أمير القصيم يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    هل تؤثر ملاحقة نتنياهو على الحرب في غزة ولبنان؟    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 44211 شهيدًا    برنامج الغذاء العالمي: وصول قافلة مساعدات غذائية إلى مخيم زمزم للنازحين في دارفور    موعد مباراة الهلال ضد السد في دوري أبطال آسيا    الجوال يتسبب في أكثر الحوادث المرورية بعسير    المعرض السعودي الدولي للحرف اليدوية "بنان" يوسع مشاركات الحرفيين المحليين والدوليين في نسخته الثانية    سعود بن نايف يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    أمير الرياض يفتتح المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    موقف توني من مواجهة الأهلي والعين    «هيئة الإحصاء»: ارتفاع الصادرات غير النفطية 22.8 % في سبتمبر 2024    تحت رعاية ولي العهد.. السعودية تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي في الرياض    "يلو 11".. ديربي حائل وقمم منتظرة    في أقوى صراع الحريق يشعل منافسات براعم التايكوندو    "السجل العقاري" يبدأ تسجيل 90,804 قطع عقارية بمدينة الرياض والمدينة المنورة    التدريب التقني والمهني بجازان يفتح باب القبول الإلكتروني للفصل الثاني    «التعليم» تطلق برنامج «فرص» لتطوير إجراءات نقل المعلمين    "الصندوق العقاري": إيداع أكثر من مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر نوفمبر    أمر ملكي بتعيين 125 «مُلازم تحقيق» على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    اقتصادي / الهيئة العامة للأمن الغذائي تسمح لشركات المطاحن المرخصة بتصدير الدقيق    الأرصاد: أمطار غزيرة على عدد من المناطق    تنافس شبابي يبرز هوية جازان الثقافية    15 مليار دولار لشراء Google Chrome    يلتهم خروفا في 30 دقيقة    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    القِبلة    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    توقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج ..وزير الصناعة: المحتوى المحلي أولوية وطنية لتعزيز المنتجات والخدمات    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    مشكلات المنتخب    «النيابة» تدشن غرفة استنطاق الأطفال    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    المدى السعودي بلا مدى    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    «سلمان للإغاثة» ينظم زيارة للتوائم الملتصقة وذويهم لمعرض ترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034    جمعية تآلف تحتفل باليوم العالمي للطفل بفعاليات ترفيهية وبرامج توعوية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتّاب اليوم: السكري.. أضرار اقتصادية.. اعتلالات بدنية.. فقدان للقوى العاملة
نشر في اليوم يوم 04 - 02 - 2016

وصف كتّاب الرأي في «اليوم»، مرض السكري، بأنه بلاء من أمراض العصر الحديث والعولمة الجديدة وزمن التقنية والرفاهية، قائلين: لا بد من المراجعات المجتمعية في طريقة وأسلوب حياتنا، ومحاربة الخمول بالنشاط البدني، والالتفات إلى نظامنا الغذائي غير السليم.
وأبانوا في ختام الملف الشهري الرابع عشر «السكري.. القاتل الصامت!»، أنهم لم يكونوا قبل عقود يسمعون بأن هناك مصابا بهذا الداء إلا لأشخاص يعدون على الأصابع، وهم من كبار السن أو أطفال أصيبوا بالمرض في صغرهم، وكان ذلك أمرا نادر الحدوث.
وأشاروا إلى أن قلة النشاط البدني، والعادات الغذائية الخاطئة تعتبر من الأسباب الرئيسية لداء السكري، وبتفاديهما يمكن تقليل احتمالية الإصابة بهذا الداء الذي انتشر في بلادنا انتشار النار في الهشيم حتى أصبحنا من أكثر دول العالم معاناة منه.
وأكدوا أن السكري يخلف حزمة من الخسائر الاقتصادية الفادحة، واعتلالات بدنية منهكة، وفقدانا للقوى العاملة والموارد البشرية الشابة، مشيرين إلى أنه خطر حقيقي على الصحة الاجتماعية، وتداعياته الصحية تتطلب وعيا بضرورة الكشف والمتابعة.
وأضافوا إن بعض المصابين بالسكري لا يتعاطون معه بشكل علمي وصحي والأدهى من ذلك والأمر أن نسبة كبيرة لا تدري بإصابتهم بهذا القاتل الصامت، موضحين: النسب والإحصائيات المعلنة لا تمثل إلا قمة الجبل الجليدي، فلا بد من مجابهة هذا المرض بجهود وطنية تستنفر فيه جميع الجهات ذات الصلة لمحاصرة المرض ومقاومته.
وأردفوا: لعل أبرز وأهم مكان ينبغي التركيز فيه علمياً وثقافياً وصحياً وتوعوياً وإرشادياً هم أبناؤنا الطلاب وبناتنا الطالبات في مدارسنا فمن هنا يبدأ العلاج وليس في المراكز الصحية والمستشفيات التخصصية بعد أن يكتشف المرض في مراحله المتأخرة، لافتين إلى أن فاتورة مرض السكري في مجتمعنا تزداد بمتواليات هندسية مخلفة ضحايا في الأنفس وتكاليف مادية باهظة والمواجهة مع هذا القاتل الصامت باتت ضرورية ولا تحتمل التأخير والتسويف والتأجيل.
