مع الانطلاق الموفق لخطة إعادة «رسملة» البنوك ونشر مشروع قانون إصلاح البنك المركزي والاتفاقية المثبتة مع اتحادات عمل الخدمة العامة أحرزت الحكومة الايرلندية تقدماً ملموساً في الشهور الأخيرة نحو التعافي الاقتصادي. إن استراتيجيتنا القائمة على ثلاثة أعمدة تركز على: * توازن تمويلات القطاع العام. * إصلاح النظام البنكي. * تحسين التنافسية وتعزيز التوظيف الثابت والمستمر. إن الاتفاق على تحول الخدمة العامة يتضمن اقتراحات بخصوص أجور العاملين بالقطاع العام لغاية عام 2014، وتخفيض عددية العاملين بالخدمة العامة وترتيب منخفض التكلفة للخدمات العامة والذي بدوره سوف يزيد من المكاسب الانتاجية إلى الحد الأقصى. إن تطبيق الاتفاق المذكور سيسهم في ايجاد مناخ من العلاقات الصناعية المستقرة حيث تخرج البلاد من الركود الاقتصادي العالمي. وتحركت الحكومة بسرعة للتعامل مع ظواهر الضعف المنظمة والتي انكشفت بفعل الأزمات المالية والاقتصادية العالمية. وتم تعيين محافظ جديد للبنك المركزي ومنظم مالي جديد وبالاضافة إلى مشروع قانون إصلاح البنك المركزي سوف تعزز بذلك مسئولية البنك المركزي والمراقبة البرلمانية وبذلك ستتم حماية مصالح المستهلكين والمستثمرين. إن إعلان المنظم المالي المسئول بأن على البنوك الاحتفاظ بمستوى مقداره 8٪ من أصول أساسية بدرجة مقياس تير 1 كابيتال (tier 1 capital) الخاص بالبنوك (مبدئياً في شكل أموال أسهم ربحية) بنهاية هذا العام متطابق مع أفضل الأنظمة العالمية. حيث إن هذا يعد مقياساً أساسياً لتبيان المقدرة للبنوك والتي كما أوضح المنظّم المالي نفسه سوف تضع خطاً تحت أزمتنا البنكية وكما صرح محافظ البنك المركزي بأن هذه التكاليف سيمكن ادارتها وتحملها من قبل الدولة. وليس هناك شك بأنه جرت هنا ممارسات بنكية رديئة مع بنوك انهمكت في إقراض عقاري متهور. غير أن الوكالة الوطنية الجديدة لادارة الأصول (NAMA) والتي انشأتها الحكومة الايرلندية واعتمدتها المفوضية الأوروبية ستؤمن سلامة واستقرار وقدرة النظام البنكي الايرلندي. وستقوم وكالة (ناما) بإزالة الأصول عالية الخطورة من ملاءة أصول البنوك. وإن عملية نقل وتحويل القروض المستوفية للمتطلبات من مؤسسات مالية معينة قد بدأت ونتوقع منها أن تكتمل بنهاية العام بتحويل الأصول بقيمة دفترية تصل إلى 80 بليون يورو بمجموعها. وستقوم وكالة (ناما) بشراء القسط الأول من هذه الديوان بتخفيض يصل إلى 47٪ من قيمتها الدفترية الأصلية وهي 16 بليون يورو. بينما سيتم الإيفاء ببعض هذه الخسائر من قبل البنوك أنفسها عن طريق إنشاء رأسمال خاص وبيع أصول. غير أن الواقع الذي لا يمكن تجنبه هو أن على الدولة أيضاً القيام بحقن بعض رأس المال. وسيضع ذلك حملاً غير مستساغ على دافعي الضرائب ولكنه حمل يتوجب علينا مواجهته من أجل تأمين نظام بنكي فعال يكون بمقدوره إقراض الأعمال الصغيرة ويقود البلاد خارج دائرة الركود. وفي حقيقة الأمر فقد وضعت الدولة نصب عينيها أهداف إقراض محددة على البنوك المعنية والتي ستدفعها إلى منح تسهيلات إقراض للأعمال الصغيرة والمتوسطة. وقمنا طيلة العامين الماضيين باجراء تعديلات على الميزانية تساوي سبعة ونصف بالمائة من الناتج الوطني الاجمالي وهذه القرارات الصارمة قد منحتنا المصداقية المالية لمعالجة مشكلاتنا البنكية. ولقد قمنا باستحداث ثقة حقيقية في اقتصادنا على المسرح الدولي وجنينا المكاسب بواسطة انخفاض تكلفة الاستدانة وخفض انتشار الرهن إلى النصف. ولقد قوبلت سياسة أيرلندا بخصوص الميزانية اثناء الأزمة المالية العالمية بالتأييد من قبل العديدين ومن ضمنهم المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي ومنظمة التعاون والتنمية (OECD) ومن المتوقع أن يعود الاقتصاد للنمو في المستقبل القريب وبإصلاح البنوك سينمو اقتصادنا بنحو أسرع. ومن المتوقع ان يزيد الناتج الوطني الاجمالي لأيرلندا في الفترة ما بين 2011 و2014 في المتوسط حوالي 4٪ في كل عام وسيكون هذا النمو مدفوعاً بالصادرات، وفي واقع الأمر فإن الأرقام الأخيرة تبين أن البلاد حققت فائضاً تجارياً يربو على ال38 بليون يورو في العام الماضي. إن العوامل التي سهلت من نجاحنا الاقتصادي الأخير لاتزال باقية لأن أيرلندا تواصل دورها كموقع جاذب جداً للأعمال والتجارة. إننا جزء من الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو وبمقدرة تامة للنفاذ إلى أسواق أوروبا الداخلية. ولدينا قوة عاملة شابة عالية التعليم ومرنة ونظام ضريبي ايجابي واقتصاد موجه للتصدير ومفتوح ويتركز على التجارة والأعمال. إن الاقتصاد العالمي يشهد تحسناً وإننا لعلى ثقة بأننا سننتهز الفرصة في هذا الصعود. إن الاقتصاد الايرلندي اقتصاد مرن جداً ولديه سجل طويل من الاستجابة السريعة للتعديل. * وزير خارجية أيرلندا