يحتاج النمو الاقتصادي إلى قفزات واسعة إلى الأمام من خلال منظومة استثمارية تعمل على مسارين، أولهما: تشجيع ودعم الاستثمارات الوطنية في القطاعات المختلفة، وثانيهما: جذب الاستثمارات الأجنبية وتأسيس أصول تسهم في رفع القيمة السوقية للقطاعات الاقتصادية، وصولا إلى بناء الاقتصاد الكلي على قواعد متينة من الاستثمارات المتعددة والمتنوعة التي تنفتح على كل الأسواق الدولية. مؤخرا وافق مجلس الوزراء على الضوابط والشروط اللازمة للترخيص للشركات الأجنبية للاستثمار في قطاع تجارة الجملة والتجزئة بنسبة ملكية 100%، وذلك يدعم الجزئية الخاصة بالاستثمار الأجنبي وجذبه إلى الداخل بكل مزاياه في نقل التقنيات وتأسيس هياكل اقتصادية وإدارية متقدمة ودعم السيولة المالية في جسد الاقتصاد، إضافة إلى تقديم خدمات متميزة وحديثة تواكب العصر، واتخذ ذلك منحى أكثر جدية بشكل واضح برز خلال زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، للولايات المتحدةالأمريكية ووقوفه على التجربة الاقتصادية الكاملة لأكبر اقتصاديات العالم والبدء فورا في تأسيس شراكات مع أكبر الشركات فيها، حيث سلم سموه الرئيس التنفيذي لشركة «داو كيميكال» الأمريكية، أول ترخيص استثماري في القطاع التجاري بملكية أجنبية بالكامل للشركة، إلى جانب منح تصريحين آخرين لشركتي «3 إم» و«فايزر» العملاقتين لدخول السوق السعودي. تلك الخطوات تضع مسار جذب الاستثمارات الدولية الكبيرة إلى داخل اقتصادنا الوطني، فيما بقي الجانب الأهم وهو الاستثمار الوطني الذي يعتبر مسؤولية القطاع الخاص بكل مكوناته وهياكله وأجهزته وقطاعاته، وأرى أن من الضروري أن تبادر الغرف التجارية إلى تنظيم فعاليات مستمرة بالتزامن مع انطلاق أنشطة برنامج التحول الوطني ورؤية السعودية لنشر ثقافة التحول وتعزيز المعرفة الاقتصادية والاستثمارية لدى الشباب وكل مواطن لديه الإرادة القوية من أجل المساهمة في التنمية، ولا يمكن للغرف أن تكتفي بأعمال الإحصاء والتقارير والرصد دون أن تبادر إلى ابتكار برامج وفعاليات وفتح مسارات وقنوات داخلية وخارجية من أجل تعزيز اتجاهات التحول والطموحات الوطنية في النمو والتنمية. إننا بحاجة إلى مزيد من الفعاليات التي تعمل على تعزيز الفكر الاقتصادي وتطوير قدراتنا بما يؤهل لمزيد من المواكبة المستحقة للتطور وأنشطة النهضة التي تتطلب بذل جهد أكبر من انتظار الفرص وإنما استكشافها والبحث عنها وتوليدها، فتجارب غيرنا بدأت من العدم والصفر حتى انتهت إلى غاياتها التي وصلت معها إلى المقدمات الاقتصادية العالمية، وخلاصة كل ذلك تبدأ وتنتهي في الاستثمار البشري الوطني، ومن ثم الاستثمار الاقتصادي في مساريه اللذين تم ذكرهما سابقا.