واسترسلوا: لعل أهم الجهات التي يمكن لها المساهمة في هذه الاستراتيجية وزارة التعليم، من خلال غرس أهمية ممارسة الرياضة في نفوس النشء، فالعقل السليم في الجسم السليم. وجهود الوزارة بحاجة إلى تكثيف في هذا الصدد من خلال عكس أهمية الرياضة في كافة المناهج وبكثافة، ولا يمنع إضافة إلى ذلك زيادة حصص الرياضة مما يجعلها عادة عند النشء تكبر وتنمو معهم فيتبنوها في حياتهم.
وختموا حديثهم قائلين: يجب أن نقي أنفسنا بداية بالكشف واستعمال الحدس في أي متغيرات صحية، والمسألة في غاية البساطة فأهل العلم يعرفون المرض بأنه خلل في حالة الجسم الصحية، ويفترض متى شعرنا بأي خلل أن نتجه للمشافي، ونتبع نظاما طبيا صارما، حتى تجاوز العارض الصحي، وكلنا أمل في مجتمع معافى يمتلك الوعي الكافي في التعامل مع الأمراض.
السكري في مجتمعنا .. أزمة ثقافية وسيرة تاريخية
وليد السليم
حين تعود الذاكرة إلى وقت مضى لم نكن نسمع بمرض السكري والمصابين به في مجتمعنا إلا لعدد يعد على أصابع اليد الواحدة من كبار السن الذين أصابهم هذا المرض بعد أن تجاوزت أعمارهم السبعين أو أطفال أصيبوا بالمرض في صغرهم وكان ذلك نادراً ما يحدث.
ويبدو أن طبيعة الحياة في ذلك الوقت حيث كان أغلب الأعمال يعتمد على الجهد البدني والعضلي وكذلك عدم توافر وسائل النقل فكان الناس يعتمدون في تحركهم على المشي في المسافات القصيرة والمتوسطة أو ركوبا على الدواب وهذه أيضاً تحتاج إلى جهد وحركة وطاقة، إضافة إلى انعدام صور ووسائل الرفاهية إلا في نطاق ضيق لا يكاد يذكر.
ولا نغفل طبيعة الطعام وقلته، فالطعام يعتمد على ما تنتجه الأرض والأنعام في البيئة التي يعيش فيها الناس، هذا الطعام الذي كان تناوله مقتصراً على وجبة واحدة أو وجبتين في اليوم على أكثر تقدير وحين نؤرخ للتغير في البنية الاجتماعية لمجتمعنا سنرى أن الطفرة جاءت بإيجابياتها وسلبياتها وكان من أبرز السلبيات ذلك التحول الجذري الذي لا تخطئه العين في أساليب حياة الناس وأعمالهم وطبيعة تعاطيهم مع الوفرة المادية.
فتحول غالب الأعمال من أعمال يدوية تحتاج للجهد الجسدي إلى أعمال مكتبية يقضي فيها الموظفون ساعات العمل اليومية في مكاتب وثيرة وتكون حركتهم فيها محدودة أو معدومة.
بعد الطفرة توافرت وسائل النقل فأصبح أمام البيوت ما لا يقل عن سيارتين أو ثلاث وأصبح تحرك الناس حتى في ذهابهم إلى المساجد القريبة أو قضاء حوائجهم من مراكز التسويق المجاورة لا يتم إلا عن طريق السيارة، هذا الذي جعل المشي من الممارسات الغابرة والمنسية، بل إنه قد يستغرب وقد تتم السخرية من الشخص الذي يستغني عن سيارته في مشاويره القصيرة ويعتمد على المشي، بل لربما وصف بالبخل أو قلة العقل.
وعندما أتت الطفرة جاءت معها وسائل الترفيه والرفاهية في المنازل وغيرها وكل هذه الوسائل يعتمد على تقليص الحركة إلى حدها الأدنى فازداد الطين بلة.
