تتّسقُ الأهداف الاستراتيجية لقطاع التعليم وبرامجه الأكاديمية، مع «رؤية السعودية 2030»، وتتفقان اتفاقا كاملا، في اعتمادهما «المواطن السعودي» محورا للتقدم والبناء والتنمية، وركيزة لا يتم بدونها أيّ بناء لمجتمع المستقبل، كما تتطابقان اعتمادا للمواطن السعودي «هدفا» للتنمية، و«أداة» و«وسيلة» لها في الوقت نفسه. ولعلّنا لا نبالغُ، ولا نتجاوزُ الحقيقة، عندما نقول إن «التعليم» بشكل عام، والتعليم الجامعي على نحو خاص، يظلُّ «ناقصا»، بل وعاجزا بدون «البوصلة» أو «خريطة الطريق» التي تتمثّلُ في «رؤية 2030»، كما أننا لا نبالغ ولا نتجاوز الحقيقة، إذا ما قلنا إن «رؤية السعودية 2030» لا يمكنُ أن تبلغَ أهدافها، بدون الاعتماد على «التعليم» الجامعي خاصة، و«التعليم» بشكل عام، وبدون «تفعيل» أدواتهما وآلياتهما التي تُطلقُ كلّ طاقات الوطن، وتستنهضُ كلّ همم أبنائه. لقد جاءت «رؤية السعودية 2030» داعمة لتوجّهات التعليم السعودي وأهدافه، وتعزيزا لرسالته التي تتمحور حول بناء جيل متعلم قادر على تحمل المسؤولية واتخاذ القرار، بتوفير فرص التعليم للجميع، في بيئة تعليمية مناسبة، مع رفع جودة مخرجات التعليم، وزيادة فاعلية البحث العلمي، وتشجيع الإبداع والابتكار، وتنمية الشراكة المجتمعية، والارتقاء بمهارات وقدرات القائمين على العملية التعليمية. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن «رؤية السعودية 2030» تنطلقُ من نظرة استراتيجية يحتل «المواطن السعودي» في إطارها موقع المحور والمركز، الذي تبدأ منه، وتصُبُّ عنده كل الخُطط والتوجهات، حيث يمثّلُ الثروة الحقيقية والثروة «الأغلى» التي يمتلكها الوطن، وأهم الثروات على الإطلاق، في الوقت الذي تتطلّعُ فيه القيادة الحكيمة إلى تعظيم قدرات «المواطن»، وتجييرها لصالح الوطن ومستقبله، كما تتطلع إلى تنمية مهاراته، وإطلاق مواهبه وملكاته، لجني ثمار ابتكاراته وإبداعاته، وليكونَ أداة التنمية التي ترى فيها قيادة الوطن عملية مستمرّة ومستدامة تحتاجُ إلى الموارد البشرية القادرة على مواجهة تحديات البناء والنهضة والتقدم، بما تمتلكه من خصائص ومقوّمات «نوعية» تستطيع مواكبة ما يشهده العالم من متغيّرات، على كافة الأصعدة، وما تتطلّبُه احتياجاتُ الوطن وطموحات أبنائه. هنا، لا بد أن نشيرَ إلى أن «التعليم»، ولا شيء سوى «التعليم»، يمكنُ أن يكونَ «قاطرة» لكافة قطاعات الوطن، و«قاطرة» لأيّ انطلاقة إلى المستقبل، ويمكن أن يُتيحَ لأيّ أمة أن تقفَ على قدمين راسختين فوق الأرض، بحيث تستطيعُ مواجهة أعباء المستقبل وتحدياته، ولا شيءَ سوى التعليم يمكنُ أن يكونَ ركيزة إعداد الإنسان وبنائه ليكون عمادَ نهضة الأمة بحق. ولأهميته في بناء الوطن، وتنميته، حاضرا ومستقبلا، جاء «التعليم» في قلب رؤية 2030، هو ركيزتها ودعامتها والقاعدة التي بدونها لا يمكنُ أن يتمّ بنيان، ولا يستقيم بناء. التعليم ورؤية 2030 وجهان لعملة واحدة، إذ لا يمكن تجسيد الرؤية، واقعا وحقيقة، على الأرض، بدون بناء المواطن الذي سيحمل عبء تحويل هذه الرؤية، من خطط وأحلام ورؤى وآمال «على الورق»، إلى مشروعات واستثمارات في كل مجالات الحياة السعودية، ليس عن طريق آخر غير التعليم، الذي يعتمد تطويرُه وتحسين مستوياته، ورفع جودته، على وضع «رؤية 2030» موضعَ العمل والتنفيذ، والارتقاء بمستوى «الخصائص» السكانية، وصولا إلى مجتمع التنافسية واقتصاد المعرفة الذي يفتحُ للأمم الناهضة الطريق إلى المستقبل، بكل ما يعنيه من نمو وتنمية وتقدم في كافة مجالات الحياة. وتمثّلُ الرؤية السعودية 2030 تحدياً كبيراً يواجه المؤسسات الحكومية عموماً، والمؤسسات التعليمية على نحو خاص، إذ جاء إعلان «رؤية السعودية 2030» تعبيرا واضحا عن إرادة وطنية في «تدشين» نقطة انطلاق جديدة، عصرية، واستشرافية، تأخذُ المملكة إلى حيث «السعودية الجديدة»، السعودية/المستقبل، من خلال برنامج إصلاحي طموح، يسعى قائد الوطن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله، إلى أن تكونَ المملكة من خلاله «أنموذجا للعالم على جميع المستويات». من هنا، يصبحُ «التعليم» بل يتأكّدُ موقعُهُ في مجتمعنا محورا للحياة، وقاعدة للتنمية، وركيزة في سباق التحدّي العالمي، باعتباره سبيلا إلى المعرفة والتربية والعلم، بحيث يكون «التعليم» أداة للارتقاء بالخصائص السكانية، وتطويرا لقدرات مواردنا البشرية، وهي صانعة المستقبل، جيلا بعد جيل، وصانعة أيّ تقدم.