تثبت العقول السعودية بين حين وحين أنها قادرة مثل غيرها من عقول أبناء دول الشرق والغرب على الابتكار والاختراع والاستنباط، وأنها قادرة على نيل براءات الاختراع، وقادرة على احراز تقدير واعجاب وتثمين الأوساط العلمية الكبرى في أرقى الجامعات الأمريكية والأوروبية، وهذا ما يحدث بالفعل علي أرض الواقع؛ بفعل دعم حكومة خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - لمراكز البحوث العلمية في الجامعات السعودية. آخر ما قرأت حول هذا الشأن هو ما منحته مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ممثلة في المشرف العام على مكتب البراءات السعودي، لعضوين سعوديين من أعضاء هيئة التدريس بجامعة جازان من براءة علمية بعد تمكنهما من اختراع «مضاد حيوي» جديد اطلقا عليه اسم «بيتيد» مضاد للميكروبات ومعزول من بكتيريا ما يسمى ب «الزينور هيدس أنديكا»، والذي تم التوصل اليه بواسطة فريق بحث سعودي. هذا الاختراع الجديد الذي تم استخلاصه من تلك البكتيريا وتمت تجربته بنجاح داخل معامل كلية الصيدلة بالجامعة يحتوي على عدد من البكتريا المعدية المقاومة للمضادات الحيوية، وتمت مقارنته بها وثبت نجاحه وتفوقه على كثير من المضادات الحيوية المعروفة دوليا، وقد حاز هذا الانجاز العلمي الهام على ترحيب واسع بين الأوساط العلمية الدولية، وتناقلته العديد من المجلات المتخصصة. هو انجاز جديد يضاف الى سلسلة من الانجازات الباهرة التي تحققها العقول السعودية داخل الجامعات بالمملكة، بفضل الله ثم بفضل دعم الحكومة الرشيدة للبحوث العلمية، ودعمها أيضا للمتميزين والمتميزات المبتعثين من قبل الهيئات العلمية بالمملكة الى كبريات الجامعات الأمريكية والأوروبية للحصول على الدرجات العلمية العليا في تخصصاتهم، وقد أثبت هؤلاء وهؤلاء قدراتهم الفائقة على الحصول على براءات اختراع لعديد من الانجازات العلمية. الانجاز الجديد يدل بما لا يقبل الشك على أن العقول السعودية لا تقل قدرة وكفاءة وتميزا عن كل العقول في الشرق والغرب متى ما منحت الفرص لإثبات وجودها وتفوقها ونجاحها، وقد برهنت تلك العقول على نجاحها منقطع النظير لقاء منحها الفرص المواتية لتحقيق الكثير من الانجازات الباهرة التي برزت وما زالت تبرز بها عقول النابغين والمتميزين في سائر دول الغرب والشرق. الأمل معقود على تلك العقول لإحراز مزيد من النجاحات والحصول على مزيد من براءات الاختراع في العديد من الميادين العلمية حتى تصل المملكة بعون الله وبفضل دعم الحكومة الرشيدة الى ما وصلت اليه الدول المتقدمة من نجاحات في العديد من الميادين العلمية، فالترحيب الذي لاقاه الاختراع السعودي الجديد من الأوساط العلمية الدولية الكبرى يدل على أن المملكة بدأت في اتخاذ الخطوات العملية للتميز والعطاء في تلك المجالات الحيوية. ما حققه العضوان في هيئة تدريس جامعة جازان من انجاز علمي جديد ليس الأول من نوعه في مجال الاختراعات والاكتشافات العلمية سواء ما تعلق منها بالشأن الطبي أو غيره من الشؤون، فلطالما قرأت حصول العديد من العقول السعودية على براءات اختراع مماثلة، فالنجاح في مجال البحوث العلمية يمثل نصرا جديدا تلج من خلاله المملكة الى آفاق علمية واسعة لا يستهان بأهميتها وقيمتها.