أما الطعام وما أدراك ما الطعام ؟! فقد صار الناس في حالة من الإسراف والتبذير ولم يلتفتوا لشيء اسمه نظام غذائي أو ثقافة غذائية، فبعد أن كان طعام الناس يعتمد على البر والتمر والسمن واللبن والعسل واللحوم والخضراوات النقية تحول ذلك بشكل مؤسف إلى تناول الأطعمة المعلبة والمحفوظة التي لا تخلو من الإضافات الكيماوية والمواد الحافظة، فاللحوم لم تعد نقية وطبيعية كالسابق، وكذلك الخضراوات والفواكه التي غالبيتها متأثرة بالمبيدات ويتم قطفها وجلبها سريعاً إلى السوق في صورة من الجشع الشديد قبل فترة تخلص النبات والثمرة من آثار رشها بتلك المبيدات السامة والخطرة بالإضافة إلى انتشار مطاعم الوجبات السريعة التي تحتوي أطعمتها على الدهون المشبعة ومشروباتها على السكريات المضاعفة، والنتيجة سعرات حرارية عالية جداً يتم تخزينها في الجسم ولا يتم حرق إلا جزء يسير منها فزادت نسبة البدانة بشكل مخيف، وعطفاً على ذلك فلم تعد غدة البنكرياس قادرة على التحمل والمقاومة فخرت صريعةً وبالضربة القاضية، إذ كيف لقشة أن تواجه سيلاً هادراً لا بد من المراجعات المجتمعية في طريقة وأسلوب حياتنا ونظامنا الغذائي، ففي الوقت الذي يستهين فيه المصابون بالسكري بالمرض ولا يتعاطون معه بشكل علمي وصحي والأدهى من ذلك والأمر أنه لا تدري النسبة الأكبر في المجتمع أنهم مصابون بهذا القاتل الصامت فالنسب والإحصائيات المعلنة لا تمثل إلا قمة الجبل الجليدي، فلا بد من مجابهة هذا المرض بجهود وطنية تستنفر فيه جميع الجهات ذات الصلة جهودها لمحاصرة المرض ومقاومته ولعل أبرز وأهم مكان ينبغي التركيز فيه علمياً وثقافياً وصحياً وتوعوياً وإرشادياً هم أبناؤنا الطلاب وبناتنا الطالبات في مدارسنا، فمن هنا يبدأ العلاج وليس في المراكز الصحية والمستشفيات التخصصية بعد أن يكتشف المرض في مراحله المتأخرة.
فاتورة مرض السكري في مجتمعنا تزداد بمتواليات هندسية مخلفة ضحايا في الأنفس وتكاليف مادية باهظة والمواجهة مع هذا القاتل الصامت باتت ضرورية ولا تحتمل التأخير والتسويف والتأجيل.
السكري.. اسم على غير مسمى
محمد الجلواح
السُّكَّري..نسبة إلى (السُّكَّر).. هذه المادة الحلوة التي ما مُزِجَتْ بشيء أُعِدَّ للشرب أو الأكل إلا استحال (حلوا).. في الوجه المادي وفي الوجه المعنوي، يطلقها الناس على الأشياء الجميلة مَجازا، وصفة، ومدحا، واستحسانا، وغَزَلا أيضا..
تماما كما يكون للقمر في مثل تلك الوجوه.
و(السُّكَّري): هو أرقى وأسْنَمُ وأعْذَبُ وأجوَد أنواع التمور في منطقة القصيم، وما لَبِث أهلُنا هناك يفاخرون عليه، وينافسون به (الخِلاص) الأحسائي الذي لم يجد ما يرقى إليه أو يقترب منه من كل أنواع التمور في المملكة والخليج على الأقل بشهادة الكثير من أبناء القصيم أنفسهم، وسواهم.
إذن السُّكَّري.. هو حلوٌ في حلو، وغذاءٌ في غذاء، وبالتالي هو عافيةٌ في عافية.
فما بال اسمه الحلو هذا.. قد ارتحل إلى (وباءٍ) فاتِكٍ فَتّاك.. تُقْطَع من جَرّاء الابتلاء به الأطرافُ والجوارح والأجسام، ويستغيث منه المصاب به في كل حين وأوان، ويَدُبُّ في الجُرْم البشري دبيبَ النمل على مادة حلوة..؟
آه.. ربما أُطْلق عليه هذا الاسم (السُّكَّري) افتراضا.. بسبب ذلك الدبيب الذي ينتشر في الجسم كالنمل!
ما بال هذا الداء القاتل يحمل اسما جميلا وهو يصيب صاحبه بالدوران، والغثيان، والإغماء، والنوم الطويل، والسقوط المفاجئ، والأعراض الكثيرة المتعددة/المتداخلة، والصور المختلفة في الإصابة به، حتى فَزِع منه المُعَالِجُون قبل المُعَالَجين؟
وقبل المضي أكثر في هذا الموضوع أود الإشارة إلى أن هذا المقال ليس تَخصُّصا في الداء المذكور، ولا هو يقدم (وصفة) طبية له، ولا تشخيصا مُخْتَبريا عنه، ولا هو يعرض تجربةً مُجَرَّبة حوله.. بل انطباع عام مما يقوله ويشعره الناس عن هذا المرض كما يخطر في البال سؤال هو: هل كان هذا الداء موجودا قبل عصرنا هذا، وهل كان السابقون الأولون مصابين به دون أن يشعروا، أو يعلموا شيئا عنه؟
أظن الجواب بالنفي وإن كانت موسوعة (ويكيبيديا) تذكر أنه مرض قديم والدليل في حد علمي ومصادري المحدودة أن لا أحد من علماء الطب المسلمين السابقين كابن سيناء، وابن البيطار، والبيروني، والكندي وغيرهم تناول هذا الداء فيما تم تناوله من أمراض وأوبئة معروفة وظاهرة في زمانهم.
