يحلق اقتصاد أيرلندا ثانيةً. فالناتج المحلي الإجمالي يرتفع بنسبة 7 بالمائة منذ سنة مضت – اندفاع ملحوظ يدعو، دون أن يمكن تفاديه، أن نهتم بالازدهار الذي سبق الركود عام 2008 – 2010. فهل يعيد التاريخ نفسه؟. على الأرجح، لا! فقد عانت أيرلندا أكثر من الجميع عند الانهيار، لذلك فالاقتصاد له أرضية ليزدهر. وهذه التوسعة لها أساسات أقوى أيضاً من السابقة لها. ومع ذلك، سيكون من الخطأ القناعة بما تمّ، وربما يكون الرضى بالانتصار حتى أكثر من ذلك! والكلمة الحارسة للحكومة ينبغي أن تكون السلامة أولاً. هبطت البطالة إلى 8,9 بالمائة في نوفمبر من حوالي 15 بالمائة في عام 2012. وفرص العمل الجديدة ليست مركزة، كما كانت في السابق، في وحول صناعة التشييد الميال إلى الفقاعات. والتوظيف مرتفع في 11 من 14 قطاعاً في الاقتصاد. وتبدو بنوك البلاد بحالة أفضل، أيضاً، رغم أن الصناعة لم تزل مركزة على نحو غير ملائم. وكما في أماكن أخرى في أيرلندا، ترافقت أزمة البنوك بإقراض عالي المخاطر وفشل في التنظيم. فالبنوك كانت تسأل أسئلة قليلة بينما كانت تعطي ثلاثة أضعاف القروض في ست سنوات من عام 2002. وانفجرت أسعار المنازل والعقارات التجارية، والمباني ازدهرت ولم يكن الانهيار التالي أقل دراماتيكية. وأُصلح النظام بتكلفة ضخمة لدافعي الضرائب. واستعادت السلطات المقدرة على وفاء الديون، مطلقةً وكالة للأصول الفاسدة، وسرّحت الإدارة الفاسدة وصفّت البنوك التي عجزت عن التسديد وإيفاء الديون. وقامت بعدة جولات من إعادة الرسملة، وصلت حتى حوالي 40 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. كل ذلك ولا يزال هناك جزء مما ينبغي عمله. فمتأخرات الرهونات طويلة الأجل بقيت ضمن المتأخرات الأعلى في أوروبا. وهذا التجاوز في الدين له وزنه على الاستهلاك. وقد حاولت الحكومة تشجيع الاقتراض أكثر للشركات الصغيرة والمتوسطة، لكن فشل القروض الفاسدة بإعادة الهيكلة أعاقت تلك الجهود. والتوسعة قد حفّزت العائدات وحسّنت مركز الحكومة المالي، لكنها استمرت بتسيير عجز الميزانية بعد تصحيح تأثيرات الدورة الاقتصادية. ومع الانتخابات البرلمانية المستحقة السنة القادمة، استسلمت الحكومة للإغراء، وإضافة تخفيض الضرائب والإنفاق العالي على الصحة والبرامج الأخرى الواردة في الميزانية. فمن الأفضل أن تحقق تقدماً أسرع في تخفيض الدين العام الذي وصل إلى أكثر من 120 بالمائة من الناتج الإجمالي المحلي في عام 2013 وهو الآن تحت 100 بالمائة – ولا يزال مرتفعاً جداً. إنَّ مزيج الإنفاق العام يحتاج للانتباه، أيضاً. فالاستثمار في النقل والطاقة والبنية التحتية للبث المكثف – وهو أساسي للنمو المستدام – منخفض جداً. وينبغي أن يتم التوفير في أماكن أخرى في الميزانية للدفع لميادين أكثر. ويبقى التحدي الأكبر لأيرلندا إنها تفتقد لسياسة نقدية مستقلة، ومعدلات الفائدة في اليورو منخفضة جداً حتى ينمو الاقتصاد بنسبة 7 بالمائة، أو هناك حتى معدلات نمو متواضعة أكثر، حوالي 4 بالمائة، وهو المُتنبأ به لعام 2016. وهذا وضع يشكل عبئا ثقيلاً على ما يسمى السياسة المتعقّلة الكبرى. وقد أدركت الحكومة حاجتها لذلك. ومن هنا يجب على البنوك أن تحافظ على ما يمنع التقلبات الدورية لرأس المال وتقبل نسبة قيمة القرض الإلزامية. وستتطلب أية إشارة إلى التضخم المالي التشديد الفوري لهذه المعايير. لقد أكملت أيرلندا الكثير من العمل الشاق لتكسب انتعاشها. وقد ساعدها أيضاً الطاقة الرخيصة وانخفاض قيمة اليورو كذلك — ولكن من الممكن ألا يدوم هذا. ينبغي على أيرلندا أن تتذكر الدرس الرئيسي من الانهيار: يمكن للازدهار أن ينقلب إلى الكساد كلياً بشكل مفاجئ، وبنتائج مخيفة. الشك الثابت والسياسة المالية الحذرة هما الطريق الأسلم للنمو المستدام.