تنامي نسبة العنوسة في بلادنا يشكل خطرا على التركيبة السكانية وينذر بمشاكل اجتماعية وأخلاقية قادمة، وبحسب آخر إحصائية فإن عدد الفتيات العوانس في المملكة بلغ 4 ملايين فتاة لعام 2015، مقارنة بقرابة 1.5 مليون فتاة في عام 2010 وأغلبهن ممن تجاوزن ال 30 عاما. لدينا عادات وتقاليد في اختيار العروس لم تتغير من زمن الأجداد وعادة يكون إما عن طريق الخاطبة أو عن طريق ترشيح الأم والأخوات، وتتراوح أسعار الخاطبة من ألف ريال إلى 5 آلاف وهي حلقة وصل فقط بين أهل العريس والعروس ولا تعرفهم جيدا وقد تمدح في العريس أو في العروس لأجل المال فقط، وتفضل معظم العائلات السعودية توفير مبلغ الخاطبة والاعتماد على الأهل وهي الطريقة الشائعة أكثر وفيها زيارات لقصور الأفراح ومناسبات الزواج للظفر بالعروس الجميلة. ومن أهم مسببات العنوسة الاشتراطات المبالغ فيها من الفتاة في اختيار فارس أحلامها، ومنها أن يكون غنيا وفي وظيفة مرموقة وبيت مستقل وصالة أفراح ومهر مرتفع خاصة وأن المهور غير محددة في أغلب مناطق المملكة، لأنها تتباين بين فئات المجتمع المختلفة، فهناك قبائل لا يزيد فيها المهر على 40 ألف ريال، وأخرى تتراوح فيها المهور ما بين 70 ألفا إلى 100 ألف.. وقد طرأت تغيرات على نظام دفع المهر، نظرا لتغير النظام الاقتصادي والاجتماعي، فأصبح المهر يتعدى وظيفة حماية حقوق الزوجة ليعبر عن المكانة الاجتماعية وعن المستوى الاقتصادي، مما يؤدي بطبيعة الحال إلى ظهور الفوارق بين الأفراد في مقدار المهر والمظاهر المصاحبة لتقديمه. ومن الأسباب كذلك كثرة أولياء أمور الفتيات الذين يرفضون زواج بناتهم حفاظا على مال العائلة أو حتى على مال ابنتهم الموظفة بشكل خاص ورغبته في الاستحواذ على مال المرأة من إرث أو راتب، بالإضافة إلى العديد من العادات السيئة التي لا تزال متأصلة في عدد من القبائل، أهمها تزويج البنت لولد العم، مما يجعل الفتاة تواجه مشكلة في انتظار أحد من أولاد عمها ليأتي ويتزوج منها، إضافة إلى مشكلة البطالة بين فئة الشباب حيث وصلت نسبة العاطلين عن العمل ل 11.7% في عام 2015. ومن الحلول لظاهرة العنوسة في بلادنا كما ذكرها بعض المختصين الاجتماعيين هو تطبيق هندسة المجتمعات وعلى المستوى الشخصي أرى في تطبيقه إصلاحا اجتماعيا لأنه يراعي خطط التنمية في المناطق والمحافظات والمدن السعودية، وذلك بتقديم خدمات شمولية تقوم على أساس رعاية الأسرة من جميع النواحي لمحاربة ظاهرة العنوسة، وبما يتسق مع خطط البنية التحتية وخطط التنمية المستقبلية التي تختص بقطاعات التعليم والصحة والخدمات البلدية والإسكان وغيرها، وهذه النوعية من الهندسة تتضمن تقدير معدل الخصوبة في كل منطقة، وما هو معدل المواليد المتوقع، وكم ستبلغ نسبة الكثافة السكانية بعد 10 أعوام، وما الحاجات الخدمية التي ستحتاجها المنطقة بناء على ذلك لتكون النتيجة النهائية نهضة حضارية وتنمية مستدامة تتوافق مع رؤية المملكة 2030، ومن الحلول أيضا التشجيع على الزيجات الجماعية وتبني الدولة تأسيس جمعيات رسمية في كل منطقة تُعنى بحصر أعداد الراغبين في الزواج وفئاتهم العمرية ومستوياتهم التعليمية والاجتماعية وذلك من خلال تعبئة استمارة بالمعلومات ورقم السجل المدني عن طريق موقع الجمعيات على الانترنت ودعم تلك الجمعيات بالأفراد المتطوعين وتكون تحت مظلة رسمية أفضل من انتشار الخطابات وتلاشي المصداقية في التوفيق بين الراغبين في الزواج مما يفضي في النهاية إلى الطلاق وتنامي أعداد المطلقات!