إذن هو بلاء عصري من ابتلاءات الزمان الحديث.
وانتَ كُلّما تَمَعَّنْتَ في مُفردة (السُّكَّري)، واسْتَظْهَرْتَ حيالها ما يكون للمصاب به من (أوبئة) مختلفة.. مجموعة في وباء واحد.. تصاب ب (وباء) العجب، ويلبسك ثوب الدهشة السوداء! .. فمن دوام التَّبَوّل أعزكم الله إلى زَرْق الحُقَن في أماكن مختلفة من الجسم، إلى شرب الماء من غير ظمأ، وشرب السوائل الأخرى دون حاجة، وارتعاش الجسم ونحوله، واصفرار الوجه، وغيره.
وعلى ذكر ارتعاش الجسم ونحوله، تحضر الأبيات المعروفة التي شدا بها طلال مداح:
لي في مَحَبّتِكمْ شهودٌ أربعٌ
وشهودُ كلُّ قضيّةٍ .. اثنان ِ
خفَقانُ قلبي، واضطرابُ جوارحي
و نُحُول جسمي، وانعقادُ لساني
ولاشك أن هذه الأعراض مقبولة و (سكرية) في الحب والحبيبة، لكنها (مُرَّة) في (السُّكَّري).
إذن هو اسم على غير مُسَمَّى.
هذه هي الخلاصة التي يمكن الوصول إليها.. وهي خلاصة قاتلة، كالمرض نفسه.
لكن.. وأنت تُقَلِّبُ صفحات (الكُتَيِّبات)والنشرات التي تزودك بها المستشفيات، عن داء (المُرّ) أقصد (السُّكَّر).. تجد أن هناك بصيصا من الأمل في علاجه، أو التخفيف منه، وذلك باتباع الارشادات المُدْرَجة في تلك النشرات، وإن كان هو في الأساس يؤدي إلى الفتك والبَتْر، والموت.. حمانا الله وإياكم منه ومن كل الأوبئة.
وبكلمة.. ففي الوقت الذي تكون كلمة (السُّكَّر).. تُدْخِلُ على العافية.. الطعمَ الحلو ..
نجد مفردة السُّكَّري/ المرض.. المأخوذة من السُّكَّر.. تُدْخِل على العافية البلاءَ والموت ..
فيا لها من مفارقة، لاسم داءٍ على غير مُسَمَّاه ..
الوعي الصحي بداية العلاج
سكينة المشيخص
كثير من الأمراض المزمنة ذات طبيعة كارثية على الصعيدين الشخصي والاجتماعي التنموي، غير أن مبتدأ ومنتهى الوقاية والعلاج عند الفرد نفسه تماما كما قيل في الأثر : "الإنسان طبيب نفسه" بمعنى معرفته بالأضرار التي يمكن أن تلحق به جراء تعرضه لأي مخاطر، وحدسه من الذكاء الطبيعي والفطري بما يؤهله لأن يمارس تطبيبا مختصرا يكفيه مشقة وعناء العلاج والتردد على الأطباء.
مرض السكري أصبح أحد أكثر الأمراض شيوعا في الأوساط الاجتماعية، ومن المؤسف أن ينتشر في مجتمعنا بالنسب الكبيرة التي نقرأ ونسمع عنها، لأنه مثل السرطان يمكن تجاوز خطره إذا كان هناك وعي مبكر به وبأعراضه، خاصة أن الكشف المبكر كفيل الى حد كبير في التعامل مع الأورام في إطارها الحميد، ولكننا نعاني كثيرا في الواقع من ثالوث قاتل دون وعي مجتمعي كاف للحد من أضرار تلك الأمراض، وهي: السكري والسرطان والسمنة وما يترتب عليها من حزمة أمراض أخرى أقلها قلة الانتاج وتراخي الحركة الى الحدود الدنيا.
لا يمكن لمرض أن يكون مصدر حرج اجتماعي، والتعامل مع الحرج على هذا النحو الذي يوقف الخطى تجاه المستشفى أو المصحة، هو بداية قتل النفس وتمكين المرض منها، وحين نملك إرادة الحياة فإن ذلك يضعنا في الطريق الصحيح للشفاء، لذلك من المهم أن نعرف أقل قدر من الجرعة المعرفية بأعراض هذه الأمراض والكشف المستمر على البدن والوظائف الحيوية حتى لا نضاعف من متاعبنا الصحية، فذلك يحرم المرضى كثيرا من متع الحياة وهي جميلة لمن يعيشها ويحياها بقدر معرفي مناسب.
