في جولة فريدة ومثيرة ل"اليوم" أسفل البلدة القديمة داخل أحد الانفاق التي فرغتها السلطات الإسرائيلية ورسمت من خلالها مسارا لرواية توراتية دينية مزعومة مستغلة سيطرتها على البلدة القديمة ومحيط المسجد الاقصى المبارك. دخلنا من منطقة الواد باتجاه ساحة البراق حيث نقطة تفتيش للجيش الإسرائيلي، ثم ممثل للمستوطنين الذين يشرفون على إدارة النفق يطلبون اذن الدخول، ثم تحديد عدد المسموح لهم، ثم التفتيش عبر جهاز كشف المعادن، فالانتظار حتى يسمح لنا بدخول النفق. ذلك النفق الذي لا يبعد مدخله عن ساحة البراق إلا بضعة امتار، هو عبارة عن مبان مملوكية وايوبية "برميلية الطراز المعماري "وتسويات واجزاء من مبان اسفل الحي الإسلامي في الجزء السفلي من منطقة المطهرة وباب القطانين واسفل باب الحديد وباب السلسلة وباب المجلس فباب الغوانمة في مسار ضخم يمتد من ساحة البراق جنوب غرب المسجد الاقصى وحتى اسفل المدرسة العمرية فالخروج من تحت درج تلك المدرسة العريقة التي تقف على صخرة ضخمة تشهد على صلابة وعراقة هذه المدينة عبر آلاف السنين. انطباعي الاول كان دهشة من قرب المكان من مدخل المسجد الاقصى وسرعة الوصول اليه وسهولة الدخول للنفق، إذ تخيلت مرحلة الثمانينيات اول عقبة ومشكلة واجهتها في عملي، ان الدخول الى الانفاق ممنوع ومحفوف بالمخاطر ولابد من تصريح من الشرطة والجيش ومرافق وغيرها من القضايا التي لم نواجهها في الدخول الى النفق في هذه المرة. كان يوم الجولة الخميس 14 يناير الجاري حيث تجمعنا في مقر جامعة القدس (خان تنكز) الساعة الخامسة والنصف مساء، ومن هناك انطلقنا مع مجموعة الى مدخل النفق الذي يمر اسفل الجدار الغربي للمسجد الأقصى لنتعرف على عالم آخر عالم يعود الى حقب تاريخية مختلفة وبعيدة جدا، ولكنه يدلل على بعض ما يتم من خطط اسرائيلية لتسخير هذا التاريخ والبناء العتيق للرواية التوراتية الإسرائيلية، استقبلنا احد المستوطنين وادخلنا في رواق كبير فيه شاشة للعرض وامام الشاشة مجسم لهضبة القدس القديم. وكما فهمت من مرشدنا في هذه الجولة هشام الخطيب الذي تولى ادخالنا انه لا يسمح للزوار العرب دخول النفق فرادى ولكن يشترط أن يكون ضمن مجموعة بقيادة مشرف إما مستأجر بوساطة وزارة التراث التابعة للمؤسسة الإسرائيلية، أو مشرف المجموعة التي تود زيارة النفق، كان مشرفنا لهذه الزيارة الخطيب، قبل الدخول لمحت قطعة من البلاستيك مكتوبا عليها (بوابة النفق الغربي) بالعبرية والإنجليزية ثم دخلنا ممرا طويلا يتفرع منه غرف شمالية مضاءة ثم دخلنا قاعة الاستقبال، في هذه القاعة شاهدنا على الجدران الأضواء وشاشة عرض محوسبة، ومروحة لجلب الهواء والضوضاء، وكذلك هناك طاولة تضم مجسما للبلدة القديمة وطبيعة التلة المرتفعة المقام عليها المدينة المقدسة والمسجد الأقصى المبارك. وشاهدنا مدى الاهتمام في هذه الغرفة من تزويدها بحاسوب يضم صورا ورسومات ومخططات تدلل على المراحل التاريخية المختلفة التي مر بها تاريخ القدس ومنطقة المسجد الاقصى اضافة الى اللوحات الجدارية الزجاجية والورقية معلقة على الجدران وإضاءة من السقف والارض وفي الزوايا المختلفة. المشاركون في الجولة تحلقوا حول المشرف هشام الخطيب وهو يشرح حول مجسم بسيط ل (هضبة بيت المقدس)، واستهل الخطيب الشرح عن هذا المجسم وعن جبل صخرة بيت المقدس (هضبة موريا)، هنا يقع الحائط الجنوبي للمسجد وهنا يقع الحائط الشرقي وان