التنمية المستدامة هي عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات وكذلك الأعمال التجارية بشرط أن تلبي احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها. ومن قام بزيارة دولة مصر الشقيقة مؤخراً يلمس التطورات التنموية التي حققتها وما زالت تحققها على كافة الأصعدة في البنية التحتية والخدمات التسويقية والسياحية على وجه خاص؛ إذ ما يلفت انتباه السائح المنشآت السياحية والفنادق والمقاهي والمراكز التجارية. وعند السؤال للتعرف على الأسباب الكامنة خلف تلك القفزات التنموية البارزة؛ تم الوصول إلى إجابة مقنعة ووافية وهي أن المؤسسة العسكرية «الجيش المصري» خلف تلك الممارسات التنموية بإنشاء مشاريع عديدة على أفضل المستويات لتنمية الاقتصاد المصري، وتحقيق اكتفاء ذاتي للمؤسسة العسكرية يعفي الدولة من التزامات كثيرة تجاهه؛ إذ يمتلك الجيش المصري القدرة على استخدام المجنّدين بمختلف التخصصات كأيدٍ عاملة رخيصة، كما أن أرباحه معفاة من الضرائب ومتطلّبات الترخيص التجاري، إضافة إلى إعفاء واردات وزارة الدفاع للإنتاج الحربي من أي ضريبة. كل هذه العوامل تعطي مزايا كبيرة للجيش المصري في أنشطته التجارية، وتجعل من الصعب على الشركات المملوكة للدولة والقطاع الخاص منافسته خلال الأشهر الأخيرة. والجدير بالذكر؛ بسبب عدالته وشفافية ممارساته أصبحت الوزارات الأخرى كوزارة الصحة والنقل والإسكان والشباب تمنح وزارة الدفاع المصرية عقوداً عدة تزيد قيمتها عن مليار دولار لتنفيذ مشاريع بنية تحتية كبيرة. وتتراوح هذه المشاريع بين بناء الطرق السريعة الجديدة، وإسكان لذوي الدخل المنخفض، وترميم وتجديد بعض المستشفيات العامة ومراكز الشباب. وقد برّر مجلس الوزراء المصري تفضيله القوات المسلحة على الشركات الخاصة لتنفيذ هذه المشاريع على أساس كفاءة الجيش وانضباطه في تنفيذ المشاريع بسرعة وبمعايير عالية. نماذج تنموية يجب أن يحتذى بها؛ لو قامت كل وزارة باستثمار أموالها في تنمية قطاعات خدمية معينة بالدولة لحققت هدفين في وقت واحد دخل إضافي للوزارة بتوفير احتياجات استهلاكية معينة للسكان. ولنبدأها بالهيئة العليا للسياحة والآثار؛ لو استثمرت جزءا من ميزانيتها بإنشاء منتجعات سياحية شاطئية مثلاً على أحدث طراز لحققت ربحا إضافيا، وفرجت على المواطن بتلبية احتياجاته، وعملت على ترويج السياحة والترويح الداخلي، وقضت على احتكار اصحاب المنتجعات الخاصة واستغلالهم للمواطن بفرض أسعار مبالغ فيها لأجل المبيت ليلة واحدة في شاليه بمبلغ يقدر بنحو 3000 ريال قد يزيد كثيراً أو يقل قليلاً؛ إذ إن البعض يشترط أكثر من ليلة مقابل نصف راتب محدودي الدخل في العطلات الرسمية والإجازات. والمشكلة تكمن بالسؤال الدائم لماذا السفر للخارج وانفاق الملايين؟ والإجابة بسيطة جداً وهي عدم توفر الأماكن الترويحية المناسبة للمواطن، واحتكار القطاع الخاص «الجشع» لتلك المتنزهات المحدودة، وعدم استثمار الوزارات أموالها في تنمية القطاع السياحي الترويحي في المملكة بالرغم من امتلاك المملكة امكانات طبيعية هائلة نظراً لاتساع مساحتها وتنوعها. واختم مقالي هذا بإن الإنسان كي ينتج لابد من منحه الراحة النفسية بتوفير أماكن ترفيهية جيدة بمقاييس مقبولة لقضاء أوقات الفراغ.