نهبت الميليشيات الانقلابية الحوثية منذ سيطرتها على مؤسسات الدولة في الربع الأخير من العام 2014م مليارات الدولارات من أموال الشعب اليمني الخاصة والعامة، وقامت بتوظيف هذه الأموال لقتل اليمنيين وشراء الذمم والولاءات وتمويل العمليات العسكرية وشراء السلاح والذخيرة، لممارسة أبشع الجرائم بحق الشعب اليمني طيلة نحو عامين من الممارسات الإجرامية. وبعدما سخرت كل مقدرات الدولة لتوظيف مرتزقتها المقاتلين الذين حشدتهم من كل مناطق البلاد والقرن الافريقي، لم تكتف الميليشيات بنهب اموال المؤسسات العامة وموازناتها وايراداتها، بل تعدت ذلك الى نهب الاحتياطي النقدي في البنك المركزي والذي تجاوز ما نهب منه 4 مليارات دولار خلال فترة قصيرة. 15 مليون على حافة المجاعة وقال عضو اللجنة الامنية بمحافظة تعز امين مهيوب الخليدي ل «اليوم»: ان الميليشيات الحوثية نهبت اموال الشعب لتقتله بأمواله في ابشع عمليتي قتل وسرقة يشهدهما تاريخ اليمن، حيث لم تشهد البلاد عصابة بهذا السلوك الاجرامي المقيت مطلقا. وأضاف: ان عصابة تدعي الحق الالهي في سرقة الشعب وقتله واحقيتها بحكمه بالحديد والنار هي بالأصل قادمة من كهوف التاريخ، ويعتبرالسكوت على ممارساتها عارا على الانسانية جمعاء في القرن الحادي والعشرين. وأضاف الخليدي: ان هناك آلاف الضحايا من المدنيين والجرحى والمشردين والجياع والذين دمرت منازلهم، وكل ذلك تعتبره هذه العصابة عملا محمودا حيث دمرت الاقتصاد، ونقلت نحو 15 مليون يمني الى حافة المجاعة، وهي تدعي البطولة في ذلك، وهو ما لم تفعله النازية في اوج قوتها، حيث لم تدع الحق الالهي في ممارسة جرائمها. نهب الصناديق التقاعدية المدنية والعسكرية والى جانب نهب اموال البنك المركزي اليمني والبنوك الخاصة والتي تتجاوز مليارات الدولارات، بدأت هذه العصابة نهب الصناديق التقاعدية المدنية والعسكرية حسب مصادر تحدثت للصحيفة عن سرقة مليارات الريالات من هذه الصناديق. وعلق الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالكريم سلام على ذلك بقوله: ان فيما يتعلق بالصناديق التقاعدية والتأمينية المدنية والعسكرية، فالمخاوف قائمة لأنه ليس بجديد أن يتم التصرف بأموال هذه المؤسسات، إذ انه في ظل الأوضاع العادية فى ظل حكم المخلوع علي صالح سبق أن امتدت يد السلطات غير القانونية إلى تلك الأموال عامي 2009 و2010 والعبث بها واستثمارها في الخارج لصالح المنفذين، علاوة على ذلك هناك انعدام للشفافية في إدارة أصول هذه المؤسسات والصناديق وغالبا تضمنت تقارير الجهاز للرقابة والمحاسبة تجاوزات وتصرفات مالية مخالفة للقوانين والأنظمة بمليارات الريالات. وأضاف: انه اليوم وفي ظل تعطيل وسائل الرقابة المالية والتدقيق المحاسبي من قبل الانقلابيين من الطبيعي أن تكون التجاوزات أكثر بكثير مما كانت عليه، خاصة ونحن نلاحظ وبشكل يومي تجاوزات مالية وإدارية من قبل السلطات الانقلابية تطال كل هيئات ومؤسسات البلاد وبشكل سافر لم يسبق إليه أحد. تعطيل جهازالمحاسبة والرقابة البرلمانية واشار سلام إلى جانب تعطيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أيضا، تم تعطيل الرقابة البرلمانية بسبب تعليق عمل مجلس النواب، وكلاهما يشكلان ما يسمى بالرقابة اللاحقة على الأموال العامة، وأيضا سيطرة اللجان الشعبية لما يسمى أنصار الله الحوثيين على إدارات الرقابة الداخلية لإدارات ومؤسسات الدولة، وهي تشكل ما يعرف بالرقابة السابقة وبالتالي تكون كل من الرقابة السابقة واللاحقة لنفقات وموارد الدولة معلقة، الأمر الذي يجعل مالية الدولة