مرض السكري الذي يتناوله ملف الصحيفة خطر حقيقي على الصحة الاجتماعية، وتداعياته الصحية تتطلب وعيا بضرورة الكشف والمتابعة خاصة أن أنظمة العلاج والرقابة الطبية عليه في متناول اليد، لذلك فإن أي تقصير أو قصور في العلاج ومواكبة الحالة المرضية يعود الى الشخص نفسه، ولا أحد بالتأكيد يرغب في أن يستسلم لعلة مرضية، لأن العافية تاج على رؤوس الأصحاء ولا يمكن التفريط فيها إلا بقدر الله، لكننا نظل مطالبين بأن نقي أنفسنا وأول ذلك يبدأ بالكشف واستعمال الحدس في أي متغيرات صحية، والمسألة في غاية البساطة فأهل العلم يعرفون المرض بأنه خلل في حالة الجسم الصحية، ويفترض متى شعرنا بأي خلل أن نتجه للمشافي ونتبع نظاما طبيا صارما حتى تجاوز العارض الصحي، وكلنا أمل في مجتمع معافى يمتلك الوعي الكافي في التعامل مع الأمراض، ونسأل الله العافية للجميع.
لينا السكرة
##سالم اليامي##
الأستاذ محمد أبو لينا مدرس الرياضيات لأكثر من سبعمائة طالب بمدرسة تعج بالمدرسين والطلاب والعمال من فراشين وغيرهم. ناله حسد كبير من أقرانه المدرسين الذين رأوا انه يتمتع بمزايا لا يحصل عليها بل لا يحلم بها كثيرون غيره. أيسرها أن هذا الرجل الطويل القامة الابيض اللون ذو الأسنان البيضاء الكبيرة الحجم والصوت الجهوري، الرجل الذي تحمر أوداجه في حالتي الضحك والغضب، اتهم بأنه الطفل المدلل للإدارة، وربما ذهبت الظنون بالبعض إلى اعتباره خائنا للامانة وأنه ربما يضمن نجاح ابناء السيد مدير المدرسة في مادته الصعبة الرياضيات!! مقابل هذه التسهيلات والتساهلات!!
كثيراً، ما كان مدرس الاجتماعيات الاستاذ عبدالرحمن يردد بلهجته السودانية الرشيقة الحادة: «ما قادر أفهم يا جماعة، كيف جغرافيا الحصة الأولى!! والرياضيات الحصة الرابعة؟؟»
ويضرب بيديه على الطاولة الصغيرة أمامه التي تزاحمت عليها دفاتر التلاميذ وكاسات الشاي نصف الفارغة فيرد عليه احمد غزاوي، بحرقة وحنق: «يا زلمة اسكت. شو كل يوم بدك تعيد هالموال؟ خلاص العملية واضحة! شو يا عبدالرحمن فاكرينا صغار بنمص اصابيعنا.» ثم يختم بعبارته المشهورة التي تملأ حجرة المدرسين كلما دار نقاش بينهم وهي لزمة «إيه» وكان يمدها أو يقصرها بحسب درجة استغرابه، واستنكاره للموضوع الذي يتحدث فيه في صبيحة أحد الأيام الشتوية وكان بداية أسبوع اجتمع مدير المدرسة عجيل ابو ناصر بهيئة التدريس وكان الاجتماع سريعا وقصيرا وحاسما، توزعت بعده حصص الرياضيات التي يقدمها الاستاذ محمد ابو لينا على الزملاء. نظرا لان الرجل سيغادر البلدة إلى العاصمة في موضوع عاجل.
بدأت موجة التكهنات بين أوساط أعضاء هيئة التدريس الذين يفوق عددهم العشرين معلماً. وقبل نهاية اليوم الدراسي وفي استراحة ما بعد صلاة الظهر كان فهمي المنياوي يطلق زفراته بلغة عربية فصيحة تتناسب وحرصه على تعليم اللغة العربية، ولكنها لا تخلو من لكنة مصرية محببة، خاصة الكلمات المتناثرة بين الجمل والتي ليس لها معنى سواء بقيت في سياق الكلام المنطوق أو تم الاستغناء عنها، مثل بقى، وهو ينطقها «بقا»، وأحيانا «بأ»، مع هز رأسه الحاسر الذي تعتلى قمته شعرات شقر خالط بعضها شيب ليس بقليل.
انتهى الأسبوع، ونال كل أو معظم المدرسين نصيبهم من عبء حصص ابو لينا. وقضى المعلمون عطلة نهاية الاسبوع في حيرة وترقب، هل سيعود زميلهم ويتخلصون من حمل الحصص الاضافية، ام سيمارس دلاله على الادارة وينعم بالدف في فراشه في أحد فنادق العاصمة كما يعتقدون.
المفيد، جاء اسبوع جديد وكانت التوقعات إما ان الرجل عاد، و»حط في عينه حصوة ملح» على رأي فهمي المنياوي، وريح الناس من مادته التي تحتاج مذاكرة قبل توصيلها للطلبة، أو أنه ناسبه هواء العاصمة وبقي هناك اسبوعا أو اسابيع أخرى. ولم يخطر ببال أحد أن يخبرهم السيد المدير بأن زميلهم تم نقله للعاصمة، وسبب ذلك أن ابنته لينا مصابة بداء السكري من النوع الثاني الذي يتطلب الحقن اليومي بإبر الانسولين. وان الخدمات في البلدة لا تتوفر بالشكل المطلوب خاصة لحالة طفل لم يتجاوز الأعوام التسعة.
