انتهت جولة خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله- لأربع من دول خليجنا العربي، وكم كان لافتاً وجميلاً وفي ذات الوقت غير مستغرب تلك الحفاوة البالغة رسمياً وشعبياً لقائدنا الملك سلمان- أيده الله-. لقد كان مستوى الترحيب في الدول الخليجية الشقيقة يفوق الوصف وجاء الاحتفاء تلقائياً من القادة لأخيهم الكبير سلمان بن عبدالعزيز ومن الشعوب الكريمة في كل دولة ليؤكد ذلك العلاقة التاريخية العميقة وأواصر الأخوة الوثيقة وملامح التضامن القوي التي تجمع دول الخليج العربي قادة وشعوباً. إن دول الخليج وإن تعددت مسمياتها تبقى في حقيقتها دولة واحدة وشعبا واحدا ترتبط بسمات واحدة وتشترك بمميزات فريدة وتبقى مهما حدث يدا واحدة وقلبا واحدا ومصيرا مشتركا. لقد تابعنا بكل المحبة والتقدير زيارة الوالد القائد الملك سلمان لإخوانه وأهله في دول الخليج، وكم كان رائعا تلك المظاهر الشعبية التي ازدانت بها تلك الزيارة من أهلنا في دول الخليج الحبيبة، تلك المظاهر التي شارك فيها الجميع صغاراً وكباراً نساءً ورجالاً وتلألأت تلك المظاهر الاحتفالية بالقصائد والعرضة والأهازيج والمسيرات الترحيبية التي تفاعل معها ملكنا الغالي- حفظه الله- بكل المودة والشكر والتقدير للدول الشقيقة أرضاً وإنساناً. إن ما لا يفهمه الغرب أو الشرق أن العلاقات بين الدول قادة وشعوباً خارج إطارنا الخليجي تحركها المصالح البحتة والمكاسب المحتملة وتبقى الزيارات بين العديد من تلك الدول زيارات شكلية ومظهرية ذات طابع يحكمه البروتوكول المرسوم بمحددات صارمة، إنما عندنا في دول الخليج فالأمر مختلف تماماً إذ كانت زيارة ملكنا سلمان خير شاهد على أنها زيارة الأخ الكبير لإخوانه واحتفاء الشعوب الخليجية لم يكن كما لاحظ المشاهدون ودون المتابعون لم يكن إلا احتفاء الأهل لواحد من أفراد الأسرة والعائلة وليس لضيف من خارجهم، هذه الحالة الفريدة من العلاقة الأخوية المفعمة بالمودة من الصعوبة بمكان أن نرى لها مثيلاً في طول العالم وعرضه. ولا يخفى أن زيارة خادم الحرمين الشريفين لدول الخليج تأتي والخليج يمر في ظروف سياسية وجيوسياسية وإقليمية بالغة الدقة والخطورة وأن الخليج أضحى في قلب العاصفة، هذه المتغيرات التي بدأت إرهاصاتها السابقة تأخذ مسار التنفيذ والاستهداف تحتم على دول الخليج العربي التحول السريع من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، فإذا كانت الدعوة للاتحاد في أوقات سابقة تدور في أنساق المداولات والتفاهم والدراسة والنقاش فإن الأمر الآن يعتبر ضرورة حتمية لا تحتمل التأجيل أو التسويف؛ ذلك أن التهديد لدول الخليج أصبح الآن تهديدا حقيقيا، وهذا التهديد لم يعد يركز على المناوشات الفردية لكل دولة على حدة بل إن التهديد أصبح تهديدا وجوديا للخليج برمته. جميع الخبراء والمحللين السياسيين يرون بل يجمعون على أن الأحداث الراهنة هي المرحلة الأهم والأخطر في مسيرة دول الخليج العربي لكي يتحول إلى اتحاد فهذا الزمن هو زمن التكتلات والاتحادات بين الدول والقوى في العالم، وقد تحققت الاتحادات بين دول بينها الكثير من التضاد والاختلاف والتباين وربما الحروب ولكنها اتحدت تحت مظلة واحدة زادتها قوة وثباتا وهيبة بين أمم الأرض بينما نحن في دول الخليج ولله الحمد لدينا من المشتركات والمنجزات والاتفاق والوحدة الشعبية والشعورية ما يجعل قرار الاتحاد أيسر بكثير. هي إرادة سياسية يبدو أنها تلوح في الأفق القريب ستتمخض عن قرار منتظر من قادة الخليج لشعبهم الواحد وأرضهم الواحدة ومصيرهم المشترك. * تربوي