يريد المدير التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا ناديلا تحويل شركة كانت تركز على الكمبيوتر الشخصي إلى شركة تركز على الحوسبة السحابية.. وذلك ما يتضح من خلال هذا الحوار. ■ هل السحابة هي التغير التكنولوجي الكبير الذي سنشهده على مدى السنوات الخمس المقبلة؟ أعتقد أن التحرك الكبير الحاصل الآن هو بالتأكيد التحرك السحابي والتحرك نحو الجوال. فهما يتماشيان سويا. وعندما أقول التنقل، فلا أقصد تنقل جهاز واحد، بل تنقل التطبيقات والبيانات عبر جميع الأجهزة لديك، لأنها تتعلق بقدرة الخبرة البشرية، وليس الجهاز. لكنني أرى أن هنالك ثلاثة تحولات أخرى واسعة النطاق في المنصات. الأولى هي ما أطلقت عليه محادثات كمنصة. إذا كان يمكننا تعليم كل أجهزة الكمبيوتر لدينا لغة الإنسان، هل يمكننا إضفاء الطابع الديموقراطي على الأجهزة حتى بشكل أكبر مما قمنا به اليوم؟ فكر في الأمر. إن النموذج المنتشر اليوم هو تقريبا على النحو التالي: «يتعين علي تعلم الآلية، وأن أتعلم كيفية تحميل 20 تطبيقا، والتنقل بين تلك التطبيقات لتنفيذ المهام»- ماذا لو لم يكن علي مواجهة كل ذلك العبء المعرفي، وإنما أريد فقط أن أكون قادرا على التحدث وإرسال الرسائل الكتابية أو الصوتية لإنجاز المهام؟ هذه طريقة طبيعية أكثر للحوسبة آخذة في الظهور الآن. وستكون ناجحة لدى شخص يبلغ من العمر 85 عاما في الصين، كما أنها تناسب شخصا يبلغ من العمر 5 سنوات في واشنطن. وهذا بالنسبة لي يمثل الحدود المقبلة وما نفعل ب «المساعد الشخصي الممكن صوتيا» كورتانا، الذي نفعله بالروبوتات الخاصة بنا. كما أنني متفائل جدا جدا إزاء إتاحة قدرات الذكاء الاصطناعي أو قدرات التعلم الآلي لكل مطور ولكل تطبيق والسماح لأية شركة باستخدام تلك القدرات الذهنية الأساسية لإضافة عنصر الذكاء لعملياتها الأساسية. إذن، يعد هذا شيئا نقوم به من خلال برنامج الخدمات المعرفية لدينا، المعروف باسم Azure. أما التحول الثالث الذي أنا متحمس بشأنه للغاية فهو ما يحدث في الواقع المختلط. ■ هل تعني بذلك الواقع المعزز؟ هذا صحيح. بالنسبة لي، إنه الصورة النهائية للكمبيوتر. إذا كنت تفكر في مجالك وكأنك إنسان يصبح عرضا رقميا لا نهائيا - وبذلك لا ترى العالم التمثيلي فحسب، بل تكون قادرا على رؤية التحف الرقمية في داخله، بأية شاشة تريد، وأي كائن تريد. إذن هذا ما نقوم بفعله مع HoloLens هولولينس (برنامج نظارات الواقع المعزز في مايكروسوفت). ■ أنت تستخدم لوحة تحكم بالبرمجيات لتتبع مقدار الوقت الذي تقضيه في أداء مهام مختلفة. ما الذي تأمل إنجازه؟ الأمر الأكثر قيمة لدينا هو الوقت. وشعرت أن أحد الأمور الذي ينبغي علينا التأكد أننا نقوم بها من أجل أنفسنا هو منح الناس إحساسا بكيفية قضائهم وقتهم بحيث يمكنهم فيما بعد زيادة السيطرة والتحكم. أما الأمر الذي أحب أن أراه كثيرا فهو مقدار الوقت الذي أقضيه مع الناس خارج الشركة مقابل الوقت الذي أقضيه في الداخل. والأمر الآخر الذي أحبه هو مقدار الوقت الذي أقضيه في الاجتماعات مقابل ما يمكن تسميته الوقت المركز. تحتاج بالتأكيد أن تعقد اجتماعات، لأنه علينا ألا ننسى أنني أقوم بتنفيذ مهام الرئيس التنفيذي عن طريق إغلاق باب المكتب. لكن في الوقت نفسه، يجب أن تكون هنالك حالة صحيحة من التوازن. ■ هل تحاول خفض عدد الاجتماعات؟ لدينا بعض التدابير للتأكد إن كان لديك الكثير من صفوف الأشخاص الذين يحضرون الاجتماعات. تستطيع في الواقع أن تعقد اجتماعا أكثر فعالية من خلال الحصول على المجموعة الصحيحة من الأشخاص لحضوره لتكون قادرا على اتخاذ قرار سليم بأسرع ما يمكن. لذلك، أود القول إن عدد الاجتماعات التي يتم عقدها ليس بالأمر المهم، بل المهم هو مدى فعالية تلك الاجتماعات. كما أننا نأخذ بعين الاعتبار أيضا عدد الاجتماعات الأخرى التي تتمخض عن عقد الاجتماع الأول، لأنه يمكن أن يكون أحد الأمور الأكثر هدرا للوقت هو في إعداد الرئيس التنفيذي لعقد اجتماع، وهنالك 15 اجتماعا تحضيريا قبل عقد اجتماع الرئيس التنفيذي. ■ ما أسوأ نصيحة تلقيتها على الإطلاق؟ يمكن القول إن أسوأ نصيحة تعرضت لها هي من أناس قالوا لي، «حسنا، إما أن تكون صاحب نظرة طويلة الأجل جدا أو قصيرة الأجل جدا». والأمر ليس كذلك أبدا. يمكن أن التوجه طويل الأمد يعتبر فضيلة مذهلة عندما تعلم أنك تسير في المسار الصحيح، عندما تكون في الواقع قادرا على التحقق من صحة الفرضية لديك، عندما تحقق في الواقع تقدما. لكن يمكن أن يكون الوضع رهيبا إذا لم تكن قادرا على أخذ العبرة والاتعاظ مما حصل في الماضي، والتعلم من الأخطاء. «إذا لم تتغير الشركات، فإنها لن تكون موجودة بعد فترة معينة». ■ لقد قمت بالكثير من الأسفار في الربيع إلى كل من الصين والهند وبلدان أخرى في آسيا. ما الدروس التي تعلمتها من مراقبة طريقة استخدام الناس هنالك للتكنولوجيا؟ كلما أزور معظم البلدان، أزور المدارس فقط لأرى ما الذي يحدث هناك. كان هنالك في إحدى المرات مدرسة في جاكارتا والتي قمت بزيارتها، وما كان رائعا هو رؤية الأدوات التي يستخدمها الأطفال هناك - نظام ويندوز وأجهزة الكمبيوتر الشخصي، في الواقع، أعتقد أنهم كانوا يستخدمون جهاز تابلت (اثنان في واحد) ويستخدمون تطبيق وان نوت (برمجية تدوين الملاحظات التابعة لشركة مايكروسوفت). ونفس مجموعة الأدوات التي تستخدمها ابنتي في سياتل هي التي يستخدمها الأطفال في جاكارتا. وحقيقة إضفاء الطابع الديموقراطي عليها أمر مدهش. الأمر الثاني هو كيف يمكن للشركات صغيرة أو متوسطة الحجم والتي لم تمتلك حتى أي جهاز كمبيوتر شخصي قط، ولم يكن لديها بالتأكيد قط أي خوادم، أن تكون قادرة على دخول العالم الرقمي. ربما تكون السحابة واحدة من أكثر عوامل إضفاء الطابع الديموقراطي تحديدا لأنها تجعل من الممكن - من خلال نموذج الأعمال التجارية فيها وعن طريق خفض الاحتكاك - لأي شركة تجارية صغيرة دخول العالم الرقمي دون أية تكاليف. ■ هل ستبقى الابتكارات الرئيسية والقيادة المهمة في قطاع صناعة التكنولوجيا متركزة بشكل كبير في الغرب، أم سنرى المزيد منها منتقلا إلى آسيا؟ أعتقد أن العالم سيصبح رقميا وبشكل متزايد. وهذا يعني أن كل شركة ستكون رقمية أكثر إلى حد متزايد. لكن لاحظ أنه في هذه الحالة يتعين عليك الافتراض بأن مركز التكنولوجيا ينبغي أن يكون أكثر انتشارا. وهذا لا يعني أن القليل من الشركات في الساحل الغربي من الولاياتالمتحدة ستمثل المجموعة الوحيدة من الناس الذين يمثلون الجهات المزودة بالتكنولوجيا في العالم، لأن هذا أسلوب ضيق جدا للتعامل مع الأمور. في الواقع، هدفي في شركة مايكروسوفت ربما يكون في تمكين كل شخص وكل منظمة على سطح الأرض لتحقيق المزيد. والأمر المهم لإنجاح هذه المهمة هو جعل الشركات ناجحة في كل مكان من خلال التكنولوجيا الرقمية، سواء أكانت تابعة لأحد أصحاب المشاريع أم شركة صغيرة، أو مصرفا أو شركة مبيعات للتجزئة في إندونيسيا وتركيا، تقوم ببناء قدراتها الخاصة بها في مجال التجارة الإلكترونية. أعتقد أن هذا سيكون وجوديا لتحقيق النمو.