نشاط المقاولات عملية استثمارية متكاملة وكاملة ما يجعل السيولة المالية بمثابة الدم في الشرايين، فهي في خلاصتها تنفيذ مشروعات في مختلف القطاعات بمقابل مالي يتم الاتفاق بشأنه في عقود بجداول زمنية تواكب وتتزامن مع عملية التنفيذ، وفي حال أي تأخر يعني إضرارا بالجداول الزمنية أو الدخول في متاهة التعثر، وذلك هو ملخص الحالة في قطاع المقاولات الذي يعتبر أحد أهم القطاعات الاقتصادية لأنه يسهم في قيادة قاطرة النمو ويكشف حركة نمو الاقتصاد الكلي إن كان متقدما أو متأخرا. في إحدى الصحف صرح رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين بأن معظم شركات المقاولات في السعودية تعاني حاليا عدم وجود وفرة مالية تساعدها على تنفيذ مزيد من المشاريع، وأن تدفقات العمل في قطاع المقاولات بدأ ينخفض بسبب تباطؤ القطاع بشكل عام بنسبة تصل لنحو 30%، وتلك نسبة تبعث على القلق في عمليات القطاع الذي لا يمكنه أن يتوقف إذ يجب توفير مطلوباته المالية بصورة لا تسمح بالتعثر، فالمقاول لا يخضع للحساب والمساءلة إلا في حالة توقفه أو تنفيذه لمشروعات لا تتمتع بالجودة الإنشائية أو تطابق ما تم الاتفاق عليه في دراسات المشروع، عدا ذلك تعود المشكلة بالكامل الى الجهات صاحبة المشاريع. التوقف يتبعه الخروج من النطاق الاقتصادي، وحين تخرج شركة مقاولات من النشاط فذلك سلبي على النمو ويحتاج منهجية لمحاصرة أي حالات غير مبررة من وقف التدفقات المالية للمقاولين، وصحيح قد يكون بعضهم غير مؤهل وغير خاضع لأي تصنيف، ولكن من يعملون كثير منهم يمتلك القدرات والخبرات ولكن ضعف الملاءة المالية يهدده ويضعفه، وإذا بلغ تباطؤ القطاع تلك النسبة التي أشار اليها رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين فإنها تحسب بما يعادلها تقريبا على النمو الاقتصادي، لذلك ونحن مقبلون على تنفيذ رؤية المملكة نحتاج لمعالجات مالية وهيكلية تعيد الحيوية للقطاع ليسهم بدوره المحوري في مشاريع الرؤية، فحجم الاقتصاد الوطني كبير ولله الحمد وقابل للتوسع والنمو رغم مظاهر الانكماش التي تسببت فيها أسعار النفط والركود في الاقتصاد العالمي، ما يجعل ما نمر به تحديا حقيقيا يتطلب تسوية ومواجهة منهجية حتى لا ترتفع نسب التباطؤ ونضطر للبدء من جديد عقب تفكك الشركات وحدوث عدم استقرار في عمليات وأنشطة واستثمارات القطاع، فمواصلة العمل من خلال مواجهة التحديات تزيده مناعة وقوة وطاقة لازمة لمواصلة مسيرة النمو والتنمية، أما أن تتسرب الشركات من السوق وتتساقط فذلك يضر بأنشطة القطاع ويفقده موثوقيته التي يحتاجها في الحاضر والمستقبل.