تحت رحمة الانقلابيين وعرضة لتصرفات خارج قوانين التدقيق والرقابة والمحاسبة. نهب 84 مليار ريال من صندوق الرعاية الاجتماعية وكشفت مصادر خاصة للصحيفة عن آخر سرقات الميليشيات الحوثية حيث قالت المصادر: ان العصابة الاجرامية الحوثية نهبت 84 مليار ريال من صندوق الرعاية الاجتماعية المخصصة للفقراء والمساكين كرواتب ربع سنوية تدفع اعانة اعاشية لهم من الدولة. واشارت المصادر الى ان هذه المبالغ تحولت لحساب اللجان الشعبية، الذراع المسلحة للميليشيات الحوثية التي تمارس عمليات القتل والنهب والتعذيب والتنكيل باليمنيين. من جهته، رسم البنك الدولي في آخر تقاريره عن اليمن صورة قاتمة عن المشهد الاقتصادي بفعل الادارة الانقلابية للاقتصاد اليمني، حيث اشار التقرير الى ان النسيج الاقتصادي والاجتماعي في البلاد اصيب بالشلل منذ بداية الانقلاب، فقد انكمش الاقتصاد انكماشا حادا. وتشير التقارير الرسمية إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي في عام 2015 بنسبة 28 في المائة تقريبا. تراجع احتياطيات النقد الأجنبي وفي السياق، قال البنك الدولي: ان المالية العامة للبلاد تتعرض لضغوط شديدة واتسع عجز المالية العامة من نحو 5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لعام 2014 ليصل إلى 11.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي عام 2015. وتوقف التمويل الأجنبي للموازنة إلى حد كبير بسبب قيام الكثير من شركاء التنمية بتعليق مشاركتهم جراء الانقلاب الميليشاوي وحيثما أمكن، انتقل الشركاء إلى عمليات الطوارئ والإغاثة. وتراجعت حسب التقرير حصيلة الضرائب من القطاعات غير الهيدروكربونية بنحو 25 في المائة مقارنةً بعام 2014. واضطرت الحكومة إلى تأجيل أو تعليق الكثير من التزامات الإنفاق العام، فيما أوفت بالتزامات دفع الأجور والفائدة. وتم تخفيض جميع العلاوات على الأجور. كما توقف الاستثمار العام بشكل كامل. وقال التقرير: انه أدى الانقلاب إلى تعقيد السياسة الخاصة بالنقد وأسعار الصرف. وأدت خسائر عام 2015 في التمويل الأجنبي، وخاصةً في صادرات النفط والغاز، إلى زيادة الضغوط على احتياطيات البنك المركزي اليمني من النقد الأجنبي، مما حدّ تدريجياً من الحيز المتاح لتمويل الواردات وتراجعت احتياطيات النقد الأجنبي إلى أقل من ملياري دولار في أواخر عام 2015 (شهران من الواردات) وبالتالي، توقف البنك المركزي اليمني في فبراير/شباط 2016 عن مساندة الواردات بسعر الصرف الرسمي فيما عدا القمح والأرز. وفي غضون ذلك، أدى اعتماد الحكومة على تمويل البنك المركزي لعجز المالية العامة إلى زيادة رصيد الدين المحلي بنحو 18 في المائة من إجمالي الناتج المحلي ليصل إلى نحو 53 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. العملة الأجنبية من السوق السوداء وكشفت منظمة اوكسفام البريطانية التي لها فرع نشط في اليمن، في احدث تقاريرها، ان هناك أزمة مالية تلوح في الأفق، قد تسفر عن خفض الواردات وزيادة في الأسعار، وذلك عقب تقا رير تفيد بأن البنك المركزي اليمني قد يتوقف قريبا عن توفير خطوط ائتمان للقمح، وهي التي تضمن حصول البائعين على المدفوعات في الوقت المناسب، وأصبح أصحاب الأعمال التجارية يشعرون بالقلق من أنهم سيفقدون نسبة كبيرة من دخلهم، على نحو يجعل التجارة غير مجدية اقتصاديًّا. وقالت تقرير اوكسفام انه يجبَر المستوردون اليمنيون أيضا على شراء العملة الأجنبية من السوق السوداء، وهو ما ينذر بارتفاع أسعار المواد الغذائية على نحو يجعلها بعيدة عن متناول 14 مليون نسمة يتجهون بالفعل