لقد بدأ الموسم الثقافي للنادي الأدبي بالشرقية بداية فعالة وقوية، حيث خصص اليوم الأول للافتتاح والتكريم وحظي ذلك بالاهتمام والرعاية الرسمية من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف- حفظه الله - أمير المنطقة الشرقية، بالإضافة إلى التغطية الإعلامية المميزة. وأما اليوم الثاني فقد خصص لملتقى الكتاب السعوديين الثاني، وكان الشعار العام للفعالية رائعا ويعبق بالوطنية وهو: «الوفاء والتلاحم والوطنية». وما وددت أن أطرحه عليكم هنا هو بعض النقاط والملاحظات الإيجابية من خلال حضوري ومشاركتي في تلك الفعالية والملتقى، وسأدع النقاط والملاحظات السلبية للآخرين، فالبعض يجيد لبس النظارة السوداء! ولا ضير في ذلك ما دام المقصد العام الاستفادة من الكل. فقد قالت المؤلفة والمحاضرة المحفزة، والعمياء البكماء هيلين كلير: «بمفردنا لا نستطيع سوى القليل، ومعا نستطيع إنجاز الكثير» وبتلك النظرة الشمولية نتقدم جميعا بالسفينة الثقافية والأدبية خطوات للأمام. من الملاحظات أن فكرة التكريم كانت ومازالت عملا إيجابيا ومحفزا خصوصا إذا كان لأشخاص بذلوا حياتهم من أجل العلم والأدب وصاروا رموزا مثل الشيخ الأديب أبي عقيل الظاهري (وقد حصل مؤخرا على وسام الملك عبدالعزيز) وهم أيضا ربما كانوا من الذين ابتعدوا عن الأضواء من زمن أو أن الجيل الجديد لم يعرفهم، لكن يبقى مثل هؤلاء في همتهم ونهمهم في القراءة والكتابة والأدب رمزا للحاضر وامتدادا لجذور ونجاحات الماضي، وحكاية للمستقبل. ومنها أن محاور النقاش التي تناولها ملتقى الكتاب السعوديين الثاني كان اختيارا موفقا ومواكبا للأحداث الجارية، حيث كان المحور الأول : «الكاتب والأحداث الوطنية الكبرى» لأن الاهتمام بالقضايا الكبرى للوطن هو الذي يفترض أن يجمعنا ويجعلنا نبتعد عن الفرقة والاختلاف، أو يجعلنا- على أقل تقدير- ننظر للخلاف على أنه أصغر شأنا من أن يفرقنا. وأما المحور الثاني، فكان: «الكاتب والأحداث الثقافية» وتلك نقطة مهمة، إذ لابد للكاتب من مواكبة ما يحدث من حوله من لقاءات وندوات وملتقيات، لأنه بقلمه يستطيع أن ينقل التجربة للمجتمع، فيقترب من المجتمع، وفي نفس الوقت يقرب المجتمع لتلك الأحداث الثقافية المهمة، التي ربما انشغل عنها البعض بما هو أقل أهمية ونفعا. أضف إلى ما ذكرته، فالجو العام للنقاش - خلال ملتقى الكتاب - كان منفتحا ومتقبلا للرأي الآخر، وتلك مندوحة محسوبة للملتقى، لأنه يجمعنا شعار: «الوفاء والتلاحم والوطنية». ومن الملاحظات التي أعجبتني الالتزام بالوقت في المداخلات، أولا: لأن تلك صفة مهنية احترافية، وثانيا: إن اختصار الكلام والوصول إلى المستمع بأقل الكلمات فن في حد ذاته، وقد قيل: خير الكلام ما قل ودل، وفي مقابل ذلك قيل: كثرة الحديث تنسي بعضها بعضا، لذلك أعتقد أن الإعجاز في الإيجاز. ومنها التنوع في مجالات الكتاب، فقد كان منهم أصحاب قلم في السياسة، والبعض في الاقتصاد، والآخر يكتب في الشأن الاجتماعي، وبعضهم مهتم بالشأن الإعلامي. أضف إلى ذلك التفاوت في الخبرات العمرية والسنوية في مجال الكتابة، وهذا يعطي بعدا ومزيجا مختلفا للأفكار والرؤى. ومن النقاط التي أود أن أقترحها للملتقيات المقبلة استخدام وسائل التقنية الحديثة في المناقشات مع الكتاب من المناطق الأخرى عن طريق المؤتمرات المرئية وبالفيديو، وكذلك تخصيص حساب على موقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر للإجابة عن استفسارات الجمهور مباشرة. وأخيرا: سوف تجدون توصيات الملتقى متوافرة على صفحات الانترنت، لكن ما يهم هو الفعالية بالعمل على هذه التوصيات باستخدام مبدأ باريتو في التركيز على 20% من القضايا الأساسية والمهمة التي سوف تنتج لنا 80% انجازات ونجاحات.