قرأت خبرا صحفيا عن استهداف وزارة العمل والتنمية الاجتماعية توطين كل القطاعات الصحية وليس قطاع الصيدليات فقط في المملكة خلال الفترة القادمة وذلك بالتعاون مع وزارة الصحة، وأن الوزارة شكلت لجنة مشتركة مع وزارة الصحة لوضع الخطة المناسبة لتوطين القطاع والبدء في تنفيذ الخطة عقب إقرارها. ذكرت في أكثر من مقال انه كان هناك سباق مع الزمن لتطوير الاقتصاد الوطني، وفي فترة زمنية قياسية قامت العديد من المشاريع التنموية في مختلف المجالات مما أدى لازدياد الطلب على العمالة الوافدة بما يفوق المعروض من القوى العاملة المحلية كماً ونوعاً، وبذلك اتجهنا إلى الخيار الوحيد وهو استقدام أعداد كبيرة من العمالة الوافدة، ثم اتجهنا إلى مسار أخطر بعد دخولنا في مرحلة حرجة كانت في ازدياد أعداد الداخلين لسوق العمل من الأيدي العاملة المحلية في سوق عمل تركيبته كانت مدمنة ومعتمدة اعتمادا شبه تام على العمالة الوافدة في عدة مجالات مما أدى إلى تراكم قضية اقتصادية مهمة وهي قضية البطالة. وزارة العمل عليها مسؤولية كبيرة في مواجهة الوضع الحالي، وبنفس الوقت تلك المسؤولية تعتبر مشتركة مع عدة جهات ومن أهمها وزارة الاقتصاد والتخطيط، ووجهة نظري الشخصية أننا بحاجة لإستراتيجية واضحة ومرنة لمعالجة قضية البطالة، ووزارة العمل اعتمدت مبادرات لمجابهة الانكشاف المهني في السوق السعودي، ومن أهمها برنامج التوطين الموجه والذي تم تقسيمه إلى أربعة مسارات «التدخل المناطقي، المجالس القطاعية، برامج قصر الانشطة، برامج التدخل النوعي»، والوزارة منهجيتها ستكون بحساب الفجوة على التخصصات في سوق العمل «كنقطة بداية» قبل اتخاذ اي قرار، مع تيقني التام بأن كل إجراء على أي تخصص سيكون مختلفاً في طريقة تطبيقه لأن عملية البتر مرة واحدة لا تعتبر إجراء صحيحاً في كل محاولة. ولتوضيح منهجية الوزارة فيما يخص قرار توطين جميع القطاعات الصحية بالمملكة، سأوضح ذلك بمثال بسيط عن تخصص «التمريض» للذكور في القطاع العام والخاص، فحجم العمالة في هذا التخصص بسوق العمل السعودي بلغ تقريباً «30 ألف ممرض» منهم 55% سعوديون، وتم تنبؤ حجم نمو المهنة حتى عام 2030م والمتوقع أن يصل إلى «55 ألف ممرض» منهم 29 ألف عامل وافد، وبذلك سيعتبر هذا العدد «29 ألفا» كفجوة سيتم تغطيتها بمواطنين، ولكن هناك أسئلة مهمة قبل اتخاذ أي قرار، فهل لدينا العدد الكافي لتغطية هذه الفجوة، أم مجرد قرار ويتحمله أرباب الأعمال؟، وهل من الأولى أن يتم «القصر» أو «الإحلال التدريجي» في هذا القطاع؟ من المهم جداً أن تكون هناك تفرقة ما بين «القصر» و«الاحلال التدريجي» للمهن والأنشطة، والإحلال التدريجي سيكون نجاحه أكبر من عملية القصر والبتر المباشرة، وما أتمناه في تلك المرحلة قبل أي قرار يخص التوطين أن يكون هناك إلزام لمنشآت القطاع المراد تطبيق القرار عليه بإعداد برامج تدرج وظيفي خاص بشكل سنوي لتدريب السعوديين قبل توظيفهم مباشرة أو إحلالهم تدريجياً بدلاً من الأيدي العاملة الأجنبية في تلك المنشآت، فالتراكم المعرفي ضعيف جداً في سوق العمل، والدليل على ذلك ضعف المهارات الأساسية لأغلب الباحثين عن عمل، وإضافة لذلك عدم مواءمة مخرجات التعليم مع واقع السوق، ووجود تلك البرامج سيساهم في دعم وتهيئة الباحثين عن العمل وتطويرهم مما ينعكس إيجابياً على سوق العمل إجمالاً، وستكون العملية مرنة بشكل اكبر لضمان نجاح تطبيقها. الدواء لمعالجة التشوهات السابقة يجب أن يكون مقداره مختلفاً، فبعض الأدوية يحظر استخدامها لمن هو أقل من سنتين، ولها جرعات مختلفة لمن عمره بين سنتين وخمس سنوات، ومن عمره فوق خمس سنوات، وأيضاً جرعة الدواء تختلف على حسب الوزن، وهذا الواقع لا يمكن إنكاره، ومسألة تحويل التوطين من توجه إلى متطلب لإنهاء الإجراءات والاستمرارية سيكون توجها سلبيا جداً وسيضر بسوق العمل. ختاماً: أحد أهم القطاعات الضعيفة في المملكة والتي تحتاج إلى اهتمام أكبر هو قطاع صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية، ويعتبر من أكبر الأسواق على مستوى العالم العربي بنمو يقدر ب 12% سنوياً، ولذلك من المهم أن نركز على تطويره.