بعد منافسة انتخابية هى الأشرس فى تاريخ الانتخابات الأمريكية، أصبح دونالد ترامب الرئيس رقم 45 فائزا ب 274 صوتا وخلاصة المشهد أن فوز ترامب لم يكن متوقعا لكنه لم يكن مستحيلا. ترامب القادم من خارج المؤسسة الأمريكية، تحالف الإعلام ضده وحاصرته الفضائح، وتوقعوا أن فرص فوزه لا تتجاوز 2٪ في يومه الأول. لكن الإعلام الأمريكي لم يتمكن من شيطنته وكان الأكثر صلابة وقوة لتحمل الضغط الإعلامي والأكثر نظافة من التلوث السياسي الذي ألقى ظلاله على الداخل الأمريكي. هزم ترامب سبعة عشر متسابقا حتى وصل البيت الأبيض برغم استطلاعات الرأي التي أثبتت في كلتا الحالتين أنها كاذبة أو خاطئة وفي الحالتين أيضا بدت غير ذات مصداقية ولا تصلح مقياسا حقيقيا لاتجاهات الرأي العام فضلا عن أن هذه الاستطلاعات في الغالب تكون مسيسة. الهجمة الإعلامية ضد ترامب عززت موقفه وأشعرت الناخبين أن تكتلا نفعيا فاسدا يقف ضده، والخيار الثاني لهم المرشحة «هيلاري كلينتون» نفعية وقابلة للانضغاط. ترامب قدم خطابا شعبويا جريئا وكان في حملته الأكثر شبها للرجل الأمريكي الأبيض وبرغم أن استطلاعات الرأي أظهرت تقدم المرشحة الديمقراطية على مستوى البلاد إلا أن استبيانا آخر أجري من قبل صحيفة «Washington Post» وقناة «ABC News» أكد أن ترامب يتقدم على كلينتون بين السكان البيض، حيث يدعمه 53٪ مقابل 37٪ يؤيدون المرشحة الديمقراطية. ومن جهة أخرى قدمت كلينتون خطابا نخبويا وقادت حملتها كسياسية وعنصر غير مستقل ولم تستهدف النسوية، في المقابل ترامب يهيج العقل الذكوري الأبيض الذي دامت سلطته أكثر من 240 عاما ويحذر من أن تتولى شأنهم امرأة! المهم أن الرئيس وقع في الرأس هل نتحسس رؤوسنا أو نحاول إعادة النفس؟ لاشك أن الرئيس مهم في السياسة الامريكية لكنه يعمل ضمن مؤسسة الحكم في الولاياتالمتحدة التي تحدد خطوطا عريضة لابد أن يلتزم بها الرئيس سواء كان جمهوريا أو ديمقراطيا مهما تعددت الشعارات. ربما ترامب سيجعل العلاقات الخليجية الامريكية اكثر توترا، لكنه من ناحية ثانية قد يقلل من رغبة الولاياتالمتحدة بالتدخلات في المنطقة، ومن المحتمل أن ينسحب من سوريا عمليا اكثر ويتركها لتفاهمات مع روسيا وخاصة أنه تربطه مع الرئيس الروسي بوتين صداقة وإعجاب. وإذا ما تغيرت سياساته بفعل ضغط المؤسسة فإن القوى الاقليمية ستزداد طموحا وتمددا ما يؤدي لتفاقم الصراعات أوسع وأكبر في منطقة خالية من قوة عظمى تضبط ايقاعها. أوروبا هي الأخرى أعلنت قلقها في صعود ترامب الذي يعزز من فرص اليمين فيها فقد أثارت نتائج الانتخابات الأمريكية بهجة أنصار التيار اليميني القومي الألماني. إذ اعتبرت الرئيسة المشاركة لحزب «البديل من أجل ألمانيا»، فراوكا بيتريه، أنها «تبعث الأمل لدى ألمانيا وأوروبا». لكن بالنسبة للسعودية فقياسا على مجمل تصريحات ترامب هو الأفضل لها وخاصة ضد خصومها وسيكون حازما إذا استطاع تنفيذ تصريحاته، وأكثر ما تحتاجه السعودية هو رئيس أمريكي حازم وصريح تستطيع معه السعودية رسم سياسة واضحة على نقيض ما كان مع سلفه المتردد باراك أوباما. لكن لا ننسى أن هناك مزاجا أمريكيا لا يعول عليه وباتت حاجتنا لسياسة أكثر استقلالا وأوضاعا أكثر قوة من ذي قبل. وهذه لا تبرح اثنتين: إعادة النظر في السياسات النفطية وصفقات السلاح. لابد أن ترتفع أسعار النفط إلى 90 او 100 دولار على الاقل فالامريكان يفرضون ضريبة تصل50٪ على النفط المباع للمستهلك واوروبا تصل نسبة الضرائب فيها الى 70٪ تشتري النفط رخيصا ثم تعيد بيعه غاليا لمواطنيها وتكسب اكثر من المنتجين! والتحول من شراء صفقات السلاح دعما لحكوماتهم إلى الشراء باستراتيجيات عسكرية واضحة.