في المنطقة الجنوبية بابين للمدينة قبل الإسلام وبابين من الجهة الجنوبية الغربية وفي هذا الموقع صلى النبي عليه الصلاة والسلام......... إلى أن وصل إلى الحائط الغربي للمسجد وأشار بيديه إلى مكان حائط البراق على المجسم وأين نحن الآن من هذا الجبل فعلمت أننا بمحاذاة السور الغربي للمسجد مسافة 480 مترا ويزيد، كلها تحت الأرض تحت بيوت المقدسيين المرابطين حول المسجد الأقصى. ولفت الخطيب الى ان مدينة القدس لم يحدد بصورة مثبتة اين كانت تماماً قبل الإسلام، في جنوبالمدينة المقدسة اليوم قرب عين سلوان، بيد انه اكد ان الثابت ان المدينة امتدت الى اعلى الجبل، والذي يعلوه اليوم المسجد الأقصى المبارك واروقة المسجد وقبة الصخرة المشرفة. واضاف الخطيب ان المدينة كان لها شأن عظيم وكبير قبل داود وسليمان والمسيح عليهم السلام جميعاً واننا نؤرخ للقدس ليس من العهد الإسلامي فقط وانما من آلاف السنين فالقدس سكنها العرب العمالقة واليبوسيون والكنعانيون ما قبل التاريخ. جذبتني ادوات دليلنا هشام الخطيب وقد أخرج من أسفل المجسم مجسماً صغيراً لقبة الصخرة قام بوضعه في منتصف الجبل منتصف المسجد في مكانها الحقيقي داخل المسجد الأقصى، من ثم قام واستبدلها بمجسم آخر للهيكل المزعوم حسب الرواية التوراتية، قام بوضعه مكان قبة الصخرة، نظرت حولي المجموعة صامتة والذهول يغشاها، فقامت شابة محجبة واحتجت بالقول حسب اي رواية هذه التي تقول انه كان هناك هيكل، فرد الخطيب انها رواية موجودة وهنا نحن لا ننفي ولا نثبت شيئا، فرد احد المشاركين ان كلمة "هيكل" كلمة قديمة سومرية معناها "البيت الكبير" الهيكل هو مكان عبادة وفلسطين كان ينتشر فيها الكثير من الهياكل في زمن عبادة الاوثان قبل اليهودية والمسيحية والإسلام حيث كان يعبد في هذا الجزء من العالم إله الكنعانيين واليبوسيين "بعل". والبعل هو إله الشمس الوثني ويرمز الى الزراعة التي كانت منتشرة في فلسطين وما بين النهرين، وهذا قبل اليهودية ولكن اليهود لم يطلقوا اسم هيكل على كل مكان للعبادة، فكانت تسمى مجامع، ومفردها مجمع. أما "هيكل" في القدس فقد بناه سليمان، ثم جُدد في عهد زربابل وفي عهد هيرودس الكبير وقد وردت لفظة الهيكل في الكتاب في معنى هيكل الرب في القدس في معظم الأحيان ولكن الكتاب أعطى الهيكل معناه المقدس العام في أمكنة أخرى (يوئيل 3: 5 وعز 5: 14 واع 19: 27). واستعملت اللفظة بمعنى خيمة الشهادة في أماكن ثلاثة، والهيكل بناء مخصص لعبادة الإله. والكلمة في العبرية هي "هيكل" كما هي في العربية، وتعنى القصر أو البيت العظيم، وقد ترجمت فعلًا إلى قصر 31، وهى أصلا مشتقة من الكلمة الأكادية "إكالو" المستعارة بدورها من الكلمة السومرية "إيجال" أي "البيت العظيم". وفي المعجم العربى، "الهيكل": الضخم من كل شيء. ويرى بعض علماء الآثار أن مدينة القدس بشكل عام لم يعش فيها اليهود مطلقا ولم يتم بناء أي هيكل على مر العصور وأن قصص الهيكل مجرد قصص مختلقة ومن بين هؤلاء العلماء عالم الآثار الإسرائيلي إسرائيل فلنكشتاين الذي ينفي أي صلة لليهود بمدينة القدس. ويرى مرشدنا الخطيب، انه من الخطأ، الصمت والتشنج في ما يطرح، ويقول نحن كفلسطينيين لم نأت جميعاً مع صلاح الدين الايوبي الى القدس فاتحين، نحن اهل البلد ونحن سكانها، واصحابها من بدء الخليقة الى اليوم. يقول الكثير من المؤرخين ان الهيكل المزعوم غير معروف المكان، كما يقول