ليس هناك أجمل من تجمع السحاب ونزول المطر، فالناس تطرب كلما زمجر الرعد ولمع البرق، وتستمتع تحت زخات المطر، وهي تروي الأرض المجدبة، وقد عم نفعها البلاد والعباد، فالمطر هو الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي، والناس تستبشر وتبتهج بنزول غيث السماء، وكما أن لغيث السماء حفاوة واستبشارا يرتسم على وجوه الناس، فإن أهل الشرقية كانت لهم احتفالية خاصة، بقدوم غيث الأرض الملك سلمان، الذي تزامن قدومه مع قدوم غيث السماء، ليلتقيا في مكان واحد، ويشتركا في رسم الفرحة والبهجة على وجوه أهل الشرقية. وهناك توافق بين الغيثين، فغيث السماء له دور في استمرار الحياة وهو سر وجودها، ولغيث الأرض دور أساسي في استمرار تنمية الوطن، وهو سر نمائه وتطوره، وهذا يترجمه ما تابعناه خلال الأيام التي مضت، من تدشين عدد كبير من مشاريع الخير والعطاء الاقتصادية والتنموية والثقافية والسكنية، التي سيعم نفعها المواطن، ليؤكد خادم الحرمين حرصه على مواصلة دفع عجلة التنمية، والسير بخطى واثقة نحو تحقيق أهداف (رؤية 2030)، في وطن لم تتوقف حركته التنموية رغم الظروف الاقتصادية العالمية، ولم تتأثر أيضا بالأحداث المحيطة التي حتما ستعطل أي مسيرة تنموية! زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان للمنطقة الشرقية، هي الزيارة الأولى واللقاء الأول بين مواطن وملكه، ولا غرابة في مثل هذا التواصل المتسم بالوفاء بين القيادة والشعب، فهو صفة حميدة وعاده طيبة عودنا عليها حكامنا في هذه البلاد، ولا شك أن زيارة الملك سلمان للمنطقة الشرقية، تأتي في إطار تجسيد العلاقة الحميمة الثابتة بين الحاكم والمحكوم، وهو نهج ملكي قديم للدولة السعودية عبر تاريخها الطويل، وهو ما يميز حكام هذه الدولة المباركة عن غيرهم، وفي الجانب الآخر هناك علاقة تكاتف وتلاحم بين المواطنين وولاة أمرهم، وهو من الخصال الطيبة لهذا الشعب النموذجي، الذي أذهل العالم بترابطه وولائه، ليثبت أن علاقته بحكومته ليست مربوطة بمصلحة آنية ولا مستقبلية، فهي علاقة وطيدة نتاج ولاء فطري متوارث ومحبة تلقائية متبادلة، رأينا هذا المضمون بارزا في لافتات الترحيب وعبارات الولاء، التي اكتست بها شوارع المنطقة الشرقية وميادينها، تلك الكتابات المنتشرة ترجمتها الأفعال قبل نقش الكلمات، وهي تعبر ببساطة عن حجم المحبة والفخر والاعتزاز بالوطن وقادته، وهي رسالة واضحة من الشعب السعودي بكل مكوناته، الى كل من يريد شق الصف السعودي بترويج أفكاره العنصرية وأجندته المذهبية، بأن هذا الوطن، قادة وشعبا، متمسك بثوابت دينية ووحدة وطنية، لا تقبل المساومة ولا التشكيك، فالجميع جاء من عمق وطن أسسه الأجداد بجهادهم وتضحياتهم، وتسلم الراية ابناء وعوا قيمة هذا المنجز، فالتفوا حول كيانهم، وساهموا، بسواعدهم وفكرهم، في تكملة بنائه وتعزيز وحدته ولحمته، فالجميع يعيش الوطن بداخله ويشعر بنبضه، فلا ولاء إلا للوطن وقادته، فأبناء الوطن كانوا وما زالوا وفي جميع الظروف سدا منيعا أمام كل محاولات الاختراق لوحدتهم، وهذا سر بقاء هذا الوطن حتى اليوم شامخا عزيزا، عصيا على المؤامرات، وسيبقى مؤثرا لم يتأثر بالتقلبات السياسية، ولم تؤثر فيه عواصف المتغيرات ولا الصراعات المحيطة به، حفظ الله هذا الوطن وقادته من كل مكروه!! كاتب متخصص بالعلوم العسكرية ومهتم بالشأن الاجتماعي