اليابان صنعت معجزة اقتصادية من العدم، كذلك فعلت الصين وكوريا والنمور الآسيوية بقيادة ماليزيا، وهي حاليا أحد أبرز الاقتصاديات العالمية، وتجربتها في التنمية تستحق الدراسة والتوقف عندها، وهي في الواقع تجارب غير حبيسة مواطنها وإنما عالمية يمكن الاستفادة منها، وقد جاءت لدينا منذ بداية الطفرة والنهضة خاصة مع اليابانيين، ولكننا لا نزال بحاجة الى توظيف تقنيات تلك الاقتصاديات بصورة تتوافق مع تطلعاتنا المستقبلية في جميع القطاعات لأنها في المحصلة تجارب ناجحة ومتميزة. مجلس الغرف السعودي استضاف مؤخرا لقاءات قطاعي الأعمال السعودي الياباني، وينبغي أن تخرج مثل هذه اللقاءات بما هو أكثر من التمنيات والتوصيات بتطوير الأنشطة المشتركة، فاليابان وغيرها تتعامل معنا بصورة سوق استهلاكية فيما الأفضل أن نكون سوقا إنتاجية، ذلك يشمل عدة محاور أولها: تدريب الموارد البشرية الوطنية على أعمال ومنجزات تلك الخبرات العالمية، وثانيها: تأسيس منظومة أعمال منتجة في بلادنا تنفتح على الأسواق الإقليمية وتمتد الى السوق الدولية، وثالثها: زيادة مدخلات الاقتصاد الوطني والمساهمة في رفع قيمته السوقية، ورابعها: تأسيس منهج عمل إنتاجي يحفز القدرات الوطنية على الابتكار والإبداع والاستكشاف داخل الاقتصاد الوطني. من الأهمية بمكان أن تتطور أدوات الإنتاج وتقنيات العمل في جميع القطاعات بتوظيف علاقاتنا التاريخية القوية مع هذه الدول بفتح المجال أمامها لخلق بيئة عمل انتاجية وتطوير الإمكانيات بعيدا عن الواقع الاستهلاكي فنحن في منطقة وسطى من العالم، يمكن توزيع منتجاتنا شرقا وقربا دون تكلفة نقل أكثر، كما أن عدد الوافدين والزائرين في مواسم الحج والعمرة يشكلون قوة شرائية هائلة يمكنها أن تفتح مسارا استهلاكيا مستمرا لمنتجات وطنية ونقلها بكامل جودتها الى دولهم بما يسمح بتوفير سمعة سوقية متميزة تؤهل للتصدير، لذلك ينبغي الاستفادة من هذه العلاقات على نحو يواكب محاور رؤية السعودية التي تستهدف تنويع مصادر الدخل الذي يتم من خلال التوسع الانتاجي وفتح الأسواق الدولية وتعزيز الانتاج الوطني بحيث يكون أكثر تنافسية وقدرة وقوة وقبولا لدى الآخرين، ما يعني الانتقال بالشراكات والتحالفات الى آفاق جديدة تستوعب جميع القطاعات لرفع مساهمتها وقدراتها لتصبح أكثر فعالية وتحقيق منجزات عملية وواقعية أسوة بتجارب النمو الدولية التي يفترض أن تضعنا الرؤية في مسارها المنهجي، وكلما ازدادت فعالية العلاقات مع الاقتصاديات الكبيرة اكتسبنا كثيرا من مصادر القوة الاقتصادية التي تؤهلنا لتحقيق أهداف التنمية ومعدلات نمو كبيرة تليق بطموحاتنا وتطلعاتنا وصولا إلى مستويات كفاية إنتاجية جديرة برفع مؤشراتنا إلى أعلى درجات الاقتصاد العالمي.