ما أحوجنا إلى القيم النبيلة التي تترسخ في نفوس الأبناء، وتنعكس على سلوكهم، وتؤثر في تربيتهم مهما تغير الزمان، وتنوعت المؤثرات، تلكم القيم الفاضلة التي نستلهمها من جيل آبائنا الذين عاشوا زماناً رأوا فيه الشدة والرخاء فصبروا، وكافحوا؛ ليصنعوا تاريخا ومجدا ينعم به أبناؤهم، ويعمر به وطنهم، ويسعد به مجتمعهم، من أولئك الآباء السيد عبدالله بن السيد عبدالرحمن آل هاشم عميد أسرة آل هاشم بالمنطقة الشرقية، من مواليد 1345ه بمدينة الأحساء وافاه الأجل فجر الاثنين 20 جمادى الأولى 1437ه، واريناه التراب في مقبرة الكوت بمحافظة الأحساء، وصلّت عليه الجموع الغفيرة، ودع بقلوب صابرة داعية له بالرحمة والمغفرة، هو رحمه الله من النماذج الفذة التي يُستقى من سيرتها النبل والطيبة والكرم. لقد كان بالنسبة لي مدرسة أفدت منها في حياتي، رغبت أن أسجلها لتكون عبرة وعظة للأبناء، كان رحمه الله قمة في التفاؤل، والرضا بمعناه الجميل، والمفعم بروح التسليم بالقضاء والقدر، كان عافاً عن الحديث عن الناس، كثير الحديث عن النعم التي أسبغها الله عليه دون تفاخر أو كبر. كان الفقيد محبا للنصح وحب الخير للغير بروح جميلة وتعبيرات سهلة، يسعى دوماً لصلة رحمه والسعي في تعزيز تلك العلاقات الحميمة بين الأهل، صدوقا مع أصدقائه مظهراً بشاشته لمن يعرف ومن لا يعرف، ودوداً يكسب الآخرين بالتسامح والسعي في تعزيز روح الألفة، والتغافل عن صدود أو تقصير الآخرين نحوه، والعطاء لمن يرى أنه في حاجة. يتهلل وجهه بالرضا والفرح في أيام مرضه عندما يستطيع الذهاب للمسجد لأداء الفروض كان مداوماً ومتعلقاً بالمسجد وبجماعة المسجد حريصاً على أن لا تفوته صلاة الجماعة، عند مجالسته تسمع منه الأحاديث اللطيفة، والكلمات المختصرة التي تشعرك بصفاء قلبه، ونقاء سريرته، وصدق عبارته. لقد كان الخال أبو محمود مثالاً للكفاح والمثابرة طيلة حياته، عاصر تطور المنطقة منذ كان موظفاً في بريد الظهران وبريد مطار الظهران، كان يخدم الناس ببشاشته المعهودة وابتسامة لا تفارق محياه، محبا لعمله، متفانياً في إرضاء من كان ذا حاجة، مجتهداً في كسب الرزق الحلال، متجنباً المغامرة، قنوعاً بما يسر الله له من رزق، شاكراً لله نعمه عليه. جدير بنا نحن أبناء الجيل الجديد، أن نستلهم من آبائنا وأمهاتنا وأهلينا، تلك الصفات الجميلة والاخلاق الحميدة، التي ميزت الجيل الذي سبقنا، وأن نُذكر بها، ونحدث أبناءنا عنها كي لا تنسى، وتتناقلها الأجيال لنحقق استمرارية القيم النبيلة التي يتميز بها مجتمعنا المتآخي المتسامح الطيب، في عصر فقد فيه الكثير مما نحن في حاجة إليه اليوم. رحمك الله أيها الراحل العزيز لقد تركت لنا تركة من الحب والتسامح والطيبة والنفس الخيرة التي لن ننساها بعدك- بمشيئة الله-. رحمك الله أبا محمود وأسكنك فسيح جناته، «إنا لله وإنا اليه راجعون»..