لم يكن المدرب اليوناني دونيس بحاجة لأن يخسر كما هائلا من النقاط ليتأكد أن قناعاته بالطريقة التي ينتهجها مع فريق الهلال لا تتناسب إطلاقا مع إمكانيات لاعبيه، ولم يكن الإغريقي بحاجة ليضع فريقه في مركز وصيف المتصدر ليتأكد أن إصراره على مشاركة عدد من لاعبيه سواء في غير مراكزهم أو حتى المشاركة كلاعبين في التشكيل الأساسي لا يخدم فريقه، ولم يكن دونيس بحاجة لأن يرفع ضغط جماهير ناديه وهو يصر على الاستبدالات الخاطئة التي صاحبت الكثير من المباريات وبسببها أهدر فريقه الكثير من النقاط، وبعد أن وضع فريقه في موقف صعب لحسم بطولة الدوري تنبه دونيس أن ما يفعله في الكثير من المباريات الماضية كان من وحي خياله، لا أقول ذلك بعد فوز الهلال على النصر فهذا الفوز ليس بمستغرب وإن حدث العكس فليس بمستغرب أيضا، فقد جرت العادة على أن ديربي العاصمة مفتوح على كل الاحتمالات من حيث النتيجة، دونيس تجاوز بفريقه أكثر من سبع مباريات بولادة متعسرة وكان معظمها أمام فرق الوسط والقاع وخسر وتعادل في مباريات كانت في متناول يديه وكانت الأسباب واضحة من أهمها طريقة اللعب واختراع مراكز لبعض اللاعبين وعدم قراءة جيدة للفرق المنافسة وإعطاء كل فريق ما يستحق قدر إمكانياته الفنية، وأخيرا تخبط في الاستبدالات والسماح لمشاركة بعض اللاعبين الذين لم يشهد مستواهم تطورا منذ فترة بعيدة أو مشاركة لاعبين ليسوا مقنعين فنيا على الإطلاق، وإبعاد لاعبين بمقدورهم ترجيح كفة الفريق، وقد يكون دونيس تسبب في ضياع الكثير من النقاط ولكنه ولإحقاق الحق لم يجد في الكثير من المباريات من يعينه على نفسه، فبعض اللاعبين الذين وضع دونيس ثقته فيهم كانوا حاضرين في الملعب غائبين في اللعب وكانت تمارس من قبل بعضهم فلسفة لا مسؤولة ساهمت في ضياع الكثير من النقاط سواء في المباريات المحلية أو الآسيوية، والأهم من ذلك لم يجد دونيس الضغط الكافي والقوي من جانب إدارة الكرة أو إدارة النادي لإقناعه بالكثير من الأخطاء، الآن وبعيدا عما حدث في السابق لا يزال الهلال في اللعبة وهو قريب جدا من حسم بطولة الدوري والعودة مجددا لها بعد غياب أربعة مواسم كاملة، ولكن بشروط أهمها أن يتنبه ويستشعر نجوم الهلال بأن فريقهم هو المنافس الدائم على البطولات وأن فريقهم عنصر ثابت في المنافسة وأن جماهير فريقهم لا تقبل أن تقيم الأفراح والليالي الملاح احتفالا بمركز الوصيف، وأن فريقهم مرت به أجيال أوصلته للمنصات في 57 مناسبة وأن فريقهم لا يخسر إلا (من فريقهم فقط)، بمعنى أنه متى ما حضرت الروح القتالية والإصرار على تحقيق الفوز والتركيز واستثمار بعض الفرص وليس كلها فإنه في الغالب لا يخسر إلا بظروف خارجة عن الإرادة، لم يتبق أمام لاعبي الهلال ومدربهم دونيس إلا ست مواجهات فإن تم حسم نتائجها كما تحسم مباريات الكؤوس فإن بطولة الدوري في متناول أيديهم ولهم الخيار في ذلك. قبل الوداع.. ليعلم جميع لاعبي الأندية أن الناقل الحصري للمسابقات المحلية وراءهم وأنهم لن يفلتوا من العقوبة إذا ما مورست من قبل أحدهم أي مخالفة سلوكية غير رياضية أو مخالفة مشينة، وهذا يحسب للقناة الناقلة بل وهو من أهم مسؤولياتها فالمنافسة الرياضية فروسية ولا بد أن يمزج المستوى الفني بالخلق الرياضي. خاطرة الوداع.. اكتشاف الأخطاء وإصلاحها دون مكابرة من أهم علامات النجاح.