(يدخل الكاتب الاقتصادي «نيل إرفين» في جدال مع ذاته للإجابة عن هذا السؤال) أكتبُ عن الاقتصاد لأكسب عيشي. جزء من عملي أن أمحص في عمق المعلومات الاقتصادية ومؤشرات الأسواق المالية والتقارير الطريفة من الأعمال وكل شيء آخر يمكن لي أن أحصل عليه بين يدي وأحول كل ذلك إلى شيء ممتع للقراءة بسرد سلس وواضح عن اقتصاد الولاياتالمتحدة والاقتصاد العالمي. ولكن الآن أنا بمأزق، فليس لدي فكرة كيف يسير الاقتصاد في الولاياتالمتحدة، وكلما أمعنت النظر في المعلومات بدت لي أكثر تناقضاً. يمكن الاشتغال على قضية قوية في نقطة قصية من ضعفها خلال سنوات، فهي في مخاطر من ركود جديد وسط التباطؤ العالمي. فللسوق كثير من نماذج السندات ذات المخاطر التي تتسبب في اضطراب وفوضى. مؤخراً، كتب لورنس إتش سمّرز، وزير المالية السابق: «الأخطار التي تواجه الاقتصاد العالمي أكثر قسوة مما كانت في أي وقت منذ إفلاس الأخوة ليهمان في عام 2008». وهناك أيضاً قضية قوية أيضاً: إن اقتصاد الولاياتالمتحدة قوي بما يكفي لتحمل كل التحديات التي يمكن أن تبرز من وراء البحار، وان الدليل على التباطؤ غير متماسك ومبالغ فيه. والقليل من الناس قد تم وضعهم في ملفات تأمين العاطلين عن العمل في القراءات الأسبوعية الأخيرة، مثلاً، وذلك أكثر من أي وقت مضى منذ عام 1973. لقد حاولتُ عدة مرات، في الأسابيع القليلة الأخيرة، أن أقنع نفسي أن واحدة من هذه القصص صحيحة لكني لم أقدر أن أقرر أي واحدة منهم!! ولأن النيويورك تايمز غير مغرمة بالعناوين الرئيسية التي تتضمن الأسهم المتزايدة أو على الأقل التي لا تهبط (لغير المبادرين، ذلك سيكون لا مبالاة لدرجة أنني سأتوقف عن كتابة أي شيء!). لماذا أخبركم بكل هذا؟ بسبب أنه في بعض الأحيان يدور التصور الأكثر دقة للوضع حول عدم اليقين! – ولأننا نحن الصحفيين لسنا دائما أمينين وصادقين حول ذلك! وهذا جهدي لأكون أكثر أمانة وصدقاً بقليل! أو هنا أتناول قضية تحليلية والادعاء بأن أكون أكثر يقيناً مما أنا في الحقيقة، أريدُ أن يمشي القراء معي عبر الدلائل المتصارعة. أدناه، أفعل ذلك بصورة جدال يعتمل داخل عقلي- ومن المحتمل كثيراً أنه يعتمل حول طاولات المؤتمرات في كل مجموعة أبحاث اقتصادية وفي البنوك المركزية التي يمكن أن تخطر على بالكم. يبدو من المؤكد أننا على شفير أمر سيئ. فالنمو في ست سنوات تجعله للتو الرابع الأكثر طولاً منذ الحرب العالمية الثانية. فإن تراخى الاقتصاد يخرج الاحتياطي الفيدرالي من الذخيرة ليفعل أي شيء حول الموضوع. وهذا يبدو مثل أواخر عام 2000 عندما كانت هناك إشارات بأن الاقتصاد يفقد الزخم رغم أن النمو كان لا يزال ايجابياً من الناحية التقنية. ُوفي عام 2001، كان هناك ركود متوسط. رويدك! ليس بهذه السرعة! لنعد إلى ذلك إذن! فقد كان هناك تصحيح كبير في سوق الأسهم وانقلاب في استثمار الأعمال مما سبب الركود. فما القطاعات التي ترى تصحيحها في عام 2015 أو 2016 والتي تضع الاقتصاد في كل تلك المخاطر؟ هل هي الأسواق الصاعدة وخصوصاً في الصين؟ لقد كان لديهم تدفق ضخم لرأس المال، ليس في جزء صغير بسبب سياسات الاحتياطي الفيدرالي لإخفاء المشكلات طويلة الأجل. والآن يتدفق رأس المال في الاتجاه الآخر والتصحيح يبدو كأنه معيب. بالتأكيد، لكن لماذا يسبب ذلك شيئاً أكثر من الموجات المتواضعة لاقتصاد الولاياتالمتحدة؟ فقد كانت الصادرات الإجمالية إلى الصين 124 بليون دولار العام الماضي، حوالي 0,7 بالمئة من الناتج القومي الإجمالي للولايات المتحدة، وأنا أعلم أنك سوف تذكر الروابط المالية ولكنها ليست كما لو كانت البنوك الأمريكية تجلس على طنٍ من ديون الحكومة الصينية. وحتى لو ساءت الأمور أكثر في الأسواق الصاعدة، أليس ذلك مثل عام 1998 عندما غلفت أزمة الأسواق الصاعدة شرق آسيا وروسيا؟ و كتذكرة، نما اقتصاد الولاياتالمتحدة بنسبة 4,7 بالمئة عام 1999 وهذا أسرع من السنوات ال 15 السابقة. نعم، لكن لا شك أن الأسواق المالية بما فيها في الولاياتالمتحدة كانت تطلق علامات التحذير منذ هذا الصيف. بالتأكيد، فالأسواق قفزت مؤخراً. ولكن عندما تتراجع وتلقي نظرة خاطفة ترى أن هناك حقا ما يجعلك تتصبب عرقاً! فقد ارتفع فعلياً مؤشر الأسهم ال 500 ل «لستاندرد آند بور» بشكل طفيف جداً بالنسبة للسنة عند إغلاق يوم الاثنين (أعلى من 0,6 بالمئة، إذا توخينا الدقة) لقد هبطت معدلات سندات الخزينة طويلة الأجل قليلاً منذ الصيف ولكنها لا تزال أعلى مما كانت في الخلف كما في الربيع، ما يعني أن سوق السندات ليس تماما في حالة هلع. ربما لا تزال «وول ستريت» تتأفف بسبب أنه بعد خمس سنوات حلقت فيها أسعار الأصول أكثر بكثير من الاقتصاد الحقيقي والأسواق تتنفس الصعداء بينما الباقي من الاقتصاد يلتقط أنفاسه؟ ربما، لكن هناك بعض الشقوق بعرض هذه المعلومات في الاقتصاد الحقيقي أيضاً. فآخر زوج من التقارير كانا حقاً سيئين! إن معلومات الشهر عن مبيعات التجزئة والدراسات عن الأعمال قد أظهرا نفس القدر من الضعف. ربما يكون الاقتصاد مثل «وايل إي. كويوت» الذي يجري حتى طرف الجرف الصخري وحالما ننظر إلى أسفل كل ما سنرى هو السراب وسنسقط! ليست تلك هي الطريقة التي يعمل فيها الاقتصاد. لأن الاقتصاد يمكن أن يسقط في الركود، وأحياناً يسببه! إن الأزمة المالية التي تجمد نظام الأرصدة تشد السياسة النقدية بقصد أن تحتاط من التضخم أو انهيار في سوق الأسهم أو أي شيء آخر. ان الركود لا يحدث قط بدون سبب محدد. من المؤكد أن الاقتصاد يبدأ بالشعور بصدمة من الدولار القوي (الناتج عن ضعف التصدير) ورخص النفط (والذي يعني اكتشاف نفط وغاز أقل). لكننا شاهدنا ترقيعات ضعيفة مثل هذه مرات كثيرة من قبل. مثلاُ، نمو فرص العمل في الواقع ضعيف في الشهرين الأخيرين. لكنها كانت ضعيفة بشكل متساوٍ خلال يونيو ويوليو عام 2013، ولا أحد يتذكر حتى تلك الرقعة الضعيفة! إن أنت نظرت إلى المعايير الأوسع للاقتصاد فلن تجد علامة على انقلاب على الإطلاق. فمثلاً خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2015، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة إلى حوالي 2 بالمئة من المعدل السنوي، بما في ذلك 1,5 بالمئة في فترة الربع الثالث كما ورد في تقرير الثلاثاء، مشابه على مدى واسع للسنوات العديدة الأخيرة. وهذه يمكن أن تكون قضية حيث يفقد الناس زمام أمورهم من تحركات السوق ويجهدون لفهم التباطؤ في الاقتصاد والذي ليس موجودا في الحقيقة. نعم، لكن انظر إلى كل هذا القلق الذي نسمع عنه في موسم المكاسب هذا. شركات كبرى وجريئة مثل كاتربلر و والمارت قد خفضت تنبؤاتها. بالتأكيد عملت كانذار مبكر بمخاطر الركود. هأنت ذا تنساق وراء الكلشيهات ثانيةً. إذ عندما تمعن النظر في هذه التنبؤات المخيبة للآمال، تجد أنها تخبرنا عن حالة الاقتصاد وبانه غامض إلى حدٍ بعيد. خذ مثلا كاتربلر، لقد جلدت تنبؤات إيراداتها لعام 2015 وقالت انه انخفض إلى 10000 فرصة عمل في السنوات الثلاث القادمة. لكن السبب الأكبر هو الانخفاض في اكتشافات المناجم والطاقة بسبب رخص النفط والسلع الأخرى. وبوضوح، من السيئ جداً لهؤلاء الناس الذين سيفقدون عملهم. لكن الجانب الآخر أن البنزين وانواع الوقود الأخرى أرخص للمستهلكين الأمريكيين والذي يُعتبر ازدهاراً اقتصادياً. والقصة الخارجة من والمارت واعدة حتى أكثر للاقتصاد. بالتأكيد، ان أسهم الشركة هبطت بنسبة 10 بالمئة في يوم واحد منذ أسبوعين عندما خفضت تقديراتها عن مكاسبها. لكن انظر لماذا خفضت هذه التقديرات لأنها تستثمر أكثر لترفع مخزوناتها وتشغل عمالها أكثر كلا الأمرين سيكون له وزنه في الفوائد. لقد كانت لدينا سنين كانت فيها المشكلة في الاقتصاد أن الشركات التي لا تريد أن تستثمر والعمال لا تدفع لهم أجور أعلى. تعاني مكاسب والمارت بسبب العكس! وتلك اخبار جيدة بالنسبة للشركات حتى لو كان عندها أخبار سيئة لحاملي أسهم والمارت. حسناً ! أيها المتفائل بلا مبرر! أي شيء يجعلك عصبياً؟ أوه، بالطبع! إن سقوط أسعار الأسهم وارتفاع تكاليف الإقراض للشركات التي تخاطر يعني أن رأس المال غالٍ جداً! وأن الدولار يحافظ على قوته في سوق العملات والذي سوف يحافظ على السيطرة على الأمور. ولو كنتُ مخطئاً في أي من هذا فإن الاقتصاد حقاً سيفقد ممتصي الصدمة الآن وذلك سيساعده: لقد صُرفت تماما الأدوات الأكثر تأثيراً للاحتياطي الفيدرالي، ولا توجد أي طريقة للكونغرس الجمهوري لأخذها بعين الاعتبار الاستجابة المالية الضريبية. لذلك كنت عصبياً، لكن هذا لا يبدو مثل اللحظة عندما كان يوجد عدم توازن ضخم يجثم هناك بسبب التصحيح. أرجو أن تكون على صواب. لكن إذا كانت أزمة 2008 علمتنا أمراً ما، فهو أن ذلك الاضطراب يمكن أن ينتشر بطرقٍ من الصعب التنبؤ بها حتى لو كنت تعتقد أنك تعرف ما يجري حولك! نعم، ولكن ما حدث في عام 2008 كان من نوع العاصفة التي تحدث مرة واحدة في القرن فإن كنت تعتقد أن العاصفة الكبيرة وشيكة، فإن معظم الوقت ستنقلب إلى رجل مخطئ.