دليلنا في هذه الجولة انه حتى المدينة المقدسة - القدس او ايلياء او "اور سالم" لم يحدد العلماء حدودها النهائية كونها في اسفل الجبل قرب عين سلوان ام قرب القلعة او بين تلك الجبال التي تحيط بالبلدة القديمة والمسجد الأقصى، أولى القبلتين وثاني مسجد وُضع في الأرض وإليه أُسري بالرسول قبل أن يعرج إلى السماء في حادثة الإسراء والمعراج، ويرى المسلمون أنه لا وجود لهيكل سليمان تحت المسجد الأقصى، وأنها قصة قد ألفها اليهود كذريعة لهدم المسجد الأقصى. حاول الخطيب وقف الجدل الذي دار بين رواد الجولة، وحاول تشغيل شاشة خلفه بيد انها معطلة او عطلها ذلك المستوطن الذي كان يرمقني في هذه الجولة ويراقبني من قريب. ممر سليمان خرجنا من الغرفة الخاصة بالشرح الى ممر واسع وارتفاع كبير ذي سقف نصف برميلي أحاطت به الأضواء من أسفل جدرانه، ولهذا الممر رواية -إسرائيلية - كما علمت ان بعض الروايات تقول ان هذا الرواق السري الذي كان يتنقل من خلاله (الملك سليمان ) -علماً ان يهودا يعتبرون سليمان ملكا وليس نبيا -، (بالممر السري) فيزعم اليهود أن ذلك الممر يشكل الطريق السري الموجود أسفل الجسر الذي كان يصل (جبل الهيكل) بمدينة القدس في عهد الهيكل الأول حيث كان يستخدم هذا الطريق لتنقل الملك داود ثم سليمان من (جبل الهيكل) إلى قصره بشكل سري، ولكن حقيقة هذا الطريق أنه امتداد لطريق باب السلسلة وبُني في عهد الفترة الصلاحية كأساس لرفع مستوى الأحياء المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك وكان يستغل لتخزين المياه وكقنواتِ لها، ولا علاقة له بنبيي الله داود وسليمان. بعد ذلك الممر ونحن سائرون تجاه الحائط الغربي دخلنا في تجويف برميلي ايضاً باتجاه الشمال، فوجدنا مجموعة من اليهود الاميركيين مع دليل يتحدث بالانكليزية وبعض العبارات العبرية، فدخلنا، مساحة فارغة على شكل قوس مكونة من حجارة مختلفة العهود فمنها ما هو روماني الأصل ومنها ما هو أموي العهد او مملوكي أو أيوبي وهي أحد الأقواس التي كانت تشكل شارع السلسلة والذي سمي بهذا نسبة لسلسلة الأقواس هذه والتي أصبحت أساساً لبيوت حارة السلسلة ومدارسها ومدارس المسجد الأقصى، في تلك الغرفة شاهدنا على الأرض حفرة عميقة بمساحة كبيرة يمتد عمقها باكثر من 20 مترا تحت الارض مغطاة بالزجاج فانتابنا الخوف من المرور من فوقها. بعد الشرح عن هذا الموقع وهذا المستوى من الحفريات والتجاويف العميقة في احشاء مدينة القدس، انتقلنا عبر درج حديدي نحو عمق اكبر واعمق تزيد مساحته عن مساحة قبة الصخرة والارتفاع يزيد عن 30 متراً تحت الارض،في تجويف مخيف وسحيق اسفل سوق القطانين -المؤدي الى الباب العتم - يشبه الطائرات من عمقه وارتفاعه بعد ترميمه وتلميعه ونقل الاتربة والصخور وتنظيفه. وعند هذا المستوى شاهدنا ابوابا مغلقة كبيرة وذات بناء مملوكي الطراز، يشدك الموقف والمنظر كيف تم تفريغ كل هذه المناطق اسفل منازل المواطنين المقدسيين في البلدة القديمة، وتدور في مخيلتك ماذا لو حدث زلزال؟ اي دمار سيحدث؟ ما مدى خطورة هذه الانفاق وهذه الحفريات؟ خرجنا من الغرف لندخل ممراً ضيقاً، في اخر الممر وصلنا إلى غرفة بمفترق يطل على درجين أحدهما بخمس درجات للأعلى وصلنا عنده لنشاهد لوحة زجاجية كتب عليها (إلى قنطرة ولسن). وقال دليلنا الخطيب ان هذه القنطرة امتداد لأقواس ام البنات أو أقواس تنكز الناصري معمر وباني المدرسة التنكرية، والتي هي اليوم مقر حرس الحدود الإسرائيلي في البلدة القديمة على باب السلسلة، مؤكداً ان علماء الآثار نفوا أن تكون هذه القنطرة تعود إلى عهد الهيكل بل انها وما تحتها وأساسات هذه القنطرة تعود للحكم الروماني للمدينة في العام 132م وتم تحويلها بدلاً من قوس واحد إلى عدة أقواس. نزلنا من المنصة إلى الأسفل بدرجات تجاوزت العشر إلى أن وصلنا إلى وسط القاعة، ومنها اتجهنا شرقاً نحو السور الغربي إلى أن أصبحنا أمام سور المسجد تماماً وعندها شاهدنا أكبر حجر في الأقصى. وقال الخطيب (أنتم تقفون الآن أمام الحجر الأعظم، يطلق على هذا الحجر الظاهر أمامنا.. الحجر الغربي.. أو الحجر الضخم يشكل هذا الحجر أساساً لحائط المسجد الغربي وهو أكبر حجر في العالم حتى إنه أكبر من حجارة الأهرامات وهو عبارة عن كتلة صخرية ضخمة جدا يبلغ طوله الأقصى 13.6 متر (44.6 قدم)، و3 أمتار (9.8 قدم) ارتفاعاً ويقدر عرضه 3.3 متر (10.8 قدم) يزن 517 طنا إلى (570 طنا). واشار الخطيب في منتصف الطريق الى باب مغلق بشكل واضح يؤدي الى المسجد الاقصى المبارك، له عتبة عبارة عن قطعة واحدة من الصخر "عتبة" فقال انه الباب السفلي والمؤدي الى المسجد الأقصى المبارك قرب باب المطهرة واشار الى حدود الباب والى البلاطة في اول درجة من الباب وهي قطعة واحدة من الشمال الى الجنوب، واضاف (نحن الآن بالقرب من باب المطهرة وسبيل قايتباي، في أحد الأيام بعد خروج المصلين من صلاة الفجر سمعوا أصوات ضجيج تصدر من أسفل تلك المنطقة فتم فتح باب السبيل والبئر المجاورة ليجدوا أن الحفريات الإسرائيلية قد جففت البئر وفتحت أحد جدرانها وتحاول ضمها للنفق، فقام المصلون والشبان وأهل بيت المقدس بإغلاق البئر بالأسمنت والماء والحجارة والحديد والردم وبعدها قامت الاوقاف الإسلامية بإغلاق الفتحة، وإعادة ضخ المياه في البئر التي يعلوها سبيل قايتباي. وكان هذا الجدار كما تزعم سلطات الاحتلال هو بوابة (وارن) نسبة الى الذي اكتشفها الباحث الإنكليزيّ "تشارلز وارن" عام 1867م، وادعى أنّها بوّابة نفقٍ يمتدّ بمحاذاة الحائط الغربيّ للأقصى كان -بحسب نظريّته- يقود إلى درجٍ يؤدّي إلى البوابة الغربيّة للهيكل الثاني، يدعي اليهود أن صلاح الدين هو من قام بإغلاق هذه البوابة بعد أن كانت مفتوحة منذ زمن الهيكل، هذا ما كتب على لوحة زجاجية قد علقت على هذا الجدار عنونت ب (بوابة الدخول إلى جبل الهيكل). واصلنا السير صاعدين عبر بضع درجات نحتت بالصخر لندخل عبر قوس اخر إلى فراغ صغير ومنه الى ممر صخري أكثر ضيقاً من سابقه قد دعم بأعمدة معدنية من الجهتين وارتفاعه منخفض لا يتجاوز المترين، ووضعت على الجدران لوحات زجاجية كتب عليها (بناء هيرودياني)، وصلنا إلى أرضية زجاجية داخل الممر فأصبحنا نسير في ممر بأرضية زجاجية وأسفل منها فراغات عميقة جداً وفوقنا السقف المنخفض ذاته، إلى أن توقفنا في هذا الممر لنجد أنفسنا داخل بئر ماء، سألنا عن هذه البئر وعن هذا الفراغ الذي نقف داخله الآن فقال لنا الخطيب (هذه بئر ماء تعود إلى عائلة مسلمة تقطن بالقرب من باب الحديد أحد أبواب الأقصى). وتابعنا في هذه الممرات والأنفاق حتى وصلنا إلى قاعة وفناء كبير ومرتقع جداً، علمت أنها اثار رومانية قديمة وأعمدة وأقواس لقنوات المياه التي تم اعمارها خلال الفترة الصلاحية، وكان داخلها حجر كبير يشبه المقصلة. وفي نهاية الدرج الحديدي تابعنا المسير عبر بضع درجات