أسس الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، دولة مترامية الأطراف، لم تكن تمتلك من الموارد ما يحقق لها نمواً اقتصادياً مزدهراً في ذلك الوقت، حتى أفاء الله عليها من كنوز الأرض سلعة هي الأغلى، والأنفس على مستوى العالم، فحقق لشعبه تنمية تتوافق مع معطيات ذلك العصر. وحققت المملكة بعد ذلك باعتمادها على النفط كمصدر أساسي للدخل نمواً اقتصادياً عالياً مكنها من امتلاك مقومات الدول الاقتصادية الكبرى، ودخولها منظمة العشرين المؤثرة في العالم، وعلى مدى تنفيذ المملكة لخططها الخمسية التنموية بدءاً من أول خطة في عام 1390ه في عهد الملك فيصل يرحمه الله، وحتى الخطة الخمسية العاشرة في عهد الملك سلمان، يحفظه الله، هدفت تلك الخطط إلى تحقيق تنمية الإنسان والمجتمع السعودي على جميع المستويات، والخطط الخمسية كما هو معروف هي خطط جزئية من الخطة الاستراتيجية للدولة. إن رؤية 2030 تنبئ عن تخطيط استراتيجي متقن، وواضح وشفاف، يمكن من القدرة على استشراف المستقبل، من خلال قراءة الواقع، وتحديد المتغيرات، ويساعد على تحديد الهدف، والتغلب على التحديات. ولقد لقي إعلان الرؤية 2030 صدى واسعاً في أرجاء العالم، ولدى الدوائر الاقتصادية العالمية. لقد حددت الرؤية محاور ثلاثة، تتمثل في محور الاقتصاد المزدهر الذي يعنى باستثمار موقع المملكة الاستراتيجي، وتنويع الاقتصاد، وخلق بيئة تنافسية اقتصادية، واستثمار مهارات وقدرات الموارد البشرية السعودية، ومحور المجتمع الحيوي ذي القيم الراسخة التي يستمدها من عمق إسلامي وعربي، وبيئة عامرة، وتعزيز مبادئ الرعاية الاجتماعية، ودور الأسرة، وتوفير التعليم، ومحور الوطن الطموح بتطوير أدائه الحكومي، ومواكبة التطلعات والآمال، وتحقيق المواطنة المسؤولة في القطاع الحكومي والخاص، وغير الربحي. وتسعى الرؤية لتحقيق جملة من الأهداف تتمثل في المواطنة المسؤولة، والحكومة الفاعلة، والموقع المستغل، والتنافسية الجاذبة، والاستثمار الفعال، والفرص المثمرة، والبناء المتين، والبيئة العامرة، والقيم الراسخة. إن إرادة التغيير التي تنتهجها المملكة في رؤية 2030 قادرة بإذن الله تعالى أن تحقق الأهداف الطموحة التي تسعى إليها، ونحن نعيش في عالم متغير، بل متسارع التغيير، لن ينتظرنا إن لم نلحق بركابه، بما لا يتنافى مع قيمنا الإسلامية والعربية. لقد استمتعت بحديث الأمير الشاب الطموح ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وهو يتحدث بثقة عن الرؤية، وهو في ذلك يحقق قول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله: «إن هدفي أن تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداَ في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك»، وتمثل هذه الكلمات الرؤية الثاقبة لفكر خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله، وهي رسالة الرؤية الطموحة نحو بناء النموذج الأمثل عالمياً وليس إقليمياً فحسب. وفق الله القائمين على هذه الخطة، والعاملين على تنفيذها، وبوركت سواعد تبني مستقبلها بأيديها.