تنظيم وترتيب أوضاع العمالة الوافدة من الأهمية الاستراتيجية بما يسد أي ثغرات أو اختلالات في المنظومة الاقتصادية، ويجعل اقتصادنا الوطني أكثر تماسكا واستقرارا وقدرة على النمو والمضي بقوة في المستقبل الذي يحتاج الى توازن في جميع الإجراءات التي تطال مختلف القطاعات بلا استثناء، وذلك لأن الوافدين يتواجدون فيها جميعها وينبغي بكل تأكيد ضمان إحكام تواجدهم وإقامتهم بحيث يكونون إضافة للنمو وليس خصما عليه من خلال انتاج اقتصاد هامشي أو مواز به كثير من العيوب والسلوكيات غير الصحيحة كغسيل الأموال والتستر التجاري. وبما أن تلك العيوب أصبحت موجودة بالفعل وأمرا واقعا يضاف اليه ارتفاع معدلات البطالة وسط الوافدين فمن باب أولى مباشرة إجراءات وتنظيمات جديدة تقلل المخاطر التي تترتب على النزيف المالي بسبب اقتصاد الهامش والتحويلات التي تفوق قدرات الكثيرين، لذلك نؤيد اتجاه وزارة المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي وجهات أخر الى تنفيذ مشروع للتحقق من التحويلات المالية الخارجية للمقيمين بالمملكة ومقارنتها بدخلهم، فالتستر وغسيل الأموال جرائم اقتصادية تهدر الموارد وتضعف السيولة وتعمل على تخريب الأنشطة الاقتصادية وبالتالي نحصد نتائج كارثية على المديين المتوسط والبعيد. الوزارات المعنية بالقضية ليست مطالبة بإنجاز النظام وحسب وإنما الإسراع فيه، إذ إنها المعنية بتتبع حركة أي نقد في هيكل الاقتصاد الوطني، كما أن ذلك يعزز أنظمة الشفافية ويمنح الاقتصاد قوة مضاعفة في مواجهة تحدياته ويسمح ببناء قواعد بيانات دقيقة مفيدة على مستوى الأمن الاقتصادي والوطني، وقد كانت هناك حاجة ماسة لمعرفة الاتجاهات المالية لكل من يعمل سواء كانت وطنية أو أجنبية حتى تكون السيطرة بالكامل لأجهزة الدولة دون ثغرات أو اختراقات ضارة بالاقتصاد. بحسب النظام يفترض إدراج مداخيل أي وافد عبر التقنية الحديثة وربط البنوك بدون استثناء بشبكة موحدة في هذا الإطار، وهذا ذروة التنظيم الاقتصادي خاصة وأننا مقبلون على تنفيذ رؤية المملكة التي تحتاج لمعرفة كل التفاصيل الاقتصادية وفي مقدمتها الحركة المالية للنقد ومنع نشوء الاقتصاد الهامشي الذي تصعب السيطرة عليه ويمكنه أن يؤذي الاقتصاد الفعلي ويستنزفه ويعمل على تآكله ومن ثم انهياره، لا سمح الله، والخطوة التالية في هذا الإطار أن يسهم المواطن في تدعيم وتعزيز هذه الإجراءات، سواء من خلال الحرص على ضبط حركة الرواتب لمن يعملون معهم من الوافدين، في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، وحتى العمالة الخاصة، أو من خلال التوقف عن التستر التجاري الذي يضر وطننا ويستفيد منه الأجنبي أكثر من المواطن والوطن. نأمل أن يستتبع تطبيق النظام تشددا في تنفيذه فذلك في الواقع يسهم في دفع الخطط الاقتصادية ورؤية المملكة ويحمي الاقتصاد من كثير من الجرائم التي تهدر مكاسبنا، فالوافدون يجب أن يكونوا مصدر إضافة استثمارية وتشغيلية، وقد لا نستغنى عنهم قريبا طالما أننا في خضم حركة استثمارية كبيرة تسعهم وتسع أبناء الوطن، ولكن يجب أن يكون ذلك منظما بحيث يكون المردود النهائي لصالح الاقتصاد الوطني الذي يفيد الجميع وليس من يعملون بالتحايل والسلوكيات الإجرامية التي تنعكس سلبا على من يقومون بذلك وعلى اقتصادنا.