أكمل الرجل معهم ذاك الأسبوع على أن يبدأ الاسبوع الذي يليه في العاصمة حيث ستخضع لينا لمراقبة طبية مكثفة؛ نظرا لأن حالتها الصحية لا تستجيب بشكل مناسب للعلاج! في آخر أيام ذلك الاسبوع قرر عبد الرحمن السوداني وأحمد الغزاوي وفهمي المنياوي تنظيم زيارة لتوديع لينا ووالدها قبل مغادرتهم بشكل قسري جراء مرض السكري الذي أرهق طفولة لينا، وأثر على السير الطبيعي لحياة السيد والدها وباقي افراد أسرتها. حملوا هدية مناسبة واعتذروا من الرجل وأخبروه بحقيقة ما كانوا يفكرون به. ابتسم وهم يودعهم وقال بصبر: «سأنسى كل ذلك ولكني أوصيكم الحرص على أرواحكم وعلى ابنائكم من مرض السكري الذي يهدد حياة سكرتي لينا».
السكر الخفي
أنيسة السماعيل
ما السكر الخفي؟ وكيف نتجنب الإصابة به؟ وما أسبابه؟
السبب الرئيسي هو حياتنا وتغذيتنا اليومية وخاصة ما يتعلق بالاطفال وما يتعلق بالتغذية المدرسية وما يباع للصغار خلال اليوم الدراسي وما يباع دون مراقبة في المقاصف المدرسية دون متابعة وتركيز وحذر لان كل ما يتناوله الصغار سبب أساسي لاصابة الأطفال بأمراض العصر وفي مقدمتها السكر الذي تجاوزت الإصابات به ارقاما خيالية ومزعجة..
ان شراب العصير الذي يتسابق عليه الأطفال في الفسحة المدرسية يحتوي على اكثر من عشرة مكعبات سكر، والبطاطس وما تحمل من دهون مضرة وقاتلة لان الطفل يتناول تلك الأطعمة في الصباح الباكر دون ان يتناول الفطور الصحي الذي سوف يمد جسده بالقوة والنشاط، ان الاهمال وعدم المتابعة لليوم الدراسي الذي يجب ان يكون له خطة غذائية وبرنامج صحي وبمتابعة جادة وبرنامج يشمل برنامجا رياضيا متكاملا كل يوم ويشمل الجنسين كلا حسب ما يناسبه ومنها الجري والمشي والالعاب الخفيفة التي تجدد النشاط طوال اليوم وان يتم منع تلك المشروبات التي تمد الجسم بسكر مركز لا تتحمله اجساد الصغيرات والصغار، ان يكون الإشراف الطبي والمتابعة الطبية من الوحدات المدرسية ومراقبة الصغيرات خاصة مريضات داء السكري وعمل توعية مستمرة بما يتعلق بهذا المرض وغيره وبيان خطورة الاهمال، ان يكون للمراكز الصحية التي تتواجد في الأحياء نشاط مكثف وتواصل مستمر مع أهل الحي وبيان أصول التغذية السليمة واهمية الرياضة، ان تقام مهرجانات تشارك فيها وزارة الصحة والتربية والتعليم للتوعية بكل ما يستجد حول هذا المرض وكيفية الحذر من المضاعفات.
ان السكر الخفي يتواجد في كثير من الأطعمة التي يتناولها الصغار بكل اصرار وفي كل المناسبات ومن المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة، ان الاعداد التي تصاب بأمراض السكر تشكل ظاهرة خطيرة على جميع الاعمار ولكن الأطفال هم الفئة التي يحزن من اجلها الجميع لأنها تفتقد أمورا أساسية للتعامل مع هذا المرض الذي يتطلب المواظبة على العلاج واتباع الحمية وحماية البصر من المضاعفات وتجهل وتهمل التعامل مع الأنسولين، لذلك يجب ان تكثف الجهود لمحاربة اسباب المرض ومراقبة التغذية المدرسية والاهتمام بمريض السكر خلال اليوم الدراسي، ويجب ان يكون للجميع دور متميز لمحاربة هذا المرض الصامت والخطير، وأن تكون المتابعة ليست على مستوى العلاج والإنسولين للمصابين.