حجرية قد نحتت بالصخر إلى الأعلى واتجهنا غرباً نحو درجات أخريات، هنا كان المكان ضيقاً جداً ومنخفضاً أيضاً حيث وضعت على حوافه المساند الأسفنجية لوقاية الزوار والسياح من الارتطام بالسقف والجدران لضيقها وانخفاضها، سرنا خلال هذا الممر حيث كان يأخذنا بخط سير يلتف نحو الشرق إلى أن وصلنا إلى ممر بارتفاع شاهق جداً وضيق. واوضح الخطيب انتم الان تقريباً أسفل باب الناظر متجهين نحو العمرية بمحاذاة اسوار المسجد الأقصى، (داخل قناة الحشمونائيم) وهي تلك القناة المائية التي تزعم المؤسسة الإسرائيلية ومؤسسة تراثها أن اليهود في عهد الهيكل الأول حفروها لنقل المياه من شمال المدينة إلى الهيكل لسقاية الحجاج اليهود. لكن ما ظهر لنا أن هذه القناة هي عبارة عن صخور طبيعية لم تحدث بفعل إنسان ولكنها صخور طبيعية بحتة وعملاقة قد شكلت قناة مائية بهذا الشكل، ولاحظنا الحفريات الإسرائيلية داخل هذه الصخور بكل مكان فعن يميننا كانت الحفريات وعن شمالنا كذلك، وخلال سيرنا داخل القناة رأينا نفقا متشعبا منها قد حفر ولكن بعرض دقيق جداً لم نستطع أن ندخله ولا نعلم إلى أين يصل. تابعنا المسير داخل القناة ونحن ننظر إلى أعلى فنجد في أقصى ارتفاع السيق المائي تلك الحجارة الضخمة الرومانية التي شكلت الطريق الموجود في الأعلى، سرنا دقائق داخل القناة حتى وصلنا إلى درج معدني يستدير قليلاً إلى الشرق والحفريات أسفل منه مازالت تمتد، صعدنا الدرج وتابعنا المسير بنفس القناة المائية على ألواح من الزجاج تظهر أسفل منها فراغات عميقة جداً على طول المسير. إلى بركة القبرة بعد ذلك اتجهنا نحو الشرق قليلاً وعاودنا المسير شمالاً عبر القناة حتى وصلنا إلى قاعة رومانية كبيرة هبطنا إليها عبر درجات حفرت بالصخر وعبر مكان مرتفع نظرنا إلى القاعة وأسفلها كان يوجد بركة ماء تسمى (بركة القبرة) وقد علق فيها لوحة زجاجية كتب عليها (قنطرة رومانية) ويدعي اليهود انها بركة من أصل واحدة كبيرة تمتد داخل كنيسة راهبات صهيون ولكن قسمت إلى قسمين ويزعمون أنها بنيت في العهد الهيرودياني وكانت تستخدم لتجميع مياه قناة الحشمونائيم، في أسفل هذه البركة أقواس ومياه متداخلة وكأن الأعماق ما زالت تخترق الأرض للأسفل. مخرج النفق تابعنا مسيرنا وخرجنا من تلك القاعة الكبيرة والمنخفضة جداً إلى أن وصلنا إلى حفريات واضحة قد خطت بالصخر الصم مكونة لنفق بدت عليه اثار استخدمت بتفتيت الصخور واثار آليات الحفر وضخامة الحفريات والأدوات التي كانت تستخدم وثقوب بالصخر في كل مكان كانت توضع بها عملية محجر قديم وصخور مازالت مكانها لم تنقل. وكانت أعمال الحفريات هذه قد جرت في 1996 لفتح النفق من جهة طريق الألم حتى يصبح مخرجا ومدخلا للنفق، شاهدنا بوابة حديدية كبيرة قد سدت سرداباً ونفقا آخر لا نعلم إلى أين يتجه، فقال دليلنا هشام الخطيب نحن الآن أسفل المدرسة العمرية وفي نهاية النفق، صعدنا عبر عدة درجات إلى الأعلى لنشاهد أيضاً آثارا وضخامة وعشوائية الحفر خاصة في مخرج النفق ما يدل على الحاجة الماسة التي كانت لفتح مخرج للنفق بأسرع وقت وصعدنا عبر درجات عديدة وكثيرة حتى وصلنا إلى بوابة جديدة كباب محل تجاري تسد باب النفق تؤدي الى طريق الالام فخرجنا من النفق لتنتهي جولتنا بصدمة كبيرة للكثير من المشاركين الذين تعجبوا من وجود هذه الحفريات وعمقها وهذا النفق وما يخفيه من تفاصيل وتاريخ وحجم ما صرف عليه من اموال.