أرخت الأجواء العامة داخل صالة العرض المخصصة لدور النشر في "معرض الرياض الدولي للكتاب 2016م" بظلالها، على زوار المعرض واستفزتهم لتصفح الكتب المعروضة لدى 500 دار نشر، في مختلف المجالات المتوافقة مع مختلف الأعمار والاهتمامات والهوايات والمستويات العلمية. ولم يستطع كثير من زوار المعرض أن ينتظروا حتى الوصول لمنازلهم لمطالعة كتبهم الجديدة، بل ذهبوا في رحلة بين صفحاتها واقفين أمام دور النشر، وخلال جلوسهم بعد الفراغ من فريضتهم بين أروقة العرض، أو في المنطقة المخصصة للمطاعم، ملبين بذلك رغبة قوية وانسجاما تاما عند قراءة بعض هذه الكتب، والإبحار بين حروف صفحاتها. تلك المشاهد باتت طبيعية في مختلف جنبات المعرض وممراته، فقد أخذ شغف القراءة من الزوار مأخذه، وأسهمت الأجواء العامة في الحرص على القراءة. وتعدى ذلك للحوارات الفكرية الدائرة بين الزوار بين ردهات المعرض وأنحائه، التي برزت بشكلٍ لافت في أحيانٍ كثيرة عندما تسمع أصواتهم، وهم يستذكرون شخصيات عرفتها الثقافة وخلّدها التاريخ، في حين كانت القضايا الثقافية المثارة في المحاضرات والندوات التي تضمنها البرنامج الثقافي المصاحب للمعرض وورش العمل الثقافية المنقولة عبر الشاشات الموزعة داخل المعرض، وتحدث خلالها شخصيات سعودية وعربية ودولية. ويبدو أن الفضول وحب الاستطلاع لدى الزائرين كان في أوجه ذروته، عندما يظهر عبر لغة الوجوه والأجساد، وتوضح مدى الانسجام الذي يكاد ينسي الزائر محيطه الذي يتواجد به، ويستسلم للكتاب الذي بين يديه، وموضوعاته الشيقة التي استحسنها. الزائر "علي الحربي" ذكر أنه لا يعلم هل الأجواء العامة للمعرض هي من سهلت على الكتاب سرقة أفكاره ونظراته، أم أنه بالفعل كان يحتاج للقراءة، التي يعتبر نفسه مقصرا كثيرا تجاهها. وأوضح الحربي أن التزامات الحياة اليومية، وحالة من الفوضى المعاشة بسبب تزاحم تلك الالتزامات وكثرتها، كانت على حساب القراءة ما جعل الكتب الموجودة في منزلة تظلم من خلال تجاهلها لفترة طويلة، مبيناً أنه كان قبل عامين يقرأ بشكل أكبر من الوقت الحالي، واعداً بأن يأخذ من المعرض الذي يحمل شعار "الكتاب..ذاكرة لا تشيخ" محفزاً، ونقطة نظام، لإعادة ترتيب أوراقه وتنظيم وقته، بحيث يمنح القراءة وقتاً كافياً من يومه. وصنّفت "نوف العاصم" نفسها من المهتمين بالقراءة، معللةً ذلك بزيارتها لجميع الدورات السابقة للمعرض، وحرصها الدائم على تجديد مكتبتها الخاصة وإثرائها بالجديد، حيث تمتلك حتى الآن أكثر من 100 كتاب، حظيت بقراءة بعضها لأكثر من مرة، إلا أنها ترى أن الكتب الحديثة والمتنوعة أو النادرة الموجودة في معرض الكتاب، كانت السبب وراء انشغالها بالقراءة لمدة طويلة في كتابٍ كانت تريد الاطلاع على الفهرس الخاص به لمعرفة محتوياته. وذهبت "رؤى الطاسان" إلى ما ذهبت إليه نوف العاصم ووافقتها، مرجعةً السبب لبعض الموضوعات الجاذبة في فهرس الكتاب الذي تحمله، مما دعاها للبحث عن بعض التفاصيل داخل الكتاب، ومن ثم الانسجام والاستمرار بالقراءة، مؤكدةً أن المعرض أصبح مناسبة متميزة تنتظرها كل عام، وتتمنى أن يقام مرتين في العام الواحد على أقل تقدير. ووجه "حسن الفيفي" بوصلة حديثه باتجاه المكانة الكبيرة التي تتمتع بها الدور المشاركة، التي تؤكد أهمية المعرض والريادة التي بات يمتلكها على المستوى الدولي والإقليمي، عادّاً ذلك سبباً كافياً لاستئثار الكتب الموجودة في لحظة بانتباه الزائر ونسيان ما حوله، مبيناً أن 500 دار نشر من مختلف دول العالم، كفيلة بجلب كتب ترقى للذائقة، وتناسب الجميع دون استثناء. وقلّل "رائد العتيبي" من الإحراج الذي يتصور البعض أنه يشعر به بسبب انسجامه بالقرءاة وجلوسه في أي مكان، وبين أن ارتياحه لأسلوب الكاتب مؤشر يعتد به لتصنيف الكتاب بالجيد، وكذا يأتي قراره، إما بالشراء أو إعادته إلى الرف. ونوه "عبدالله الزهراني" بالتنافس المحمود بين الأندية الأدبية المشاركة، عندما نشاهدها تقدم من خلال المعرض إصدارات جديدة متنوعة الموضوعات، لأن ذلك فيه إثراء لحركة التأليف بالمملكة. ولم يخف الزهراني اهتمامه بمخرجات الأندية الأدبية، عند اتحاد وتعاون أعضاء كل ناد وبذل الجهد المطلوب والمأمول منهم، ومدى الفائدة التي ستنعكس على المجتمع الذي يخدمه ذاك النادي على المستوى الثقافي وحتى الاجتماعي، مشيراً إلى أن كتب الشعر والرواية والدراسة النقدية تستهويه أكثر من أي موضوعاتٍ أخرى. وأشارت "أماني الغامدي" إلى أنها جاءت بقائمة طويلة بالكتب التي تتمنى اقتناءها، والصادرة عن دور نشرٍ عربية، وحضور هذه الدور يصنف ضمن الفرص الممتازة التي يجب انتهازها، والحصول على كامل الكتب في قائمتها، مؤكدةً أن ذلك السيناريو هو الذي يحدث عادةً، ولكن في دورة المعرض هذا العام، وجدت بجانب قائمتها قائمة أخرى لم تك ضمن الخطة، وتقول مبتسمة "زيادة الخير خيرين". وأرجع "خالد السعيد" قدرة الكتاب على أخذه بعيداً عن المكان الذي يقف به، إلى اهتمامه الكبير بالجانب التربوي، الذي يلبيه المعرض بجدارة عبر دور النشر المتنوعة، مبيناً أن موضوع بعض الكتب يصادف حاجة معرفية لديه، مما يسهم في عيش حالة يمكن تسميتها تطبيبا أو علاجا.