نحن بحاجة لمحاربة كل الطرق التي تسبب هذا المرض الذي اصبح تجاهله يسبب كارثة لكل الأعمار وان الإصابة به أصبحت كل ثانية والمبالغ التي تصرف على مكافحة ومقاومة هذا المرض وصلت للمليارات، ومع ان الوقاية والاهتمام من اهم الأمور في حياتنا اليومية والوعي الصحي والتقيد بأصول التغذية ومتابعة الرياضة سر مكافحة كل الأمراض ومد الجسم بالقوة والصحة لذلك يجب ان يكون للمقاصف المدرسية دور فاعل ومستمر وان يوفر التغذية الصحية التي يحتاجها الطالب وان يكون للوحدات الطبية دور متفاعل قبل الاصابة بالمرض وبعد الاصابة وان يكون دورها وتواجدها بقوة وتأثير وتراقب كل ما يقدم الطلبة والطالبات لان الصغار يمضون معظم وقتهم في المدارس ويكتسبون عادات غذائية غير صحية تتسبب في انتشار أمراض العصر وزيادة معدلها الذي اصبح خطيرا جدا في مجتمعنا.
الحلوين يحبون الحلا
د. عبدالمنعم القو
مبادرة صحيفة (اليوم) المشكورة والمستمرة للحملات والندوات والمعارض التوعوية الطبية جزء من رسالتها لحماية المجتمع قاطبة من الأمراض الفتاكة التي انتشرت، كما لم تكن من قبل، وهنالك أسباب عديدة من أبرزها العولمة التي استقطبت مصانع وحلويات من الشام والغرب وآسيا والهند وغيرها للوطن، منذ ما يقارب أربعين عاما سابقة، فبدأ المواطنون والمواطنات يضيفونها على موائدهم وبخاصة النساء اللائي يعتبرنها واجبا لازما عند زيارة مريض بالمستشفى أو المنزل، فيقدمن له شيكولاتة بيضاء وبنية مليئة بالسكر المضاف، وهذا من العجب العجاب الذي لا يمكن أن تراه في ثقافات أخرى، إذ كيف تعطي المريض داء اضافيا الى جانب ما هو عليه؟ والحال كذلك عندما تأكل المرأة الحامل ما لذ وطاب في شهر رمضان وبعده بحجة الحاجة للطاقة والسكريات، والتي نعتبرها غير متوازنة مع الطاقة المبذولة والتي يحتاجها الجسم بكميات متعادلة تتناسب مع حاجة الجنين بنسب مقدرة مع ارشادات الطبيب المعالج، إلا أن بعضا من أخواتنا - هداهن الله - ليس عندهن مانع من تمر السكري بأعداد كبيرة، وهو الذي يحتوي على نسب عالية جدا من السكر الذي يصعب على الجسم امتصاصه ثم العصيدة وفوقها الدهن الحيواني وبعدها الكعك بالكريما مما لذ وطاب - كما يظنن - والبقلاوة الشامية واللقيمات بالدبس ثم بيالة الشاي بالسكر المضاف الملقم ثم الكراميل كوفي وفوقه الرغوة البيضاء المهلكة، وطوال اليوم أخواتنا وإخواننا (طابين) في العسل اليمني والسدر مع القشطة كاملة الدسم من الصبح، (ويخلصون) بعد كم ساعة ليقابلوا الأرز الهندي واللحم والروبيان والخبز والسندويتشات والمعكرونة في المطاعم الايطالية والبيتزا المغلظة أو المدبلة الى وقت النوم، والطفل قبل أن يذهب للمدرسة والجامعة سنيكر وبونتي على الريق، وهذا كله (عادي)، وطاقة وهم لا يدرون أو (مطنشين) ويرددون مقولة إن الحامل تحتاج والطفل يحتاج والمرأة تحتاج والمعرس يحتاج، ولكن غفلوا عن شيء واحد، أن قدرة البنكرياس والكبد والقولون والدم والقلب والعضلات والأوردة والأعصاب تراها تتعب في الامتصاص، وفي وقت مفاجئ ترى لك تنويما في المستشفى والسبب هي العولمة التي جعلتنا نخبط بعصا الهريس فوق تحت، وتناسينا وصية الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام الرشيدة: «ثلث للطعام وثلث للماء وثلث للهواء».
وللأسف إن دور الإعلام بارز في التوعية الأسرية والمجتمعية، ولكن المدارس والجامعات عن هذا مدبرة، بمعنى آخر وزارة التعليم أكبر همها في المرحلتين الحشو والامتحان المركزي وكمية معلومات كبيرة مكررة رياضية حاسوبية عددية فيزيائية كيميائية جغرافية مساحية، وتناسى مصممو المناهج ما يحتاجه الفرد في واقعه الاجتماعي والصحي والاقتصادي والمعيشي، وهذه من المآخذ التي أكررها دوما على طلابي وطالباتي في تصميم المنهج، وهي عدم ارتباط أغلب مناهجنا مع الواقع الذي يعيشه المتعلم حاليا ومستقبلا.. بمعنى آخر أين أنتم عن الصحة والتثقيف الميداني؟ وأين أنتم عن التوعية المرورية وأخطار الحريق والتمديدات وتنشئة الأسرة من الواقع وليس نظريات تردد وتحفظ لترد لمن علمها دون فهم حقيقي كلام (يعور القلب)؟ دعونا نأتي عليها لربما في وقت لاحق.
