لدى البشر سجل رديء من حيث التنبؤ بالأزمات المالية بحيث يمكن التخلص منها في الوقت المناسب. يعتقد بعض خبراء الكمبيوتر أن الخوارزميات ربما تكون مفيدة. في حالة وجود المعلومات الصحيحة، يمكن التنبؤ ببعض الأزمات. في كتاب The Big Short «التداول الضخم على المكشوف»، يروي مايكل لويس قصة الأشخاص القليلين الذين شاهدوا الاختلال يتنامى في سوق القروض العقارية واستفادوا منه نتيجة لذلك. على مدى عقود، أظهرت البحوث الأكاديمية أن كثيرا من الأزمات المصرفية تأتي مع إشارات تحذيرية مبكرة، مثل تزايد الديون والرفع المالي بشكل سريع. مع ذلك، يغيب عن خبراء الاقتصاد وصناع السياسة بشكل متكرر مثل هذه العلامات التي تنذر بالخطر، جزئيا لأن العالم المالي معقد جدا. بالتالي هل بإمكان الحواسيب رؤية ما لا يستطيع البشر رؤيته؟ في دراسة جديدة، يستكشف عالما الحاسوب سامويل رونكفيست وبيتر سارلين ما يمكن تحقيقه بما يعرف بعبارة «خوارزميات التعلم العميق» - المماثلة لتلك التي استخدمتها جوجل لهزيمة البرنامج العالمي (جو تشامبيون) أو للعب ألعاب الفيديو آتاري في الثمانينيات على مستوى الخبراء من البشر. إن مثل هذه الخوارزميات تعمل من خلال دراسة البيانات وتعلُّم تمييز الأنماط. انطلق الباحثان لدراسة قاعدة بيانات مكونة من 6.6 مليون مقالة تتعلق بالأخبار المالية خلال فترة تمتد من عام 2007 إلى العام 2014، استطاعت خوارزمية الباحثين التعرف بدقة على الأحداث المتعلقة بإجهاد البنوك، كما قدمت أيضا نصا مستخرجا يصف الواقع المالي الذي أدى على الأرجح إلى كل حادثة. حتى إنها تعرفت على الإجهاد في المصارف التي تقع خارج المجموعة التي درستها في البداية، ما يوحي بأنها أدركت بالفعل الأنماط المجدية وربما المخفية للغاية. وهذا ليس تنبؤا تماما، لأن الخوارزمية كانت تعمل من خلال بيانات تاريخية. لكن رونكفيست وسارلين، استنادا إلى المزيد من العمل، يعتقدان أن مثل هذه الخوارزميات سوف تكون قريبا قادرة في الوقت المناسب على قياس مدى الاندفاع النشط في السوق، أو شدة سرعتها من خلال التركيز على الظلال العاطفية للكلمات والتعابير المستخدمة في المواضيع الإخبارية أو النقاشات عبر الانترنت. وهذا حقا أمر يمكن أن نقول إنه تنبؤي. على سبيل المثال، قام سارلين وزميله ماركوس هولوباينين من قبل بدراسة كيفية عمل الخوارزميات في اكتشاف الشروط التي تجعل الأزمات أكثر احتمالا للحدوث، في مقابل التعرف على الإجهاد الفعلي في المصارف. باستخدام بيانات الاقتصاد الكلي ل 15 دولة أوروبية منذ الثمانينيات، استطاعت أساليب آلة التعلم التنبؤ بالأزمات المصرفية بدقة أكبر - والأهم من ذلك، مع نسبة أقل من التحذيرات الكاذبة - مما فعلته أية مجموعة واسعة من الأساليب الإحصائية الأكثر استخداما. كيف سيعمل هذا على تغيير المالية والاقتصاد؟ الأمر الأول الذي من المرجح أن نراه هو أدوات للتكيف مع درجة التعقيد المتزايدة للعالم المالي، من خلال تركيز الأدمغة البشرية على الأمور الأكثر أهمية. وهذا قد يساعد المتداولين في إيجاد فرص الربح، ويساعد صناع السياسة في تحديد المخاطر التي تمس سلامة النظام المالي بأكمله. ومع ذلك، فإن فهم الإنسان لكيفية عمل اقتصادات البلدان ليس أمرا مثيرا للإعجاب إلى حد كبير جدا: حيث إن خبراء الاقتصاد اليوم لا يتفقون حتى على ما إذا كانت أسعار الفائدة المنخفضة تميل لأن تجعل التضخم يزداد أو يتناقص. أساليب آلة التعلم يمكن أن تتجاوز النظرية المشكوك فيها وأن تتعلم مباشرة من خلال البيانات، ما يؤدي إلى إيجاد سبل لتحديد مواطن الضعف التي، بوجود المحرك الصحيح، قد تؤدي إلى حدوث أزمة. في المعركة ما بين ألفا جو من جوجل وبين لي سي دول، لاعب جو تشامبيون، توصلت الخوارزمية إلى تحركات التي كانت تبدو بأنها خارج نطاق الفهم البشري. والخوارزميات المستقبلية قد تفعل الشيء نفسه مع البيانات المالية والاقتصادية، ما يشير إلى علامات تحذيرية لا يمكن لأي إنسان أن يتعرف عليها.