رمي الأذى في الطريق أثم، هذا معنى آخر مقابل، يفهم، من حديث المصطفى صَلى الله عليه وسلم: «إماطة الأذى عن الطريقِ صدقة...» عندما كنت في الابتدائية، من سنوات خلت، كان هناك يوم تعطل فيه المدارس ويخرج فيه الطلاب والمعلمون الى الشوارع! في مسيرة كبيرة. يخرجون في «مسيرة كبيرة» وبمكانسهم ومكائن رش المبيدات. كان ذلك في مهرجان كبير مهيب، يقام على أجمل نظام، وأحسن ترتيب. مسيرات تجوب الشوارع الكبيرة في صفوف منتظمة من المعلمين، والكشافة، والطلاب، والمجسمات من الأعمال الفنية الرائعة.. على أشكال من وحي الموضوع.. فمثلاً: سيارة (فوكس واجن) قد تم «تزيينها» على شكل ذبابة، والسيارة (البيك أب) غلفت بالأخشاب والألوان على شكل «فلاتة» وما إلى ذلك من الأفكار والابتكارات التي تتنافس المدارس على أدائها وتتسابق على الفوز بالمركز الأول عليها.. رغم أن آفة النسيان هاجمت غالب الذكريات، وغيبت العديد من العزيز منها!! إلا أن صورةَ مهرجان «يوم النظافة» بتفاصيلها لا تزال تصول وتجول في مخيلتي.. ربما لعِظم فقدان ذلك اليوم.. الذي أظنُ أنه لو كُتب له البقاء والاستمرار لما غابت ثقافة النظافة، ولما تردى الوعي بأهميتها لدى الشباب إلى هذا الحد المؤسف!!.. بل لدى المجتمع بأكمله!! وليس هذا من باب المبالغة.. بل من باب الإيمان بجدوى الفكرة. أقول: لو كتبَ اللهُ لذلك المهرجان أن يعودَ إلى مدارسنا لعادت النظافة إلى أسواقنا و حدائقنا وحيّنا وشوارعنا.. وأظُنُه لو عادَ فسيعودُ كما كانَ أفضل موجه وأكبر معلم بأهمية النظافة وقيمتها لدى النشء.. لما لا؟!!.. فالمهرجان كان أسلوباً راقياً للتعليم جمع بين نشر المعلومة بإشاعة الفرحة، وتعليم النظافة بتطبيق الممارسة.. وقد يقول قائل: هذا يوم واحد، كيف يكون له كل هذا التأثير؟.. هذا القائل فاته أن أسابيع عدة تسبق هذا اليوم بالعمل والترتيب والاستعداد له.. ثم إنه يتكرر كل عام.. ألا يرسخ هذا في أذهان الفتيان أهمية ذلك اليوم وسمو ذلك الهدف النظيف؟. أحياناً تجد في الماضي ما تستنسخه للحاضر وتجد في الحاضر ما يدعوك للماضي!! وأنت عندما تشاهد ما يحدث في الشوارع والمرافق العامة هذا اليوم، تدرك معنى ذلك «اليوم» ومغزاه.