نحو المجاعة. واضافت المنظمة: تؤثر الأزمة المالية بالفعل على أكثر الأسر فقرا. ومنذ أن توقف البنك المركزي اليمني عن ضمان أسعار الصرف المواتية على واردات سلعة السكر، لاحظت منظمة أوكسفام زيادات في أسعار السكر. ويذكر ان اليمن يعتمد على الاستيراد في حوالي 90 % من غذائه، ويعد وجود نظام مالي ومصرفي وظيفي أمرا حاسما لضمان إمكانية استيراد الغذاء والوقود وإجراء التحويلات المالية - التي تعد مصدرا أساسيًّا للدخل بالنسبة للعديد من الأسر اليمنية. أسعار القمح في طريقها للتصاعد واشار تقرير اوكسفام الى انه قد يرتفع أيضا سعر سلعة القمح بدرجة هائلة، إذا انسحب المستوردون من اليمن. كان سعر سلعتي الدقيق والقمح وصل أعلى ارتفاع له في يونيو 2014، حيث كان أعلى بنسبة 12 % عما كان عليه قبل الأزمة. كانت الأسعار أكثر استقرارا بوجه عام في فبراير/شباط، لكن بعض المناطق - مثل حجة - شهدت ارتفاعا في أسعار القمح بنسبة 21 % مقارنة بأسعاره في شهر يناير. ونقلت المنظمة عن خبراء في البنك المركزي اليمني ان البنك قد حافظ على قيمة الريال وأبقى على انخفاض السعر الأساسي للواردات الغذائية، من أجل الحد من المعاناة، واحتمالات المجاعة بين السكان. بيد أنهم حذروا من أن البنك المركزي اليمني سوف يستنفذ، عبر المسارات الحالية، موجوداته من العملات الأجنبية على المدى القريب، ويفقد وسيلته الأساسية للحفاظ على العملة المحلية. وهو ما سيسفر عن آثار كارثية على قيمة الريال، والمالية العامة، واقتصاد البلد بوجه عام فضلا عن الرفاه المادي للغالبية العظمى من اليمنيين. ارتفاع الدين العام وبسبب ممارسات الانقلابيين ونهب المال العام ارتفع الدين العام لليمن بنسبه كارثية تجاوزت التوقعات، حيث كشف تقرير اعلن عنه وزير التخطيط والتعاون الدولي الشهر الجاري في الرياض عن ارتفاع كبير في حجم الدين العام الداخلي، خلال عام 2015م، ما تسبب في وصول الدين العام في اليمن الى ما نسبته 94.4 % من الناتج المحلي الإجمالي. واشار التقرير إلى ان إجمالي رصيد الدين العام ارتفع من 22.1 مليار دولار عام 2014، إلى 25.9 مليار دولار عام 2015، وبما يمثل 65.5 % و94.4 % من الناتج المحلي الإجمالي للسنوات نفسها على التوالي. ولفت التقرير الذي اصدرته مؤخرا وزارة التخطيط والتعاون الدولي، حول المستجدات الاقتصادية في اليمن، الى ان القيمة المطلقة للدين المحلي (الداخلي) ونسبته إلى الناتج المحلي الاجمالي ارتفعت بصورة كبيرة عام 2015، اضافة الى ارتفاع عبء المديونية إلى مستويات تنذر بالخطر. ديون اليمن.. مستويات تنذر بالخطر وأشار الى ارتفاع أسعار الفائدة على الدين المحلي (حوالي 16 % على أذون الخزانة) ما جعل مدفوعات الفائدة على الدين المحلي تستحوذ على ما يقارب ثلث النفقات العامة للدولة ( 29.9 % من النفقات العامة)، عام 2015.. مؤكدا ان ذلك يستدعي دراسة إمكان إعادة هيكلة الدين المحلي. وحذر التقرير من ان ديون اليمن وصلت إلى مستويات تنذر بالخطر، ما يضع الحكومة أمام مأزق العجز عن السداد، لاسيما في ظل عدم قدرتها على التوفير أو التمويل، مع انخفاض الإقبال على شراء أذون الخزانة والسندات الحكومية، مقارنة بالسنوات السابقة. وكشف الخبير الاقتصادي عبدالكريم العواضي ان حروب الميليشيات الحوثية منذ 2004 كلفت كل مواطن يمني 4320 دولارا، بمعني أن رب الأسرة المكونة وعائلته المكونة من 6 أشخاص حروب الميليشيات كلفته 25920 دولارا، اي 8.5 مليون ريال يمني. وطالب العواضي بتغيير العملة اليمنية لإنهاء عملية استفادة الميليشيات من العملة اليمنية التي نهبوها.