أقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة، رئيس ديوانه سيرغي إيفانوف من منصبه الذي شغله زمنًا طويلًا. ويأتي تنزيل مرتبة واحد من أقرب حلفاء بوتين -وهو الرجل الذي وقف بجانب الرئيس منذ أيام عملهما معا في جهاز الاستخبارات الروسية (كيه جي بي) إبان العصر السوفييتي ثم صار أحد أقوى رجال روسيا- بعد سلسلة من التغييرات في المناصب الحكومية. ويعتبر إيفانوف الأرفع منصبًا من حلفاء بوتين الذين تأثروا بهذه التغييرات، ويأتي رحيله أيضًا في وقت تتحدث فيه تقارير عن احتمال أن يكون حليف آخر لبوتين، وهو رئيس شركة «روسنفت» النفطية إيغور سيشين، قد بدأ أيضًا يفقد حظوته لدى الزعيم الروسي. وتنم الإجراءات التي أقدم عليها بوتين مؤخرًا عن أن الزعيم الروسي يتحرك بشراسة لإعادة موازنة فصائل النخبة الأمنية والاقتصادية في روسيا وتعزيز سلطته أكثر. وهو يفعل ذلك في وقت تشهد فيه الضغوط الاقتصادية الداخلية في روسيا تزايدًا وفيما يصعّد الكرملين التوترات في أوكرانيا ويحاول إجبار الغرب على التوصل إلى تسوية بالتفاوض. وتدل تحركات بوتين المفاجئة، في روسيا وفي الخارج، على أنه يستشعر تهديدات لمصالحه وفرصًا لا تحتمل التأخير لتقوية مركزه. «إلى اقتراحات مَنْ تستمع، وبمَنْ تثق؟» هذا هو السؤال الذي طرحه ثلاثة صحفيين يكتبون سيرة فلاديمير بوتين عندما ولي منصبه أول مرة منذ 17 سنة. «بمَنْ أثق؟ سيرغي إيفانوف». هكذا جاء رد بوتين الذي لم يكن يعرفه الكثيرون آنذاك. وقد وقف إيفانوف، رجل الاستخبارات الروسية (كيه جي بي) السابق الذي ينتمي إلى موطن بوتين لينينجراد، بجانب بوتين منذ ذلك الحين، في البداية في منصب وزير الدفاع ثم في منصب نائب رئيس الوزراء وبعدئذ ومنذ عام 2011 في منصبه المتنفذ ككبير موظفي الكرملين. وفي 12 أغسطس أقدم بوتين في خطوة غير متوقعة على إقالة السيد إيفانوف، منزّلًا إياه إلى منصب ممثل خاص لقضايا البيئة والمواصلات. وفي هذا السياق، رأت مجلة «الإيكونوميست» البريطانية في تعليق لها أن إقالة إيفانوف تؤذن بعملية إعادة تنظيم كبيرة داخل الكرملين، وتأتي في وقت حساس. فالانتخابات البرلمانية تلوح في الأفق بموعدها المقرر في منتصف سبتمبر، وذلك في وقت يتعرض فيه الاقتصاد لضغوط. وفوق ذلك فإن التوتر مع أوكرانيا في تصاعد على خلفية مزاعم روسية بأن أوكرانيا حاولت شن هجوم إرهابي في شبه جزيرة القرم، وقد نشرت روسيا أنظمة دفاع جوي قوية من طراز S-400 في القرم، وفي غضون ذلك حذر رئيس الوزراء ديمتري مدفيدف من إمكانية قطع العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا. ويقال إن إيفانوف، الذي اعتُبر منذ زمن طويل أحد الشخصيات الأكثر تنفذًّا في صفوف النخبة الروسية، كان من بين الدائرة الصغيرة التي استشيرت بشأن قرار ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014. وقد ظلت وجهات نظره المتشددة في تصاعد خلال الصراع الذي تلا ذلك في أوكرانيا والأزمة التي وقعت بين روسيا والغرب. ولعب أيضًا دورًا مهمًّا في الضغط من أجل تدخل روسيا في سوريا. وعلى الرغم من أن إيفانوف وبوتين يعرفان أحدهما الآخر وعملا عن كثب معا على مدى عقود من الزمن، إلا أن العلاقة بينهما لا تخلو من التوترات. ففي ال (كيه جي بي) إبان السبعينيات والثمانينيات، كان إيفانوف يخدم في الدائرة الأولى النخبوية المعنية بالاستخبارات، وأما بوتين فكان يخدم في الدائرة الثانية الأقل منها شأنًا والمعنية بالاستخبارات.