أول الشهر يعني شيئا واحدا في الصين: أرقام أكثر قتامة. قبل أسبوعين، انخفض مؤشر مديري المشتريات الرسمي إلى أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات. إذا لم يشعر المحللون بالهلع لذلك، فإن السبب في ذلك جزئي لأن سعر الفائدة على الإقراض لا يزال عند نسبة 4.35 في المائة. لدى البنك المركزي الكثير من المجال لاعتصار الاقتصاد من خلال خفض أسعار الفائدة، كما يفعل البنك المركزي في الولاياتالمتحدةواليابان وأوروبا منذ سنوات. ولكن هذا الافتراض ربما يكون معيبا. خفض بنك الشعب الصيني بالفعل سعر الفائدة ست مرات خلال سنة، دون إنتاج أي زيادة في النمو. على العكس من ذلك، لا تزال الضغوط الانكماشية مكثفة: انخفضت أسعار تسليم باب المصنع للسنة الرابعة على التوالي، حيث كان معدل انخفاضها هو 6 بالمائة سنويا. مزيد من التيسير قد يجعل المشكلة في الواقع أسوأ من ذلك، وليس أفضل. هذا الرأي يتناقض تماما مع عقيدة ما بعد الأزمة. منذ عام 2009، في الوقت الذي تقاربت فيه معدلات التضخم إلى الصفر وتباطأ النمو في جميع أنحاء العالم، فقد سعت البنوك المركزية بشكل موحد تقريبا لتحفيز اقتصاداتها باستخدام مختلف السياسات القائمة على المال الفضفاض. وقد قام كل من الاحتياطي الفيدرالي وبنك اليابان والبنك المركزي الأوروبي جميعا بخفض أسعار الفائدة وبذل المزيد من الائتمان المتاح أملا في تحفيز الاستثمار والطلب. على الرغم من أن معدل التضخم ظل واهنا في الاقتصادات المتقدمة الكبرى، إلا أن المنطق الكامن وراء التيسير الكمي لم يعد محل شك. كان هناك إجماع على أنه بدون هذه التدخلات الجذرية، أكبر الاقتصادات في العالم ستكون حتى في وضع أسوأ مما هي عليه. ولكن الصين موجودة في فئة بنفسها. كان رد فعلها على الأزمة المالية – الذي أُشيدَ به كثيرا في ذلك الوقت - هو إطلاق حفلة الاستثمار والبناء التي يغذيها الائتمان. لكن استخدام رأس المال المقترض لبناء الطرق والمطارات والمصانع والمنازل بوتيرة محمومة خلق طاقة مفرطة هائلة في الاقتصاد. لنأخذ مثالا واحدا فقط: سوف تركب الصين حوالي 14 جيجاوات من الألواح الشمسية في عام 2015. لكن هذا الرقم يتضاءل أمام قدرة تصنيع الألواح من الشركات المحلية: وفقا لمعهد سياسة الأرض، في عام 2014 أنتجت شركات الصنيع الصينية 34.5 جيجاوات من الألواح الشمسية. العالم ككل قام بتركيب 38.7 جيجاوات فقط في ذلك العام. وبعبارة أخرى، الشركات الصينية وحدها كان باستطاعتها أن تلبي ما يقرب من 90 في المائة من الطلب العالمي. هذه الفجوة المتسعة بين القدرة والطلب هي ما يقود إلى انخفاض حاد في الأسعار. وجد تقرير من بنك ماكواري مؤخرا أن صناعة الصلب الصينية تخسر حوالي 200 يوان (31 دولارا) للطن الواحد لأن مصانعها تنتج كميات فوق الحد من الصلب. قد يعتقد المرء أن المصنعين سيقلصون الإنتاج لموازنة الأمور. ولكن كما يلاحظ ماكواري، "تشعر المصانع بالقلق من فقدان حصتها في السوق والحاجة إلى إنفاق أموال جديدة لاستئناف العملية إذا توقفت عن إنتاج الآن". وفي الوقت نفسه، كانت "البنوك الصينية تدفع المصانع للبقاء في السوق وذلك حتى لا تضطر إلى الاعتراف بوجود قروض معدومة كبيرة". بدلا من ذلك، الشركات تخفض الأسعار باستمرار في محاولة للبقاء على قيد الحياة وتوليد التدفق النقدي من أجل القتال يوما آخر. في هذه البيئة، المزيد من التيسير النقدي من المحتمل أن يدفع فقط نحو مزيد من انخفاض الأسعار. ويحدث هذا بطريقتين. أولا، القروض الرخيصة تشجع الشركات على بناء المزيد من القدرات الإنتاجية، إيمانا منها بأن هناك ضمانة حكومية ضمنية مرتبطة بموافقة الاستثمار، كما أن مواصلة النمو تعني أنها أصبحت أكبر من أن تفشل. على سبيل المثال، الطلب على الكهرباء في الصين لا ينمو سوى حوالي 1 في المائة سنويا وتعمل مصانع الطاقة القائمة بنسبة أقل من 55 في المائة من طاقتها. مع ذلك تنفق الصين 74 مليار دولار أخرى لزيادة قدرات المحطات الكهربائية التي تعمل على الفحم بنسبة 15 في المائة. ولا يبشر هذا بالخير بالنسبة للأسعار. ثانيا، انخفاض المعدلات يبقي شركات الزومبي (أي الشركات الحية الميتة) على قيد الحياة مع أنها ينبغي أن تكون ميتة. تحت ضغط من الحكومة لتفادي التخلف عن السداد واحتمالية تسريح العمال، تعطي بنوك الدولة باستمرار قروضا جديدة باعتباره لتكون شريان الحياة. تشير التقديرات إلى أنه في عام 2015 نصف جميع القروض الجديدة سوف تُنفَق على تسديد الفوئد على القروض الحالية. هذا يحافظ على الطاقة الفائضة في السوق ويشجع الشركات على الاستمرار في الإنتاج مقابل تكاليف غير اقتصادية. وهذا يؤدي إلى مشاكل من نوع آخر. لا يستطيع الزعماء الصينيون السماح بارتفاع سريع في معدل البطالة أو تفويت أهداف النمو دون أن يشكك المواطنون والمحللون في قدرتهم وكفاءتهم. للأسف، البديل - وهو الانكماش طويل الأمد والارتفاع المتواصل في الديون وتعثر القروض - يعتبر أسوأ.