في فعاليات ملتقى الكُتَّاب السعوديين الثاني الذي أقامه النادي الأدبى للمنطقة الشرقية ليومين؛ تمَّ عرض ورقة عمل مميزة لسمو الأمير الكاتب بدر بن سعود آل سعود في المحاضرة الأولى لليوم الثاني بعنوان: (الكاتب والأحداث الوطنية الكبرى)، قرأَ فيها وجهة نظره حول موقف كُتَّاب الرأي السعوديين من عاصفة الحزم خلال شهرين من تاريخ 26 مارس 2015 م حتى 21 مايو من العام ذاته، منطلقا من دور الإعلام المهم في التأثير على الجماهير على كافة الأصعدة مهما كُشفت سوأته وطُرحت الثقة من جهة من جهاته. شرحَ الكاتب وجهة نظره في الإحصاء الذي اشتملَ على أربعة آلاف وسبعين مقالة رأيٍ حول عاصفة الحزم في صحف: "الرياض" و"عكاظ" و"الوطن" و"اليوم"، وصفحة الرأي المحلية في صحيفة "الحياة:، واستنتج أن 95٪ منها كان إيجابيا وجادا، مستبعِدًا الأخبار والمقابلات والتقارير والتحقيقات الصحافية من مسحهِ المقالي، لأن مهمته كانت تتوجَّه لفحص مقالات الرأي لأهميتها في توعية المجتمع الذي سيشكِّل رأيه بناء على رأي كثير من المثقفين البارزين إعلاميا، وهذا شيء طبيعي ومُعتَاد. ومن هنا أقول إن نسبة 5٪ من المختلفين مع العاصفة نسبة مخيفة ينبغي فحصها لأنها تمثل الوجه الآخر من المثقف الجديد (الإلكتروني) الذي بات أخطر من الجهات الإعلامية العريقة نفسها! ولعلَّ القارئ المطَّلع سيتذكر بعضا من هذه المقالات وبعض الأسماء التي اختلفت في موقفها من عاصفة الحزم لأسباب كثيرة، قد يكون بعضها مبنيًّا على ماهية العدو ومدى قربه من المخالف بأي شكل من الأشكال! إن نسبة 5٪ تعني وجود أكثر من مئتي مقالة لا تلتحم والوطن، إلا إن كان المثقف موجِّها أو رافضا للحرب لاعتباراتٍ غير فكرية أو مذهبية موضَّحَةً ومبرَّرة، فهنا يمكن القول إن المثقف أدى واجبه، فالمثقف لا يتبع السياسي دائما، بل هو يسبقه فكريا ويؤثر عليه وعلى الجماهير والتاريخ بصورة أكبر، لكن على المدى البطيء. وتنبغي الإشارة إلى وجود نوع من المثقفين المستترين الذين يخاطبون الجماهير أكثر من الإعلام الذي قضى سنوات كثيرة بمهنية أقل من المأمول؛ ألا وهو (المثقف الإلكتروني) الذي لا يُعرف بعيدا عن مواقع التواصل الاجتماعي، ومازال مجهولا في داخلها، ومع ذلك يحظى بشعبية هائلة من المتابعين تفوق عدد المتابعين لصحف إعلامية عريقة! فهل وعى الإعلام وكُتَّابه خطورة ما يكتبونه في صنع المستقبل؟! إن (الكتيبة) الحربية التي (تضم) عددا من سرايا الجيش؛ يأتي اسمها تحت مادة (كتب) التي تُشتق منها الكتابة تعبيرا عن (ضم الحروف وجمعها والتحامها)، وهذا يعني ضرورة التحام جانبنا الحربي والفكري التحاما تاما لعبور الطريق إلى النصر كما نأمل، وعلى هذا الأساس يجب العمل.