وقبل الختام، أتمنى أن أرى اليوم في عهد الملك سلمان وسمو ولي العهد الأمير محمد وسمو ولي ولي العهد الأمير محمد أن يتم التعاون الحقيقي العملي الملموس بين وزارات التعليم والصحة والتجارة والمرور لسلامة الوطن من الأمراض والوفيات والاعاقات والاستيراد المفتوح بأبواب مشرعة.
وفي الختام، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين، واحفظ وطننا وقادتنا وعلماءنا وشعبنا وجندنا، وانصرنا على من عادانا، وجنبنا وذرياتنا وأحبابنا السقم والوهن.. آمين.
داء السكري .. الدواء في أيدينا
زياد الغامدي
قلة النشاط البدني، العادات الغذائية الخاطئة تعتبر من الأسباب الرئيسة لداء السكري، وبتفاديهما يمكن تقليل احتمالية الإصابة بهذا الداء الذي انتشر في بلادنا انتشار النار في الهشيم حتى أصبحنا من أكثر دول العالم معاناة منه. خسائر اقتصادية فادحة، اعتلالات بدنية منهكة، وغير ذلك مما يسببه هذا الداء يمكن تفاديه بنشر ثقافة الرياضة والاهتمام بجودة الغذاء المتناول.
وهذا لا شك بحاجة إلى جهد أعمق وأعم من المبادرات المنفردة للمنشآت الصحية والتوعوية في بلادنا التي بلا شك تقوم بعمل رائع يشكر القائمون عليه، إلا أن الأرقام تشير إلى استفحال تفشي هذا الداء، ما يتطلب استراتيجية محكمة تتضافر معها الجهود حتى نتمكن من خفض نسب الاصابة به إلى مستوياته الدنيا.
ولعل أهم الجهات التي يمكن لها المساهمة في هذه الاستراتيجية وزارة التعليم، من خلال غرس أهمية ممارسة الرياضة في نفوس النشء، فالعقل السليم في الجسم السليم.
انا لا أقول : إن وزارة التعليم لا تقوم بجهد تشكر عليه في هذا السياق، لكن أود تسليط الضوء على أن جهود الوزارة بحاجة إلى تكثيف في هذا الصدد من خلال عكس أهمية الرياضة في كافة المناهج وبكثافة، ولا يمنع - إضافة إلى ذلك - زيادة حصص الرياضة ما يجعلها عادة عند النشء تكبر وتنمو معهم فيتبناه النشء في حياتهم وبالمثل لابد من تكثيف التوعية الغذائية للنشء وعكس ذلك في المناهج بالطريقة والكيفية التي تضمن تجذر الوعي الغذائي في نفوس أبنائنا وبناتنا.
ووزارة التعليم تزخر بالمؤهلين تربويا، والمتخصصين في المناهج ما يضمن نجاح هذا وبامتياز، أيضا على البلديات وأمانات مدننا ومناطقنا زيادة الأماكن العامة المخصصة لممارسة الرياضة سواء المشي أو غيره، وزيادة تراخيص المراكز الرياضية بما يضمن سهولة الوصول لها من الجميع. وينبغي أيضا ألا نغفل أهمية منابر المساجد في بث الوعي الصحي من خلال التذكير بالآيات القرآنية الربانية التي تنهى عن الإسراف، والأحاديث الشريفة التي تحث على الاقتصاد في المأكل والمشرب وتنهى عن التبذير، قال تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا * إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) حتى على الصعيد الإعلامي، زيادة التوعية مهمة في كافة وسائل إعلامنا المقروءة والمسموعة بالمشاهدة.
وانا على يقين أن بإمكان كافة الجهات الحكومية والأهلية المساهمة في مثل هذا العمل المثمر كل وفق موقعه وتخصصه.
المهم هنا أن يكون العمل وفق استراتيجية متكاملة ومتناسقة وليس بمبادرات مستقلة عن بعضها البعض. فالخسائر الصحية والمادية والنفسية من هذا الداء الذي يفتك بالمصاب به بصمت تحتم علينا التحرك السريع.
دواء داء السكري في أيدينا، وبالامكان خفضه إلى مستوياته الدنيا بتبني أسلوب حياة صحي ونظام غذائي سليم، ونشر الوعي في ظل الانتشار المفجع لهذا الداء.
نحن بحاجة ملحة إلى استراتيجية علمية يشارك فيها الجميع كل وفق تخصصه وموقعه.
الخسائر المليارية التي يتكبدها اقتصادنا جراء تفشي هذه الآفة تنهك بلا شك، وبالامكان استغلال الموارد التي يستنزفها هذا الداء ببساطة، من خلال نشر صواب الفكر الغذائي والرياضي، ونحن قادرون وسنتمكن من فعله، بما يضمن خفض نسب انتشار هذا السقم الذي لا يكاد بيت يخلو من مصاب به، إلى نسبه الدنيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.