في الثامن من أبريل: انشغل الرأيان العامان العربي والدولي بما تم من تجسير للعلاقات التنموية الاقتصادية بين الشقيقتين مصر والسعودية، وهي خطوة جاءت في وقتها تماماً بوعي مدروس من الحكومتين لحجم العائد الأمني والاقتصادي على المنطقة العربية في ظل التحديات المحيطة بالدولتين، حيث أضحى توثيق العلاقات بينهما قضية قومية ملحة. حجم الاستثمار الكبير الذي تم بقيمة اثنين وعشرين مليار دولار، وشمل التعاون في معظم المجالات بينهما؛ رسم للعالم وللأعداء صورة لقوة الارتباط المصيري بين مصر والسعودية. مصر خزان القوة الفكرية والبشرية للعرب كانت الخيار الصائب للاستثمارات السعودية لشد ذراع الاقتصاد المصري وتخطي أزمته الاقتصادية التي مر بها مؤخراً، وذلك يؤكد على إيمان الملك سلمان بثقل دور مصر في العالم العربي، وإصراره على تقوية الصف العربي بقيادة السعودية ومصر لتأثيرهما الحضاري والاقتصادي، فلطالما اختبرت الدولتان كثيرا بالأزمات العظام، لتعود السواعد وتجتمع فتوحد المصير والوجهة، فهنيئاً للشعبين بعرس البناء والقوة العظيم. في التاسع من أبريل: الذكرى الثالثة عشرة لسقوط بغداد على يد القوات الامريكية، الحدث الذي فطر قلب كل عربي عايشه، منذ ذلك اليوم لايزال الشعب العراقي يتلقفه الموت والخوف أينما هام بوجهه. التاريخ يعيد على العراق الشقاء، فما أشبه حالها اليوم بحالها عندما اجتاحها المغول قبل سبعمائة عام، الحلم بالديمقراطية والاستقرار صار كابوس الشعب المكلوم، فلا المحتل حقق لهم ديمقراطيته المخادعة، ولم يستطع الساسة العراقيون إقامة دولة القانون، فعاش العراق أقتم الفصول في تاريخ الشرق الأوسط الحديث. كانت بغداد أولى خرزات الدول العربية التي سقطت، وكلنا اليوم يدرك أن الوحدة وتجاوز الخلافات بين بقية الدول العربية ليس ترفا وأناشيد بقدر ما هو ضرورة بقاء وإنقاذ ما تبقى من دماء وثقافة، فالبقاء والتنمية والحضارة؛ تنمو في ظل السلام والأمن فقط . العاشر من أبريل : رحيل الفيلسوف جبران خليل جبران الذي قال عن الأمم : «إن الكيان المعنوي للأمم يتغير ولكنه لا يضمحل، بل يتحول من شكل لآخر ومن صورة لأخرى، أما دقائقه وذراته فباقية ببقاء الزمن». وبناءً على فلسفة جبران نجدنا اليوم أمام قوة أممية جديدة متباينة الثقافة والجينات والآراء، لكن تجمعها رابطة معنوية أعم وأقوى وأعمق. فالظروف التاريخية والجغرافية التي مرت بها مصر والسعودية خلال المائة عام الماضية؛ أذابت التباينات الكبيرة بين الذاتين العامتين للشعبين المصري والسعودي، وهو ما يجعل العقلاء يستشرفون طريقا مزدهرة للشعبين، انطلاقاً من الإيمان بأهداف عليا تتجاوز الحزبية والطائفية والفردية التي تقضم العالمين العربي والإسلامي منذ عقود ولا تهدأ. فالأمم العظيمة لا تستحدث من العدم، بل تصنع كما يصنع البناء، وأهم أسسها الإدارة الحكيمة التي لا تسيس التوافه، ولا تلتفت للقلة المتشنجة التي تضخم قضايا الاختلاف وتتعامى عن نقاط الالتقاء والنفع مهما كان كبيرا. اليوم وضعنا حجر الأساس لمستقبل بعيد حافل بالتشييد، وغداً في قلب الرياض سيغني صوت مصري: (في موطني بزغت نجوم نبيهِ والمخلصون استشهدوا في حماهُ) ليرتد صداه في سيناء بلسان سعودي : (اسْلمي يا مصْرُ إنّنَي الفداء ذِي يَدي إنْ مَدَّتِ الدّنيا يدا).