أصالتنا وهويتنا، وكذلك الاحتفال به بين الأقران والمشاركة في الفعاليات الثقافية التي تقيمها مؤسسات الثقافة كوزارة الإعلام أو النادي الأدبي. أتوقع أن بعض المثقفين يعلم ذلك لا سيما مع انتشار برامج التواصل الاجتماعي والقروبات التي تنبه الغافل لمختلف المناسبات الثقافية فترسخها في الأذهان، ولا تزال المناسبة بحاجة إلى تفعيل كرنفالي واحتفالي لترسخ في الأذهان. ويجب أن تتنوع الأنشطة الاحتفالية باليوم العالمي للغة العربية بين أنشطة داخل المباني وأنشطة حرة في الهواء الطلق كالحدائق والشواطئ والشوارع. من الممكن إقامة الأمسيات الشعرية والقصصية وإقامة الندوات والمحاضرات وورش يدوية للرسم والتعبير الحر الفني، وورش لكتابة القصة ونظم الشعر، بالإضافة إلى عرض الأفلام الوثائقية والمرئية وتقديم مسرحيات ولقاءات إذاعية وتليفزيونية مع المثقفين حول محاور المناسبة وتأصيل هذه اللغة على الألسنة، واستبدال الكلمات الأجنبية تحدثا وكتابة بكلمات معجمية أصيلة، فلغتنا غنية بالمفردات التي يمكنها التعبير عن كافة المعاني، وتوزيع كتب ومطويات تعرّف الناس بأهمية تواصلهم مع لغتهم وإتقانهم إياها. يومٌ سنويٌّ ويلخص د. جبران بن سلمان سحاري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رأيه بقوله: اليوم العالمي للغة العربية يومٌ سنويٌّ يحتفي به العرب والمسلمون في أرجاء العالم، للنهوض بهذه اللغة المجيدة. ونظراً لدور الإعلام في التعريف بهذا اليوم العالمي فإن الاهتمام به سيتجاوز إطار النخبة المثقفة والمختصين في العربية؛ فإذا ما علمتْ بقية شرائح المجتمع بهذا اليوم انبعث في نفوسهم حب العربية والغيرة عليها. ونحن نحتفي به دائما عبر تقديم مشاركات عملية تطبيقية في الحفاظ على اللغة والنأي بها عن الأغلاط العامية والأخطاء الناتجة عن الترجمة من اللغات الأخرى. فإن كان من إضافة للغة العربية في هذا اليوم فهي ما يقدمه المختصون من بحوث وأوراق عمل تطبع وتنشر أو يعرف بها وبأهم محاورها بإيجاز. كما يُلقى فيه العديد من القصائد التي تتناول أهمية العربية ومكانتها في الدين والحياة، والشعر من أعظم المنابر المؤثرة في الأجيال إذا ما أحسنّا استغلاله في المناسبات وحبرنا النصوص وعرفنا قيمة الطرح. وأما عن تحديد تاريخ لهذا اليوم العالمي للغة فقد لا يعلمه المثقف كونه بالتاريخ الميلادي إلا من اشتغل بالتاريخ الميلادي لعملٍ أو اهتمام ونحوه وتابع مجريات الأخبار الثقافية، لذا ينبغي أن يُحدد بالتاريخ الهجري العربي حتى يكون راسخاً في الأذهان متصلاً بهوية الأمتين العربية والإسلامية. وأما أهم النشاطات المقترحة في مثل هذه المناسبة فهي التنويع بين الطرح العلمي والأدبي والعملي التطبيقي، حيث تكون هناك ورش عمل تطبيقية ومواد علمية وأدبية تتصل بالذوق والحس المرهف حتى لا تكون أطروحات يغلب عليها الجفاف والثقل. وأما تقييم اهتمام المؤسسات الثقافية بهذا اليوم العالمي ودورها في ذلك فهي تنشط تارة وتخبو أخرى وتتناوب العمل والتغطية في هذا اليوم مؤسسات إذا قام بعضها بالنشاط يكون أدى الغرض عن الآخر كمركز الملك عبدالله لخدمة اللغة العربية والجمعية العلمية السعودية للغة العربية وكلية اللغة العربية في الرياض والنوادي الأدبية في مختلف مناطق المملكة وبعض الجامعات التي تساهم في خدمة اللغة العربية والتعريف بها وغرسها في أذهان الأجيال.