قبل أسابيع قليلة، كان تيم كوك من شركة أبل يبتسم بينما كان يصعد إلى سيارة سيدان تقوم بتشغيلها شركة ديدي تشوكسينج. وكانت أبل قد استثمرت للتو مبلغ مليار دولار في شركة المشاركة في الركوب، ومما لا شك فيه أن كوك كان يشعر بالرضا. لكنه ربما كان يتملكه شعور آخر أيضا: الشعور بالارتياح لحصوله على جزء من «نظام إنترنت السيارات» في الصين قبل فوات الآوان. قد تكون هذه العبارة جديدة، لكن الفكرة ليست جديدة. فقد حلت شركات التكنولوجيا وشركات صناعة السيارات منذ فترة طويلة في صناعة سيارات متصلة بالانترنت يمكنها إمتاع الركاب، والتنسيق مع المركبات الأخرى، وتسيير نفسها وفي النهاية القيادة بشكل ذاتي. المنصات مثل كار بلاي من شركة أبل ونظام أندرويد للسيارات من شركة جوجل تبدأ في جعل هذا المفهوم حقيقة. لكن المكان الذي من المحتمل أن يتم فيه رسم مستقبل هذه التكنولوجيا هو الصين. وفي محاولة التنافس هناك، تواجه الشركات الأجنبية خيارا صارخا: التشارك مع شركات أخرى أو التخلف عن الركب. يبدأ ازدهار الصين من خلال سوقها. مع بيع 24.6 مليون سيارة في العام 2015، تعد الصين أكبر سوق للسيارات في العالم. ونظرا لأن مشتري السيارات الصينية النموذجية هو شاب وعلى اتصال دائم بالإنترنت، يكون ذلك الحجم أيضا محركا حاسما للابتكار. وفقا لدراسة استقصائية أجراها معهد ماكينزي في العام 2015، نجد أن 60 بالمائة من مشتري السيارات الصينية الجديدة ربما يقومون بتبديل العلامات التجارية إذا كان ذلك يعني تحسين الاتصال. وهذا يشكل فرصة كبيرة، تقوم الشركات الصينية باستغلالها. أقنع بايدو، عملاق محرك البحث، مجموعة من شركات تصنيع السيارات تمثل حوالي ثلث المبيعات المحلية باستخدام كارلايف، وهو رد الشركة على كاربلاي، في موديلات سيارات صنعت للصين. وسيكون من الصعب إزاحة قبضة بايدو على تلك الشركات - بما فيها هيونداي وبي إم دبليو ومرسيدس وفورد وأودي وفولكس فاجن. حتى لو لم تقم بايدو بإحكام قبضتها على شركات تصنيع السيارات الكبرى، يمكن أن تتعرض أبل وجوجل لموقف صعب. حيث إن خرائط جوجل، وهي مكون رئيسي تصفحي لنظام أندرويد للسيارات، غير قابل للوصول أو غير متناسق في أنحاء كثيرة من الصين. أوقف المنظمون تشغيل خدمة آي بوكس وأفلام آي تونز لشركة أبل في ابريل. على الرغم من أن كاربلاي لم تتأثر، فهم بالتأكيد المشترون المحتملون للسيارات الهدف من ذلك التلميح. وهذا بالضبط ما تريده حكومة الصين. العام الماضي، دشنت مبادرة (صنع في الصين 2025)، وهي تمثل جهودا لتحويل الصين إلى مركز ابتكاري. الفكرة هي دعم الشركات المحلية العاملة على تكنولوجيات معينة على أمل أن تصبح شركات رائدة عالميا. حتى أن وثائق التخطيط استهدفت تحقيق حصص سوقية محددة: ذكرت إحدى الوثائق أنه ينبغي على الشركات الصينية امتلاك 80 بالمائة من السوق المحلية لوحدات الترفيه بحلول عام 2030، و100 بالمائة من السوق لأنظمة الملاحة عن طريق الأقمار الصناعية. لتحقيق ذلك، تريد الحكومة من الشركات التعاون في إيجاد «نظام أيكولوجي» خاص بالسيارات المتصلة، أقرب إلى نظام تشغيل مثل آي أو إس أو نظام الأندرويد. وهذا ربما يعني تعاون المتنافسين النشطين معا، كما هي الحال عندما اندمجت تطبيقات تشارك الركوب المنافسة لإنشاء ديدي تشاكسينج العام الماضي. أو ربما يعني شركات جديدة كليا، مثل مشروع بايدو المشترك مع شركة تأمين لإنشاء شركة تأمين سيارات تستند إلى الاستخدام. بالنسبة لشركات صناعة السيارات الأجنبية، يكمن الخطر في أن هذا النظام الأيكولوجي سوف يمنع منتجاتها من الدخول إلى الصين. والإمكانية الأخرى الأكثر مدعاة للقلق هي أنه في الوقت الذي تتوسع فيه صناعة السيارات في الصين فيما وراء البحار - لا سيما في إفريقيا وجنوب شرق آسيا - سوف يتبعها النظام الأيكولوجي، مع احتمال إغلاق المجال أمام المنافسين من الدخول إلى الأسواق الأخرى أيضا. لكن بطبيعة الحال الأمر ليس ميؤوسا منه بالنسبة لأبل وجوجل. حيث إن ملايين الصينيين الذين يستخدمون بالأصل منتجات نظام آي أو إس أو الأندرويد سوف يريدون بالتأكيد الحصول على نظيراتها في مجال السيارات. وقد وجدت شركات صناعة معدات السيارات الأجنبية، مثل شركة بيونير، مسارها الخاص بها وصولا إلى عالم إنترنت السيارات في الصين. وشركة أبل، باستيلائها على حصة لها في ديدي، تقوم بشراء مكانة لها عندما تختار الشركة منصات التكنولوجيا الخاصة بها. لكن ينبغي على شركات السيارات الطامحة إلى الدخول في شبكة إنترنت السيارات أن تدرك أن عمالقة الانترنت في الصين من الشركات ازدهرت جزئيا لأن الحكومة كانت تحميها من المنافسة. ما لم يصبح المنافسون الأجانب مبدعين، من المحتمل أن يحجب عنهم الدخول إلى عالم إنترنت السيارات أيضا. وهذا يمكن أن يكون مدعاة للأسف - بالنسبة لهم وبالنسبة لسائقي المستقبل.